موسكو تعلن صد هجمات على قاعدة حميميم

TT

موسكو تعلن صد هجمات على قاعدة حميميم

أعلنت موسكو أن القاعدة العسكرية الروسية في حميميم، قرب اللاذقية، تعرضت لهجوم جديد أول من أمس، انطلق من منطقة في محافظة حماة. ونبهت إلى تصاعد وتيرة استهداف القاعدة الروسية خلال الأسابيع الأخيرة، محملة الفصائل المسلحة في مدينة إدلب ومحيطها المسؤولية عن الجزء الأعظم منها.
وأفاد مدير «مركز حميميم للمصالحة»، فيكتور كوبتشيشين، في إيجاز صحافي أمس، بأن القدرات الدفاعية في القاعدة نجحت في صد الهجوم الذي لم يسفر عن وقوع خسائر.
وأوضح أن «عناصر التشكيلات المسلحة غير الشرعية المتمركزة في منطقة بلدة قلعة المضيق (محافظة حماة) شنت هجوماً جديداً باستخدام راجمات صواريخ»؛ لكن دفاعات القاعدة أسقطت الصواريخ قبل بلوغ أهدافها.
وذكر كوبتشيشين أن الهجوم الجديد شكل استمراراً لتصعيد المجموعات المسلحة نوعية وعدد هجماتها على القاعدة، وأفاد بأن المسلحين حاولوا منذ أوائل أبريل (نيسان) الماضي استهداف قاعدة حميميم ومواقع القوات السورية في اللاذقية 12 مرة، بواسطة طائرات مسيرة وراجمات صواريخ، مشيراً إلى أنه تم صد كل الهجمات.
وربطت وسائل إعلام روسية بين زيادة وتيرة إعلانات وزارة الدفاع عن تعرض قاعدة حميميم إلى هجمات، والتصعيد العسكري المتواصل منذ أكثر من أسبوع حول إدلب. ولفتت إلى أن موسكو كانت قد أعلنت أكثر من مرة في السابق أنها لن تسمح باستمرار تنفيذ هجمات على مواقعها وعلى المواقع الحكومية السورية، في محيط محافظة اللاذقية، ما يعني أن تصاعد الهجمات بات يوفر ذرائع لتوسيع النشاط العسكري الهادف إلى شل قدرة الفصائل المسلحة في إدلب على توجيه ضربات إلى المناطق المحيطة.
اللافت أن مصادر عسكرية روسية سربت أخيراً لوسائل الإعلام معطيات، عن حصول فصائل مسلحة في إدلب على راجمات صاروخية حديثة، يصل مداها إلى ما بين 60 و100 كيلومتر، ووجهت أصابع الاتهام إلى تركيا بنقل هذا الأسلحة إلى المدينة، في إطار مساعيها لمحاصرة إمكانية شن هجوم واسع عليها.
في غضون ذلك، أعلن «المركز الروسي للمصالحة» في سوريا، أن أكثر من 1.3 ألف شخص غادروا أول من أمس مخيم الركبان للنازحين، إلى مناطق تسيطر عليها السلطات السورية. وكانت موسكو قد أعلنت أنها بدأت نشاطاً مكثفاً بالتعاون مع السلطات السورية لتنشيط عمليات الخروج من المخيم الذي يقع قرب الحدود الأردنية، وخصوصاً بعدما رفضت الولايات المتحدة تلبية دعوات لمناقشة ملف تفكيك المخيم، وإخراج نحو 50 ألف نازح منه.
وأشار فيكتور كوبتشيشين أمس، إلى أن 1379 شخصاً إضافياً تمكنوا من مغادرة مخيم الركبان، يوم 1 مايو (أيار) الجاري، عبر ممر جليغم.
وقال إن النازحين تلقوا الخدمات الطبية اللازمة، وتم تزويدهم بالمستلزمات الأولية والمواد الغذائية، مشيراً إلى أن العدد الإجمالي للنازحين الذين تمكنوا من مغادرة المخيم منذ فتح ممر جليغم إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة دمشق، وصل إلى 9185.
وبحسب كوبتشيشين، فإن السلطات الأميركية تواصل «احتجاز النازحين في المخيم، الذي يتدهور الوضع الإنساني فيه باستمرار». في حين تتهم واشنطن موسكو ودمشق بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المخيم.
وبرزت مشكلة مخيم الركبان في منطقة التنف الحدودية بين سوريا والأردن في عام 2014، بعد أن أغلقت السلطات الأردنية الحدود بين البلدين لاعتبارات أمنية. وتقع المنطقة المحيطة بالمخيم تحت سيطرة مجموعات مسلحة مناهضة للسلطات السورية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.