ليبيون يربطون بين ظهور البغدادي المفاجئ ومعارك طرابلس

TT

ليبيون يربطون بين ظهور البغدادي المفاجئ ومعارك طرابلس

ربط نواب ونشطاء ليبيون بين الظهور المفاجئ لزعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، والمعارك الدائرة في محيط العاصمة طرابلس منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، بين «الجيش الوطني» والقوات التابعة لحكومة «الوفاق»، بعدما دعا أنصاره إلى «استنزاف العدو» في البلاد، ما عدّوه دليلاً على «سيطرة التنظيم على العاصمة». وفي أول إطلالة للبغدادي، حثّ أنصاره في «فيديو» بُثّ مساء أول من أمس، على مواصلة العمليات الإرهابية في جنوب ليبيا، فيما سماه «استنزاف العدو، وضربه في كل مكان». في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني»، التي سبق لها شن حملة عسكرية لتطهير مدن الجنوب المترامية في الصحراء من «الإرهابيين والمتمردين التشاديين».
وأشاد البغدادي، الذي لم يظهر للعلن منذ قرابة خمسة أعوام، باستهداف أنصاره لبلدة الفقهاء جنوب البلاد، التي قضي فيها مدنيون وعسكريون تابعون لـ«الجيش الوطني» نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم أبو بكر، إن ظهور البغدادي، المتواري عن الأعين منذ سنوات، «دليل قاطع على أن الحرب التي يخوضها (الجیش الوطني) في طرابلس هي في المقام الأول على الإرهاب».
وأضاف أبو بكر في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أن زعيم تنظيم (داعش) «أثبت بحديثه هذا أن عدو الجماعات الإرهابية الأول هو الجیش اللیبي». ومضى البغدادي يقول: «نبارك لإخوانكم في ليبيا ثباتهم وعملياتهم المباركة، ودخولهم إلى بلدة الفقهاء، وهم يعلمون أن معركتهم هي معركة استنزاف»، وطالبهم «بمزيد من استنزاف أعدائهم في مقدراتهم البشرية والعسكرية واللوجيستية، وفي كل شيء».
واستبعد مسؤول سياسي ليبي الربط بين ظهور البغدادي ومعركة طرابلس، وقال إن «الأجهزة الأمنية في طرابلس تقاوم عناصر التنظيم منذ أعوام، سواء في سرت أو العاصمة»، مشيراً إلى «توقيف أحد أفراد (داعش) مطلع الأسبوع الجاري في طرابلس». ولفت المسؤول القريب من المجلس الرئاسي، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «طرابلس اكتوت بنيران إرهاب (داعش) بتفجيره مقري وزارة الخارجية، والمفوضية العليا للانتخابات، وهي ذات العمليات الإرهابية، التي طالت أيضاً مناطق في مدينة بنغازي (شرق البلاد) على مدار العام الماضي، وتبناها التنظيم».
لكن عضو مجلس النواب سعيد أمغيب، رأى أن «داعش» الإرهابي «كان يسيطر على العاصمة سيطرة مقنعة، تحت اسم الميليشيات المسلحة، وهذا التنظيم كان مستفيداً من الأوضاع المتردية هناك»، مشيراً إلى أن عناصره تلقت الدعم المادي، وتوفير الملجأ والتنقل بين الدول بحصولها على جوازات سفر مزورة تسهّل عليهم عملية تنقلهم». وأضاف أمغيب، النائب عن مدينة الكفرة (جنوب شرق) ليبيا، أن «خروج زعيم التنظيم في هذا الوقت يؤكد أن الميليشيات المسلحة أصبحت في ساعاتها الأخيرة»، مضيفاً: «شخصياً كنت أتوقع هذا الدعم، وأعتقد أن هذه (المجموعات الإرهابية) قد ترتكب عمليات وتفجيرات داخل العاصمة، عندما تفقد الأمل في البقاء وتخسر الورقة الأخيرة». ومضي أمغيب يقول: «أجدد دعوتي لكل سكان طرابلس أن يدعموا الجيش ويساندوه حتى يتمكن سريعاً من السيطرة على العاصمة، وتأمين المواطنين، ومحاصرة كل من ينوي القيام بأي عمل إرهابي».
ما ذهب إليه أبو بكر وأمغيب، تبناه أيضاً نشطاء من (شرق البلاد)، عبر طرح أسئلة عن مغزى ظهور البغدادي الآن، في ظل تصاعد المعارك حول طرابلس، ومطالبته لأنصاره بتكثيف العمليات ضد «الجيش الوطني».
في شأن آخر، قال مقربون من عائلة الراحل العقيد محمد سويسي، مدير أمن طرابلس السابق، إن مجموعة مسلحة اقتحمت منزله في حي الغرارات شرق طرابلس، واختطفت عدداً من أفراد العائلة. ونقلت قناة (218) الليبية الإخبارية عن مصادر أن «المجموعة المسلحة اختطفت رائف ورواد نجلي سويسي، بحجة تأييدهما لـ(الجيش الوطني)، دون أدلّة على ذلك، ودون وجود أمر قبض رسمي»، لافتةً إلى أن المجموعة نفسها اقتادت أيضاً أحد أقارب عائلة سويسي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».