إسرائيل تتهم إيران بـ«تخريب» التهدئة في غزة

أبلغت «حماس» بأن الاتفاق مشروط بتبادل الأسرى... وهددت ضمناً باغتيال قادة في «الجهاد»

TT

إسرائيل تتهم إيران بـ«تخريب» التهدئة في غزة

تبادل القادة الإسرائيليون في تل أبيب وقادة حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة خطابات التهديد والوعيد من جهة، ورسائل الحوار حول التهدئة من جهة أخرى. وقالت مصادر مطلعة إن «حماس» وإسرائيل «تتقدمان على طريق التهدئة، لكنهما مختلفتان على مستواها».
واتهمت إسرائيل «الجهاد» بـ«تلقي تعليمات من إيران بإجهاض هذه التهدئة، ما عبر عنه إطلاق صاروخ بحري باتجاه الشاطئ الإسرائيلي». ونفت «الجهاد» ذلك، متهمة إسرائيل بتوجيه «تهديد مباشر باغتيال قادتها».
كانت مصادر إسرائيلية قد كشفت أن «حماس» قدمت «طلبات كبيرة» ضمن شروط التهدئة، لكن إسرائيل ردت عليها قائلة إنها لا تقبل بتهدئة عميقة طويلة المدى قبل أن يتم إطلاق سراح أسراها في قطاع غزة، وبينهم جنديان يرجح أنهما ميتان، إضافة إلى 3 مواطنين إسرائيليين كانوا قد دخلوا غزة بإرادتهم.
وقدمت «حماس» قائمة مطالب أخرى أكثر تواضعاً، تتضمن توسيع نطاق مساحة الصيد من 12 إلى 15 ميلاً، وإكمال مشروع البنية التحتية للكهرباء الخاضع للتمويل القطري، وزيادة حجم الشاحنات عند المعابر، وتوسيع الصادرات الفلسطينية، ودخول فرق ومعدات طبية، والسماح بإقامة مشاريع بنيوية تتيح خلق وظائف في قطاع غزة، وتدعيم موازنة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، وزيادة المشاريع الإنسانية الأخرى في القطاع.
ولا تزال إسرائيل تدرس الطلبات، لكن في الوقت نفسه تم إرسال رسالة إلى «حماس»، عبر مصر، حول قضية تبادل الأسرى. وقال بارون بلوم، من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية: «لن تكون هناك مساعدات حقيقية لغزة من دون إطلاق سراح الجنود».
وفي وقت تبادلت فيه «حماس» وإسرائيل هذه الرسائل، عبر مصر، وسعت المخابرات المصرية إلى تنفيذ «أعمال صيانة يومية» للتهدئة الخفيفة المتواضعة القائمة حالياً، أعلنت إسرائيل أن صاروخاً بحرياً أطلق من قطاع غزة باتجاه الشواطئ الإسرائيلية، لكنه لم يصل إلى هدفه، بل سقط داخل نطاق المياه التابعة للقطاع. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن «حركة الجهاد الإسلامي» هي التي أطلقت الصاروخ، وإنها «كانت تهدف إلى إحباط الترتيب الذي توسطت فيه مصر بين إسرائيل و(حماس)»، معتبراً أن الإطلاق «كان بتوجيهات مباشرة من مقر الجهاد في دمشق».
وفي وقت لاحق، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً كشف فيه اسم وصورة بهاء أبو العطا، قائد «الجهاد الإسلامي» في منطقة العطاطرة (شمال القطاع)، واتهمه شخصياً بإطلاق قذيفة صاروخية نحو إسرائيل بشكل متعمد. وقال إن أبو العطا «نفذ هذا الإطلاق بتوجيهات من الأمين العام للحركة زياد النخالة». واعتبرت «الجهاد» هذا الاتهام «تهديداً مباشراً بالاغتيال»، وحذرت من «مغبة التصعيد الإعلامي الإسرائيلي ضد الحركة وقيادييها، بهدف التحضير لمواجهة عسكرية تستهدفها وتستهدف الشعب وقوى المقاومة».
وقال عضو المكتب السياسي للحركة، خالد البطش، في بيان نشر عبر الموقع الرسمي للحركة، إن «التصعيد الإعلامي الصهيوني ضد حركة (الجهاد)، وأمينها العام زياد النخالة، وقيادات ذراعها العسكري (سرايا القدس)، محاولة لاستهداف الحركة والاستفراد بها، والتحضير لمواجهة عسكرية تستهدفها، وتستهدف الشعب وقوى المقاومة»، وأضاف: «نؤكد على حقنا في امتلاك كل أسباب وأدوات القوة التي تردع العدو الصهيوني، وتضع حداً لغطرسته، كي نحمي بها شعبنا، ونحافظ على ثوابته الوطنية والدينية». وحذر من «مغبة اللعب بالنار»، مشدداً على أن حركته «تتمسك بحقها في مقاومة المحتل، حتى تنجز حق شعبنا في التحرير والعودة إلى الديار، غير ملتفتين لكل المحاولات الأميركية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».