العبادي يواجه وضعا صعبا في ملاقاة المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة

مرجعية النجف تيقنت أن المالكي هو السبب في النكسة التي حدثت بالموصل

رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي يتحدث في أول مؤتمر صحافي له بعد ترشيحه (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي يتحدث في أول مؤتمر صحافي له بعد ترشيحه (أ.ف.ب)
TT

العبادي يواجه وضعا صعبا في ملاقاة المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة

رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي يتحدث في أول مؤتمر صحافي له بعد ترشيحه (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي يتحدث في أول مؤتمر صحافي له بعد ترشيحه (أ.ف.ب)

يبدو رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي في وضع لا يحسد عليه لا سيما مع بدء العد التنازلي للمهلة الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة. التأييد الإقليمي والدولي بالإضافة إلى التأييد الداخلي الذي حظي به تحول الآن إلى سيف مسلط على رقبته بعكس سلفه نوري المالكي الذي ناور طوال عشرة شهور عام 2010 حتى شكل حكومة لم تكتمل حتى نهاية دورتها. تلك الحكومة التي بقيت تفتقر إلى أهم وزاراتها وهي الأمنية (الدفاع والداخلية والأمن الوطني). كما أن اتفاقية أربيل التي تشكلت بها حكومة المالكي أتاحت له فرصة جيدة للمناورة طوال سنتين تقريبا عندما بدأت القوى التي وقعت معه على اتفاقية تشكيل الحكومة عبر أبرز ممثليها وهم زعيم إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تشعر أن المالكي بدأ يتنصل عما وقع عليه من تفاهمات واتفاقيات. وفي صيف عام 2012 حاولت هذه التيارات تقديم مشروع لسحب الثقة عنه داخل البرلمان لكن ضغوطا مورست على الرئيس العراقي السابق جلال طالباني من قبل إيران مثلما قال زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي نقلا عن طالباني نفسه حالت دون قيام طالباني بترويج الطلب داخل البرلمان.
والتأييد الذي كان يحظى به المالكي طوال تلك الفترة من دورته الثانية من قبل كل من إيران والولايات المتحدة الأميركية حال دون إحداث أي تغيير حتى بدأت التداعيات تأخذ مدى آخر لا سيما مع بدء المظاهرات في المحافظات الغربية التي لم يتعامل معها المالكي بالطريقة التي كان يمكن ألا تؤدي إلى تدهور الأوضاع إلى حد احتلال نحو ثلاث محافظات عراقية اثنتان منها (الموصل وصلاح الدين) بالكامل.
المتغيرات التي حصلت في الساحة السياسية العراقية بعد نكسة الموصل يلخصها رجل الدين الشيعي والأكاديمي عبد الحسين الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» تتلخص في أن «المرجعية العليا في النجف ومن بعدها إيران تيقنت أن المالكي هو السبب المباشر فيما جرى»، مبينا أن «فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها المرجع الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني تصورها المالكي أنها جاءت بمثابة حبل إنقاذ مجاني له بينما كانت بعكس ذلك تماما».
ويضيف الساعدي المقرب من الحوزة الدينية في النجف أن «ما تلا الفتوى وهي التعليمات التي كانت تصدرها المرجعية كل جمعة عبر ممثليها في صلاة الجمعة بكربلاء كانت مثلّت عدا تصاعديا من قبل المرجعية باتجاه الضغط على المالكي مطالبة إياه بالتلميح في المرات الأولى بالتنحي ولكنها فيما بعد بدأت تشير إلى الأمر بشكل شبه واضح تقريبا حتى اضطر حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي نفسه إلى نشر الموقف الصريح للسيستاني بتغيير المالكي». وردا على سؤال بشأن حقيقة الدور الإيراني قال الساعدي إن «إيران أدركت مثل المرجعية أن المالكي لم يعد رجل المرحلة وبالتالي رمت الكرة في ملعب السيستاني ليقرر ما يقرره وهي ستوافق على ما يقول وهذا ما حصل بالفعل». أميركيا وبعد أن أدركت واشنطن أن المالكي لم يعد قادرا على تقديم الضمانات الكافية للمصالح الأميركية - والكلام للساعدي - تحركت واشنطن باتجاه الضغط عليه من زاويتين الأولى دعم الأكراد بطريقة استثنائية وكذلك دعم مطالب العرب السنة وهو ما يعني أن إدارة أوباما أدارت ظهرها له تماما وهو ما جعله يفقد تأييده ليس في الشارع الشيعي فقط بل حتى داخل الحزب الذي يتزعمه الدعوة وهي أكبر انتكاسة تعرض لها.
ولكن قيادات حزب الدعوة التاريخية سعت إلى الحفاظ على وحدة الحزب بتصوير تنحي المالكي على أنه تنازل منه. وبالقدر الذي بدا فيه التأييد الذي حصل عليه خلفه حيدر العبادي وكأنه إسناد غير مسبوق فإن الأمور بدأت تتكشف الآن ومع بدء العد التنازلي للمهلة الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة التي تنتهي في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل فإن ما حصل عليه العبادي من تأييد إنما كان ضريبة يتوجب عليه دفعها كجزء من تركة المالكي الثقيلة له.
الضغط الأميركي وطبقا لما أعلنه الرئيس باراك أوباما أول من أمس على صعيد الضغط لتشكيل الحكومة بات يترجم في الأوساط العراقية على أنه بمثابة تأييد للمطالب الكردية والسنية. تلك المطالب التي باتت تقلق حتى خصوم المالكي الأقوياء داخل التحالف الشيعي وهما زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اللذين دعيا السنة والأكراد إلى خفض سقف مطالبهما باعتبار أن المطلوب الآن هو العمل على إنجاح مهمة العبادي ومن ثم مناقشة المطالب. الأكراد والسنة واستنادا إلى المراقبين السياسيين في العاصمة العراقية بغداد لم يتعرضا إلى أي ضغوط أميركية خارج سياق ما يعدانه حقوقا وهو ما بات يجعلهما في وضع يسعيان خلاله إلى الحصول على أكبر قدر من التنازلات من العبادي والتحالف الوطني.
القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي وعضو البرلمان العراقي محمد اللكاش أبلغ «الشرق الأوسط» أن «هناك من بات يعمل على إفشال مهمة العبادي والعودة إلى المربع الأول»، مبينا أن «الحل يقتضي أن نعمل على إنجاح تشكيل الحكومة لأن الواقعية السياسية تقتضي ذلك خصوصا أن هناك الكثير من الحقوق والمطالب لا شأن للعبادي بها لأنها تتصل بالدستور والخلافات داخل الكتل السياسية»، عادا أن «الفرصة الوحيدة المتاحة الآن أمام الجميع هي تقديم أسماء الوزراء لشغل الحقائب ومن ثم العمل سوية على مناقشة كل المطالب الأخرى». الأكراد والسنة لا يريدون أن يلدغوا من نفس الجحر مرتين. القيادي في تحالف القوى السنية محمد الخالدي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «من يقول إننا نريد أن نستثمر الضغط الإقليمي والدولي فإنه غلطان لأن ما نريده هو استحقاقات طبيعية وكلها دستورية وقابلة للتنفيذ ولو لم تكن كذلك لما حظيت بكل هذا التأييد».
ويضيف الخالدي «إن على الجميع أن يدركوا أنه ما كان للعبادي أو غيره الحصول على كل هذا الدعم لو لم يدرك العالم كله حجم المآسي التي خلفها المالكي وكم هي عادلة مطالبنا».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.