رفضت وزارة الكهرباء العراقية ما عدته مساعي من جهات وأطراف سياسية بشأن وجود تدخلات واحتكارات سياسية في استيراد الطاقة من دول الجوار. وقالت الوزارة في بيان لها أمس إن «المجلس الوزاري لشؤون الطاقة يقوم بواجبه بشكل مؤسساتي في مجال استيراد الطاقة من دول الجوار دون تدخل سياسي»، مبينة أن «المجلس يحتفظ بحقه القانوني في محاسبة من أطلق ويطلق هذه الادعاءات المغرضة، التي تهدف إلى تضليل الرأي العام، والعمل على تأجيج الشارع العراقي».
في سياق ذلك، وجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي باتخاذ سلسلة من الإجراءات السريعة بهدف الحد من أزمة الكهرباء مع دخول العقوبات الأميركية ضد إيران مطلع الشهر المقبل حيز التنفيذ في وقت لم يتضح بعد فيما إذا كان العراق سينال فترة استثناء أخرى لشراء كميات من الغاز والكهرباء الإيرانية بما يعادل 4 آلاف ميغاواط أم سيتم شموله بوقف الاستيراد وهو ما يعني مواجهته واحداً من أكثر الفصول سخونة.
وخلال اجتماع للمجلس الوزاري للطاقة، وجه عبد المهدي الوزارات والجهات المعنية بالاستمرار في إعطاء ملف الطاقة الكهربائية الأهمية القصوى. وقال بيان لمكتب عبد المهدي إنه تم «اتخاذ إجراءات استثنائية من أجل ضمان استقرار الطاقة الكهربائية وتحسين الإنتاج والتوزيع وتوفير مصادر الطاقة اللازمة لعمل المحطات والمولدات». وأضاف البيان أن «المجلس بحث استعدادات وزارة الكهرباء لفصل الصيف وموقف صيانة محطات الإنتاج وفك الاختناقات وعقود الشراكة لقطاع التوزيع، إضافة إلى بحث عروض شركة سيمنس الألمانية المتضمنة تجهيز وتنفيذ محطات كهربائية». كما استعرض المجلس «موقف تشغيل المولدات الحكومية والأهلية وأصدر عدداً من القرارات والتوجيهات باتجاه تنفيذ حلول سريعة وأخرى استراتيجية لتحسين وضع الكهرباء وبشكل مستدام».
لكن عضو البرلمان محمد الكربولي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إشكالية في ملف الكهرباء لا تنسجم مع ما أنفق من أموال طائلة طوال السنوات الماضية على هذا الملف ولا مع ما يتوقع أن نواجهه خلال الصيف المقبل». وأضاف أن «نحو 4 مليارات دولار يدفعها المواطن العراقي لأصحاب المولدات الكهربائية الأهلية، وهو ما يعني وجود مصلحة لهؤلاء في عدم تحسين ملف الكهرباء في العراق»، مضيفاً أن «هناك مافيات تسيطر على هذا الملف وتمثل واحدة من أهم عناصر الفساد التي من شأنها عرقلة مشاريع الطاقة الكهربائية في البلاد وهي مرتبطة بجهات أكبر منها».
وفي مسعى لطمأنة الشارع العراقي بشأن ملف العقوبات وفيما إذا كان العراق سيكون ضمنها بعد الثاني من شهر مايو (أيار) المقبل، أعلن وزير الكهرباء لؤي الخطيب أن «وزارة الكهرباء وصلت إلى مــراحــل مــتــقــدمــة مــن المــبــاحــثــات مــع الـسعودية والـكـويـت ودول الــجــوار، لـتـفـعـيـل الــربــط الــكــهــربــائــي المــشــتــرك». وقال الخطيب في تصريحات أمس إن «الربط مع دول الجوار سيسهم بخلق سوق واعدة بين جميع دول المنطقة».
من جهته، أكد هيبت الحلبوسي، عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان، أن «عدم استثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران سيكلفه خسائر كبيرة خلال الصيف المقبل»، مبيناً أن «العراق سيمر بأزمة حقيقية». وأوضح أن «التقديرات تشير إلى اعتمادنا على توليد 7 آلاف ميغاواط من الكهرباء من إجمالي 15 ألف، مما يعني أن العراق سيفقد نصف طاقته الإنتاجية». وأضاف الحلبوسي أن «المحطات الكهربائية تعمل على الغاز الطبيعي ولا يوجد أي وقود بديل عنها أو خطوط نقل للغاز من الدول الأخرى أو حتى في البلاد مما سيؤدي إلى توقفها بشكل تام خلال الصيف المقبل في حال عدم وجود حلول».
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ظروف العراق وطبيعة ارتباطاته مع الولايات المتحدة الأميركية على أصعدة مختلفة سياسية واقتصادية وأمنية تجعله غير قادر على مقاومة العقوبات التي يبدأ سريانها على إيران بعد الثاني من الشهر المقبل»، مبيناً أن «العلاقة هنا لا تحسب طبقاً للميزان التجاري فقط، بل هناك علاقة متينة مع الولايات المتحدة مالياً وسياسياً، حيث إن الولايات المتحدة تتولى تدريب وتجهيز القوات العراقية، فضلاً عن شراء الشركات الأميركية كميات كبيرة من النفط العراقي، فضلاً عن أنماط من الحماية الأميركية سواء للأجواء العراقية أو حتى للأموال العراقية في الخارج».
أزمة الكهرباء في العراق تدخل مرحلة التجاذب السياسي
وسط توقعات بصيف ساخن
أزمة الكهرباء في العراق تدخل مرحلة التجاذب السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة