«حوثنة» التعليم العالي في اليمن... فساد وتمويل للمجهود الانقلابي

أكاديميون لـ «الشرق الأوسط»: الميليشيات تتحكم في المساقات الدراسية والتسجيل والفعاليات

يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

«حوثنة» التعليم العالي في اليمن... فساد وتمويل للمجهود الانقلابي

يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (أ.ف.ب)

تتردد يسرى ناصر رفقة أمها الطاعنة في السن على وزارة التعليم العالي الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي في صنعاء منذ ثلاثة أشهر من أجل الحصول على توجيه لاستكمال دراستها الجامعية، لكنها اصطدمت بصلف المسؤولين الحوثيين.
تقول يسرى لـ«الشرق الأوسط»: «أوقفت دراستي بالجامعة لمدة سنتين لظروف قاهرة، وعندما أردت العودة لإكمال دراستي قالوا لي بالجامعة لا بد من توجيه من الوزارة، وها أنذا أذرع الأرض جيئة وذهاباً منذ ثلاثة أشهر لمجرد السماح باستكمال دراستي وليس للحصول على منحة داخلية من المنح التي باتت لأتباع الجماعة فقط».
ويوضح أكاديميون بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن «الجامعات الحكومية والخاصة الواقعة تحت قبضة الميليشيات الحوثية تعاني من ابتزاز ونهب منظم؛ إذ تتحكم الميليشيات بعملية التسجيل وإقرار المساقات الدراسية والإشراف على الأنشطة والفعاليات عبر وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات».
وأوجدت هيمنة الميليشيات على الجامعات - بحسب الأكاديميين - حالة من التلاعب «ساهمت في انتشار الوساطات والمحسوبيات وزيادة الضغوط الاجتماعية، ونهب المال العام وابتزاز الجامعات الخاصة بإتاوات دون وجه حق واستغلال العملية التعليمية برمتها لخدمة الميليشيات».
ويؤكد عيبان القدسي، في مالية الوزارة «أن إيرادات وزارة التعليم العالي تزيد على خمسة مليارات ريال يمني (الدولار يساوي نحو 500 ريال) من الجامعات الحكومية والخاصة والتي تزيد على 20 جامعة، في حين تبلغ الإيرادات من جامعة صنعاء وحدها فقط ثلاثة مليارات ريال في السنة ما بين رسوم امتحان قبول، ورسوم تسجيل وقيمة البطاقة، وكذلك رسوم المسجلين في نظام التعليم الموازي التي تدفع بالعملة الصعبة».
وتضم جامعة صنعاء على سبيل المثال أكثر من 124 تخصصاً، وهي تخصصات متوزعة في 14 كلية في المقر الرئيسي بصنعاء، و10 كليات فرعية، ويصل عدد الطلاب فيها إلى 150 ألف طالب وطالبة.
ويستغرب محمد الشرفي، وهو موظف في رئاسة الجامعة، من عدم صرف جماعة الحوثي رواتب الأكاديميين في الوقت الذي يبلغ دخل الوزارة من الجامعات الحكومية مليارات الريالات، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إيرادات الجامعة تكفي لتغطية رواتب الهيئة التدريسية والموظفين، لكن نفاجأ بعدم صرفها، وحتى النفقات التشغيلية تم إيقافها، فأين يذهبون بكل هذه الأموال؟!».
ويفرض مركز تقنية المعلومات (البوابة الإلكترونية) الخاضعة للميليشيات في صنعاء على كل طالب 1000 ريال رسوم تسجيل لكل عام جديد، وكذلك 500 ريال لمجلس الاعتماد الأكاديمي على كل طالب في كل عام، إلى جانب الرسوم المعتمدة.
ويقول قاسم سرور، وهو موظف في نيابة شؤون الطلاب بجامعة أروى: «لا تعترف الوزارة بالرسوم التي تدفع لمركز المعلومات (البوابة الإلكترونية)، ولا تريد التعامل بها وتريد التسجيل يدوياً، وتفرض رسوم قيمة استمارة تسجيل بألف ريال على كل طالب، والاستمارة تعتبر خاصة بالوزارة».
ويضيف سرور: «قامت الوزارة التابعة للانقلابيين بإخضاع الجامعات الخاصة عبر التهديد بسحب الترخيص، كما تطلب مبالغ مالية إلى جانب فرض توظيف 5 في المائة من الكادر بالجامعة من الميليشيات».
من جهته، يؤكد إسماعيل السنافي، وهو مسؤول مالي بجامعة أروى «أن المبالغ التي تقوم بصرفها الجامعات للوزارة في متابعة وتسهيلات للمعاملات هي أضعاف مبالغ الرسوم الرسمية التي تدفع للوزارة».
