البساتينُ مخبأةٌ في تجاعيد النعاس،
ولولاها لما تقاطر البنُّ في ذاكرة الفنجان.
استقمْ أمام رجفة النوافذ،
اصدح عالياً لذلك الوادي السحيق،
واختر النارَ التي تجدلُ ضفائرها تحت قدميك.
معها، اهبط إلى الغيم وتناولْ قهوتك برفق.
ليست للقطف هذه الوردة،
إنها للقطيف العفيف،
فهل يا ترى قالوا لها؟
تعال إليها،
معتقةً برمال البتراء،
مخضبة بشفاه الجنوب البهي،
تعال إليها كما كنت دوماً،
مصطحباً صناديق البريد التي تبخترتْ بالزغارد.
تعال.
دعها تتذكر مستقبلها،
دعها في اختبار الوقت،
فالتجربة تمنحها الحب وعذابه.
فهي البريد والرسائل والأجنحة والريح.
تتذكر بأنها عذَّبتِ البحرَ،
وآوتْ إلى جبلٍ لم يعصمها من الملح،
وأنكَ لم تستوِ إلاّ على جيدها.
استل بقيَتها من غمدِ هربه كي يقتل الغربان التي وشمتْ مخبأه.
تلا تاريخَ الطرائد على نبض الجدران القرمزية المتواطئة،
فصد الدم الأبيض،
غسل به احمرار صوته،
وازرقاق سعاله،
ثم استعد للحديث.
* قال:
* كنت أنا الجاني، مررتُ بنقشها الجاف على هواء عمرتها اليانعة. حييتُ مقامها قبل أن أطوفَ بأحجارها، ثم سعيتُ لجبالها لأحشرجها بخشوع وداعي.
تهدج انتظاري إلى أن سالَ من هضبة مشيتها خدرٌ أغواني.
قطعتُ صلاتي، فنزفتْ حتى الصوت، ثم تدحرجتْ معها إلى القارعة.
وكانت تلك ساعة ارتطامنا بالحقيقة النائمة،
وأظننا استيقظنا على نداء ناي.
* لماذا تستيقظُ الحواس؟
* ألتلتهم أعوادَ النار التي نصبْناها فرحاً بالعابرين من جنة الأشرعة؟
يشحن حقائبه بالأحلام،
مستعجلا العودة إلى منابع الماء. لا ليله ليل ولا نهاره نهار. لحواسه طبيعة العطاء ولا يأخذ سوى شذرات الشوق المتهدل كأجنحة. انظروا إليه متاحاً لأكثر الأسفار غموضاً.
جريرتك ليست جناية، تضع وردتك قي كأسها، وهذا ضربٌ من تحريك الذات في الموضوع.
هل تسمّي حضورك المرعش اضطراب الرؤية، أم تجلّي رؤياك في حضرة المليكة؟