النفط يتذبذب بين الحزم الأميركي مع إيران ومطالبة «أوبك» بزيادة الإنتاج

الأسواق تتعطش للخام الثقيل مع أزمات أبرز منتجيه

عادت أسواق النفط إلى المكاسب أمس بعد بداية منخفضة (رويترز)
عادت أسواق النفط إلى المكاسب أمس بعد بداية منخفضة (رويترز)
TT

النفط يتذبذب بين الحزم الأميركي مع إيران ومطالبة «أوبك» بزيادة الإنتاج

عادت أسواق النفط إلى المكاسب أمس بعد بداية منخفضة (رويترز)
عادت أسواق النفط إلى المكاسب أمس بعد بداية منخفضة (رويترز)

بعد أن افتتحت أسواق النفط أمس على هبوط، لتواصل انخفاضاً سجلته يوم الجمعة، أوقف ارتفاعاً امتد لأسابيع، عادت الأسعار إلى التوازن أمس معوضة أغلب خسائرها، وذلك وسط ارتباك بالأسواق على خلفية إصرار الإدارة الأميركية على وقف صادرات إيران النفطية، بدءاً من يوم غد الأربعاء، بينما يدعو الرئيس الأميركي دونالد ترمب «أوبك» لزيادة الإنتاج لتخفيف أثر العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وبحلول الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 48 سنتاً، أو 0.7 في المائة، إلى 71.67 دولار للبرميل. وخسرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 24 سنتاً، أو 0.4 في المائة، إلى 63.06 دولار.
لكن الأسعار عاودت الارتفاع لاحقاً، وفي الساعة 17:03 بتوقيت غرينتش، وصل «برنت» إلى 17.16 دولار، فيما كان خام غرب تكساس يتداول عند مستوى 63.17 دولار للبرميل.
وتراجع الخامان نحو ثلاثة في المائة في الجلسة السابقة.
وقال ترمب يوم الجمعة، إنه طلب من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن تخفض أسعار النفط. وكتب الرئيس في وقت لاحق على «تويتر»: «تحدثت مع السعودية وآخرين بشأن زيادة تدفقات النفط. الجميع موافقون».
وأطلقت تصريحات ترمب عمليات بيع، مما كبح بشكل مؤقت زيادة نسبتها 40 في المائة سجلها النفط منذ بداية العام. واكتسب الارتفاع قوة دفع في أبريل (نيسان)، بعد أن شدد ترمب العقوبات على إيران، بإنهاء جميع الاستثناءات التي منحها في وقت سابق لمشترين كبار للخام من طهران. كما تؤدي العقوبات الأميركية على فنزويلا إلى شح الإمدادات العالمية، في الوقت الذي يتسبب فيه القتال في ليبيا في كبح الإنتاج هناك أيضاً.
وشددت «أوبك» وشركاؤها، بما فيهم روسيا، مطلع يناير (كانون الثاني) اتفاقها على الحد من الإنتاج لإعادة التوازن إلى الأسواق، بعد تدهور الأسعار في نهاية 2018.
وقالت مارغريت يانغ يان، المحللة في مجموعة «سي إم سي ماركيتس» في سنغافورة، إن «أسعار النفط تراجعت بشكل واضح، الجمعة؛ لأن المستثمرين يقدرون المخاطر المرتبطة بالضغوط السياسية التي يمارسها ترمب على (أوبك) لزيادة إنتاجها النفطي من أجل خفض الأسعار». وأضافت أن «تغريدة ترمب تشكل - ربما - إنذاراً للمستثمرين الذين عليهم توقع انخفاض الأسعار لا ارتفاعها».
أما دار الوساطة «أواندا»، فترى أن هذا الانخفاض ناجم عن تصحيح تقني، قائلة إن الأسعار «بلغت مستويات عالية بسبب الأوضاع الجيوسياسية، والسؤال المطروح كان: متى سيجري تصحيح كبير، وليس ما إذا كان هذا التصحيح سيحصل». ويضيف تشديد العقوبات الأميركية المزمع على النفط الإيراني في مايو (أيار) حلقة جديدة لسلسلة كبيرة من العوامل التي تكبح المعروض العالمي من الخام الثقيل والمتوسط، مما يدفع الأسعار للارتفاع بسبب شح المعروض، ويحدث أزمة بين المشترين والبائعين.
وتأتي القيود الجديدة على الصادرات الإيرانية لتضاف إلى حظر سابق فرضته واشنطن على الخام الفنزويلي، ومعوقات في الإنتاج بأنغولا، وهي منتج كبير آخر للخام الثقيل الذي تستخرج منه منتجات مكررة عالية الربحية، مثل وقود الطائرات.
ويقول مسؤولون أميركيون، إن إجمالي إمدادات النفط العالمية سيظل وفيراً رغم العقوبات، لا سيما في ضوء الزيادة الكبيرة في النفط الصخري الأميركي؛ لكن جانباً كبيراً من الإنتاج الوفير، والذي تقوده الولايات المتحدة والسعودية وروسيا، يتركز في الخامات الخفيفة.
وقال متعاملون إن الأسعار المعروضة لكثير من أصناف الخام الأنغولي، وهو بديل قريب من الخامين الإيراني والفنزويلي، بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وفي حين يتأهب بعض العملاء للشراء بأسعار مرتفعة، يحجم آخرون عن الشراء. وقال مشترٍ محتمل: «نقاومها قدر المستطاع». والأزمة الحالية بين المشترين والبائعين ترجع في جزء منها إلى الضبابية فيما يتعلق بالقدر الذي يمكن أن يستمر به ضخ الخام الإيراني، ولا سيما الإمدادات المتجهة إلى الصين أكبر المستهلكين، بعد أول مايو، وهو الموعد النهائي الذي فرضته واشنطن على المستوردين لوقف المشتريات.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، الأسبوع الماضي، إن بكين قدمت شكوى رسمية إلى الولايات المتحدة بشأن القرار.
ويتوقع المحللون أن تتجاهل الصين القيود، خصوصاً أن واشنطن قد تتردد في معاقبة الشركات الصينية المستوردة للخام الإيراني، نظراً لكونها في الوقت ذاته مشترياً مهماً للنفط والغاز من الولايات المتحدة. وقال مصدر تجاري إن «قرارات الشراء ستصبح أسهل عندما يتضح حجم (الخام) الإيراني الذي سيستمر في التدفق».


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».