ويسترسل السنافي: «فرضت ميليشيات الحوثي الانقلابية تخصيص المنح الدراسية الداخلية لأبناء وبنات القيادات السلالية مجاناً، علاوة على فرض مبالغ مالية كبيرة دعماً لمجهودها الحربي».
أمين السياغي، الموظف بجامعة العلوم الحديثة، يقول: «تفرض الوزارة الحوثية على الجامعات منحاً مجانية إلى جانب فرضها 5 في المائة من المنح المعتمدة لموظفي الوزارة، ومع ذلك لا يتم الالتزام بالنسبة المقررة، بل يتم فرض أكثر من 35 في المائة من الطلاب منحاً، ويتم احتسابهم من الطاقة الاستيعابية المعتمدة للجامعة في الوزارة».
ويضيف السياغي: «لا نستطيع أن نأخذ من الطلبة الحوثيين رسوم الوزارة أو البوابة الإلكترونية أو رسوم الاعتماد الأكاديمي، وقد تم إرسالهم إلينا بمنح تحت مسميات عدة، منها المجاهدون أو أبناء الشهداء أو النازحون».
ويرى الدكتور محمد إسحاق «أن هذا الابتزاز من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية أدى إلى تحويل أعلى هرم تعليمي (الجامعات) بمختلف تخصصاتها إلى منصات طائفية ومكان لأساليب النهب وللحشد والتعبئة إلى الجبهات عبر جماعات طلابية ومشرفين ودكاترة، من السلالة تفرضهم الميليشيات».
ووفق إسحاق «تلزم ميليشيات الحوثي الجامعات اليمنية بإدخال مواد تعليمية جديدة وتدرسيها في جميع الكليات والجامعات الخاضعة لسيطرتها مثل مقرر (الثقافة الإسلامية) المعدل طائفياً، ومواد تربوية وأخرى تاريخية وأدبية تمحو وتزيف كل تاريخ القرن العشرين، حيث تتضمن مواد فكرية ومنهجية حوثية مستوردة من إيران».
وينتقد عبد الله القيسي، موظف في العلاقات العامة برئاسة جامعة صنعاء، ما وصلت إليه حال الجامعة قائلاً: «يواجه الدكتور أو الموظف الجامعي القمع والاعتداءات والملاحقات وقطع الراتب، وصولاً إلى الاختطاف أو القتل في حالة اعترض على بعض الممارسات أو طالب براتبه».
ويضيف القيسي: «كذلك هو وضع الطالب الجامعي فنصيبه من الانتهاكات الحوثية لا يقل عن المدرس؛ إذ تعرض العشرات منهم إلى الضرب والملاحقات والتحقيقات، والاختطافات للطلاب والطالبات على السواء».
وفي ظاهرة مخزية تتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني، تعرض سكن الطالبات التابع لجامعة صنعاء إلى اقتحامات عدة من قبل (نسوة الميليشيات الانقلابية)، وقمن بتفتيش غرف الطالبات والعبث بأغراضهن الشخصية، وتهديدهن بالاختطاف في حال قمن بأي انتقاد.
ويوضح الدكتور سامي الشوافي «تتعامل ميليشيات الحوثي الانقلابية مع الجامعات الحكومية بإقصاء الكوادر الوطنية في قيادة الجامعات والكليات ورؤساء الأقسام وجميع الموظفين في المواقع المهمة بآخرين من أتباعها».
ويكشف عامر يحيى، المعيد بكلية التربية «تعمد الميليشيات الحوثية في الجامعات الحكومية إلى التحكم في كونترول الكلية، وممارسة التزوير في نتائج الطلبة الراسبين من عناصرها».
ويضيف يحيى «تم تغيير المسؤولين الماليين والمحصلين في كل الكليات، واستبدالهم بأشخاص من جماعة الحوثي حتى لو كان غير موظف في الجامعة؛ إذ يورد كل ما يتم تحصيله إلى الميليشيات وتحصيل أموال من الطلبة تحت اسم أنشطة ومساهمات ومشاركة، وتحصيلها بسندات مزورة». ويردف «قامت جماعة الحوثي بتغيير أسماء القاعات إلى أسماء مقاتليهم وقادتهم السلاليين».
وكان قد صرح حسين حازب، المعين من قبل الميليشيات وزيراً للتعليم العالي، لوسائل إعلام محلية الشهر الماضي (أبريل/نيسان)، بأن بعض الجامعات الأهلية عمرها أكثر من 20 سنة ولا يوجد لديها تصريح قانوني ولم ترتب أوضاعها، وتوعد بأنه لن يتم الاعتراف بها ولا بوثائق مخرجاتها، في تلميح لعملية ابتزاز قادمة سوف تتم عبر مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي الخاضع للجماعة.
