الموظفون «المدللون» في «مصرف لبنان» يحتجون على المس بمخصصاتهم

أكثر من ألف يتقاضى كل منهم راتب 16 شهراً في السنة

من إضراب موظفي مصرف لبنان أمس (الوكالة الوطنية)
من إضراب موظفي مصرف لبنان أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الموظفون «المدللون» في «مصرف لبنان» يحتجون على المس بمخصصاتهم

من إضراب موظفي مصرف لبنان أمس (الوكالة الوطنية)
من إضراب موظفي مصرف لبنان أمس (الوكالة الوطنية)

لوّح موظفو «المصرف المركزي اللبناني»، أمس، بإضرابٍ، بعد غد (الاثنين)، في حال المساس برواتبهم الأساسية والإضافية، بالتزامن مع الإجراءات التقشفية التي تتخذها الحكومة اللبنانية وتناقشها في موازنة عام 2019، رغم أن هذا الإضراب لا تترتب عليه أي مخاطر على القطاع المصرفي أو التداول المالي.
ولا يخضع مصرف لبنان لموازنة الدولة، بالنظر إلى أن له أنظمته الداخلية وموازنته الخاصة، وسرت معلومات عن إجراءات ستطال الرواتب الإضافية التي يتقاضاها موظفو المصرف، البالغة 4 رواتب إضافية سنوياً، وهو ما دفعهم أمس للتظاهر «منعاً للمس برواتبهم ورواتب عائلاتهم».
وينطلق الاعتراض التحذيري من أن الموظفين لم يستفيدوا من سلسلة الرتب والرواتب التي استفاد منها القطاع العام، وذلك لأن ميزانية مصرف لبنان مستقلة عن ميزانية الدولة، وعليه تظاهروا رفضاً للمسّ بالأشهر الأساسية والإضافية التي يتقاضاها موظفو المصرف، المستحقة لهم بموجب القانون الذي ينظم عمل مصرف لبنان. وأعلن الموظفون أنه إذا «أُقرّت الموازنة كما هي وكانت فيها البنود المتعلقة برواتب مصرف لبنان أو بالتقديمات الملحقة برواتبهم سيبدأون الإضراب المفتوح من الاثنين، علماً بأن غداً يوم إضراب أيضاً لمصرف لبنان».
ويستبعد خبراء أن تكون للإضراب تداعيات على الاقتصاد اللبناني أو التداول المالي. ويقول الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة إن مصرف لبنان «مؤسسة تدير المخاطر على مدار الساعة، ليس فقط مخاطر المصرف المركزي بل أيضاً مخاطر القطاع المصرفي ككل، وهي تقيّم بشكل مستمر مخاطر الاقتصاد اللبناني والمالية العامة»، مشدداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا خسائر لمصرف لبنان من هذه الناحية، وأكثر ما قد ينتج عن أي إضراب هو بعض التأخير في بعض العمليات».
وأوضح عجاقة أن مصرف لبنان «يمتلك فرق (كوماندوز) جاهزة للتدخل في حال حصل أي طارئ، انطلاقاً من أنه مسؤول عن مستقبل البلاد والنقد الوطني، ولن يسمح بأن يحصل أي تأخير بعمليات تخص النقد الوطني أو المقاصة»، مشيراً إلى أن هناك خطة دائمة تسمى business continuity plan»»، وهي خطة مفروضة على كل المصارف اللبنانية وليس المصرف المركزي وحده منعاً لأن يكون هناك أي تأثير لأي طارئ على العمليات المالية، وبالتالي فهذا القطاع محصن ضد أي إجراء طارئ»، لافتاً إلى أن أقصى ما يمكن أن يحصل في حال الإضراب هو «تأخير بالمعاملات الإدارية وليس المالية».
ويعترض موظفو المصرف المركزي على احتمال إيقاف الرواتب الإضافية، البالغة أربعة رواتب شهرية سنوياً، بحيث يتقاضون 16 شهراً في السنة، وهو تقليد معمول به في المصارف اللبنانية كافة، وينسحب على المصارف التجارية أيضاً، كما أن هناك تقليداً يقضي بزيادة رواتبهم 3 في المائة سنوياً لامتصاص التضخم.
وقالت مصادر قريبة من القطاع المصرفي في لبنان إن موظفي مصرف لبنان «لهم سلسلة رواتب مستقلة، كون المصرف، رغم أنه مؤسسة عامة، إلا أن أمواله هي أموال الدولة والمصارف والمودعين، ويحقق أرباحه من العمليات المالية التي يقوم بها، مثل التحويلات والمقاصة وغيرها، يربحها المصرف ويدفع للموظفين منها». إضافة إلى ذلك «يمتلك المصرف المركزي محفظة مالية خاصة تمكنه من القيام باستثمارات مثل إقراض الدولة اللبنانية لقاء فوائد، فيما تأخذ الدولة اللبنانية ضريبة من أرباحه تبلغ 50 في المائة وترتفع إلى 80 في المائة».
ويُعدّ موظفو المصرف المركزي من الموظفين الذين يحظون بتسهيلات وتقديمات وحوافز مهمة، فضلاً عن أن رواتبهم مرتفعة نسبياً بالنظر إلى أن أنهم يتقاضون رواتب 16 شهراً في السنة». وتتراوح أعدادهم في حدود 850 موظفاً، بحسب ما تقول مصادر مصرفية، وأكثر من ألف موظف بحسب تقديرات مصادر سياسية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تتراوح رواتبهم الشهرية الثابتة بين مليون و800 ألف ليرة (1200 دولار) و25 مليون ليرة وهو راتب حاكم المصرف رياض سلامة.
وتقول المصادر المصرفية إن «الدلال الذي يحظى به الموظفون ليس وليد الرواتب فقط، بل الحوافز»، مؤكدة أن الموظفين يحصلون على قروض بفوائد متدنية جداً، وتصل، حسب راتب الموظف، إلى 800 مليون ليرة (530 ألف دولار)، شرط أن تساوي الدفعة الشهرية ثلث الراتب الأساسي، كما يحصلون على تقديمات اجتماعية وحوافز أخرى، مثل بدل تعليم وطبابة وتنقلات وسفر.
وتشير المصادر إلى أن نواب الحاكم الأربعة يتم تعيينهم، وتصل تعويضاتهم إلى أرقام مرتفعة تتخطى الـ300 ألف دولار، بالنظر إلى أن القانون يحظر عليه العمل بالقطاع المصرفي لمدة عامين بعد انتهاء ولايته، علماً بأن هذا القرار بالتعويض «يتخذه المجلس المركزي وليس قراراً يتخذه الحاكم بمفرده». وقالت المصادر إن نواب الحاكم يحصلون على تقديمات مرتفعة مختلفة عن المخصصات العائدة للموظفين «كي لا يكونوا عرضة للفساد كونهم يعملون في منصب حساس».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».