الحكومة تناقش الموازنة التقشفية على وقع تصعيد في الشارع

اضراب عمالي عام يشل لبنان ثلاثة ايام

عمال يتظاهرون في بيروت أمس (الوكالة الوطنية)
عمال يتظاهرون في بيروت أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة تناقش الموازنة التقشفية على وقع تصعيد في الشارع

عمال يتظاهرون في بيروت أمس (الوكالة الوطنية)
عمال يتظاهرون في بيروت أمس (الوكالة الوطنية)

يستكمل مجلس الوزراء اللبناني اليوم مناقشة البنود المتعلقة بالموازنة العامة للعام 2019، على وقع اضراب عام يشمل البلاد اليوم الخميس وغدا الجمعة وبعده السبت، وهي المواعيد التي تسبق انتهاء الحكومة من مناقشة الموازنة واقرارها تمهيدا لاحالتها الى مجلس النواب، وذلك استباقاً لأي خطوة تقشفية تطال رواتب العاملين في القطاع العام.
ومنذ الثلاثاء، وبالتزامن مع بدء الحكومة مناقشة بنود الموازنة، بدأت التحركات المطلبية في الشارع، رغم تطمينات مسؤولين ورسميين بأن الاجراءات لن تطال ذوي الدخل المحدود والمتوسط، فخرج العسكريون المتقاعدون واقفلوا مرافق حيوية، فيما تشهد البلاد اليوم اضراباً عاماً وإقفالاً تاماً في جميع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، يستمر حتى السبت، قبل أن تعقد النقابات جمعية عمومية موسعة الاثنين في مقر الاتحاد العمالي لمتابعة التطورات.
وترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس في السراي الحكومي جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمتابعة ناقشة مشروع الموازنة العامة. وأكد وزير الإعلام جمال الجراح أن «كل ما أشيع في وسائل الإعلام حول المس بالرواتب لا أساس له من الصحة»، مشدداً على أن «مجلس الوزراء لم يصل إلى النقاش في هذه الأمور، كما أنه من المستبعد أن تطالها التخفيضات».
وفي تصريح له بعد الجلسة، لفت الجراح إلى أن هناك إجماعاً على إقرار الموازنة في أقرب وقت، بالإَضافة إلى تخفيض العجز وتحفيز النمو. وشدد على أن النقاش في مجلس الوزراء جدي وعميق، مشيراً إلى البدء في صياغة أفكار مهمة لتحفيز النمو وضبط الإنفاق، كاشفاً أنه تم إقرار بعض البنود وغداً سيستكمل النقاش، كما ستكون هناك جلسات في الاسبوع المقبل.
واكد الجراح ان «الرئيس الحريري يعمل حتى يوم الأحد لإقرار الموازنة»، مشدداً على ان هناك اصرار من قبل دولة الرئيس للانتهاء من الموازنة وتحويلها الى المجلس النيابي». وكان وزير الدفاع الياس بو صعب أكد بعد مغادرته جلسة مجلس الوزراء أن «النقاش جدي ومهني»، فيما صرح الوزير فنيش ان «اجواء الجلسة ممتازة».
وقبيل دخوله الى السراي الحكومي، قال وزير المال علي حسن خليل: «كنت أتمنى ان نستمر على الأجواء الايجابية التي عكست بالامس على طاولة مجلس الوزراء والتي أبديت خلالها وبكل ايجابية استعدادي وانفتاحي لنقاش كل الامور، وكنت واضحا عندما قلت انه ليس هناك شيء مقدس في الموازنة، فهذا المشروع مطلوب حصول نقاش حوله».
وأضاف: «بالتأكيد من الممكن ان يكون هناك ثغرات، وفي رأيي هناك الكثير من الايجابيات، والإجابة على تساؤلات. هناك خطوات إصلاحية جدية، وهذا الامر عكسته بعد جلسة مجلس الوزراء أمس (الاول)». وقال ان «كل المزايدات حول موضوع الجيش والأجهزة الامنية هي في غير محلها. وقد تحدثت اكثر من مرة حول هذا الموضوع والان اكرر ذلك، بانه ليس صحيحا على الإطلاق ان هناك استهداف او مس بالجيش».
ودعا خليل «لان نتابع وندقق بالأرقام لنرى كيف اصبحت الموازنة. هناك الكثير من البنود او بعضها طرأت عليها زيادات، وفي بعض البنود حصل تخفيض في كل الادارات، مثل نفقات البنزين والمحروقات التي يطالب بها كل الناس. وهي طالت الجيش كما غيره. اما الحديث عن رواتب وأجور وتعويضات وتقاعد، كل هذا الكلام يراد منه خلق بلبلة في البلد».
وقال: «سُربَ ان هذه الموازنة لن تطال معالجة الدين العام، وهذا كلام غير صحيح، وتم الحديث ان الموازنة لن تطال الاملاك البحرية، وهذا الكلام ايضا غير صحيح. كذلك الامر بالنسبة الى ان هذه الموازنة خفضت لبعض الناس على حساب اشخاص آخرين، وأسوأ من هذا الموضوع هو محاولة نقل النقاش حول البنود المتعلقة باعتمادات الى منحى مناطقي وطائفي في بعض الاحيان».
واشار خليل الى ان «أي موازنة تدخل الى مجلس الوزراء لا تخرج كما دخلت، وكذلك الامر بالنسبة الى مجلس النواب، فلا موازنة تحال اليه وتقر كما هي». وإذ شدد على ان «لا مساس بالرواتب ولا بالتقاعد»، قال: «علينا العمل بإعادة النظر بالرواتب والتعويضات المرتفعة والإنفاق غير المبرر وبالمزايدات التي تستخدم من اجل مئة هدف وهدف».
وأكد خليل انه «لا احد يفترض انني وضعت أي بند في الموازنة من دون نقاش مع الكتل، وحتى من يسجل اعتراضات ويقدم اوراقا فهو اول من تم النقاش معه والتوافق على معظم او كل الاجراءات التي وضعت».
بدورها، أكدت رئيسة كتلة «المستقبل» النيابية النائب بهية الحريري، خلال لقاء عقدته في ثانوية رفيق الحريري في صيدا مع وفد من اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الجنوبي، «ان الإجراءات المقترحة لتمويل الموازنة لا زالت خاضعة للنقاش للوصول الى الصيغة الأمثل ضمن الإمكانات المتاحة».
وأعلنت قطاعات حيوية أمس، عن التزامها بالاضراب اليوم وغدا وبعد غد، وعقد المجلس التنفيذي لنقابة عمال وموظفي إهراءات الحبوب في مرفأ بيروت جلسة طارئة، أيد خلالها جميع القرارات التي اتخذت في الجلسة التي عقدها الاتحاد العمالي، وقرر المجلس التنفيذي الدعوة الى الاضراب أيام الخميس والجمعة والسبت وإبقاء جلساته مفتوحة، لمواكبة التطورات وانتظار ما قد يطرأ من مستجدات لاتخاذ القرارات المناسبة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.