ويصف حسن الرضي، وهو موظف في جامعة صنعاء، إعلان الميليشيات الحوثية اعتماد 2020 عاماً للاعتماد العالمي للشهادات الجامعية، بأنه إعلان أجوف هدفه استغلال التعليم العالي والطالب والعملية التعليمية برمتها، وإيجاد مصادر مالية للجماعة تدعم بها المجهود الحربي وتمول أنشطتها الطائفية.
ويشير محمد الشرع، وهو موظف بجامعة المستقبل، إلى معاناة الجامعات الخاصة من الوزارة الحوثية، بقوله «نحن نعاني من الوزارة؛ إذ يولد الصراع والانقسام الحاصل بين المسؤولين الحوثيين ازدواجية في القرارات والتوجيهات حتى وصل الأمر إلى أن الجامعات الأهلية تتلقى قرارين وتوجيهين، كل واحد يناقض الآخر وينفيه فنصاب بالحيرة».
وعند فتح تخصص جديد في الجامعات الأهلية تقول الدكتورة أسماء المغلس «يصدر الوزير الحوثي قراراً بفتح تخصصات جديدة لبعض الجامعات بعد استكمال الإجراءات القانونية ونزول لجان للتقييم والموافقة وتسديد الرسوم المستحقة لذلك، لكن نفاجأ بأن الوكيل الحوثي في الوزارة نفسها يرفض الإجراء ويلغي القرار».
وينفي حامد العودي وجود أي إدارة مؤهلة بوزارة التعليم الحوثية تلبي متطلبات واحتياجات الجامعات حتى بأقل المعايير. ويقول: «توجد شهية مفتوحة لابتزاز الجامعات ونهبها»، ويسترسل العودي: «تعاني الجامعات الخاصة من انتهازية الوزارة؛ إذ تكلف لجاناً للنزول كل شهر للجامعات، ولا يوجد مبرر قانوني لهذه اللجان وكل فترة تحت أي مسمى حتى أصبحت الجامعات الخاصة لا تبحث عن التطوير العلمي والجودة، وإنما عن رضا الوزارة الحوثية والنافذين فيها».
ويفصح مراد المقدم، وهو مندوب الجامعة اللبنانية لدى الوزارة «كل غالبية مسميات اللجان متكررة والهدف نفسه والوثائق نفسها، وتختلف مطالب كل لجنة عن تابعتها، فبعضها تستعلم عن الأنشطة والأخرى عن الطلاب الذين يحضرون ومرة يريدون مقاعد إضافية لأبناء القتلى، وكل هذه اللجان تريد مبالغ مالية».
ويضيف «مع كل هذا الابتزاز لا تستطيع الجامعة أن ترفض؛ فسيتم ابتزازها بالكثير من الأساليب منها إنزال لجان أو حذف تخصصاتها من البوابة الإلكترونية ولا تستطيع تسجيل أي طالب أو يتم إصدار قرار بإغلاقها أو التشهير بها عبر وسائل الإعلام».
أم أنور، مسؤولة الأنشطة بجامعة العلوم والتكنولوجيا للبنات، تقول: «يتم إلزام الجامعات بتحمل نفقات الأنشطة والفعاليات التي تسعى إلى حشد الطلاب، ومن ثم الدفع بهم نحو الجبهات، وتتم تسمية الفعاليات تحت شعار تطوير جودة التعليم، وتشمل ندوات فكرية وثقافية وإقامة الكثير من المحاضرات والتجمعات والمنتديات الطلابية».
وتتهم الجامعة التي لا ترعى أنشطة الميليشيات - وفق أم أنور - بأنها «تمارس أنشطة مشبوهة في الداخل لتدريس الفكر التكفيري».
ويقول سيف الطيب، أحد موظفي وزارة التعليم العالي: «إن معايير تصنيف معايير الجودة قائمة على مقدار المال الذي تدفع الجامعة إما للوزارة أو لدعم المجهود الحربي، بالإضافة إلى احتساب عدد الملتحقين بالجبهات من هذه الجامعة وعدد الشهداء في الجامعة، سواء أكانوا طلاباً أو مدرسين، إلى جانب حجم الأنشطة التي تسخّرها الجامعة لعملية حشد الطلاب».
ويؤكد ناصر حميد، موظف بكلية الآداب «أن الحوثي عمد لهدم التعليم؛ لأنه يعتبر العمود الفقري في داخل المجتمعات، ويريد إعادة اليمن إلى عصور الظلام والفتن والجهل لتكون مواقع سيطرة الحوثيين منطلقاً للإرهاب في كل أنحاء المعمورة، بعد أن سيطر على كل وسائل الإعلام وكمّم أفواه المنصفين ونشر أفكاره التدميرية».
ويضيف «إن سحب عملية التنسيق والقبول في الجامعات الحكومية والخاصة إلى التعليم العالي هدفه الاستحواذ على العائد من التسجيل وإيجاد قواعد بيانات ومعلومات عن جميع الطلاب المسجلين لتسهيل القبض على بعضهم واتهامهم بأنهم مرتزقة (موالون للشرعية)».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.