الاستراتيجية الدفاعية على جدول أولويات عون... بعد الموازنة

مصادر الرئاسة اللبنانية تنفي تحديد موعد لإطلاق المشاورات أو آليتها

TT

الاستراتيجية الدفاعية على جدول أولويات عون... بعد الموازنة

عاد الحديث بقوة أخيراً عن موضوع الاستراتيجية الدفاعية بعد تصريحات لوزير الدفاع اللبناني إلياس بو صعب من جنوب البلاد أثارت جدلاً قبل أن يعود ليوضح موقفه ويعلن عن مبادرة قريبة سيطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجمع الفرقاء اللبنانيين على طاولة حوار لمناقشة استراتيجية الدفاع الوطني. وقال بو صعب إن عنوان الاستراتيجية هو «حصر السلاح في يد الجيش اللبناني»، مشيراً إلى أن «حزب الله» وفرقاء آخرين معنيون بهذا الأمر.
وكان عون أعلن في فبراير (شباط) 2018 أن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية التي حصلت قبل نحو عام وبعد تشكيل حكومة جديدة، وذلك رداً على أكثر من استفسار من الأمم المتحدة، تجدد عبر تقرير الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش الذي شجع عون على قيادة حوار متجدد بشأن الاستراتيجية.
وتوقف البحث في هذه الاستراتيجية مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في عام 2014، بعدما كان يتم من خلال طاولة حوار تضم الأقطاب اللبنانيين. لكن هؤلاء لم يتمكنوا خلال أكثر من 8 سنوات، من التوصل إلى أي اتفاق بخصوص مصير سلاح «حزب الله»، علماً بأنهم تفاهموا في عام 2012 على عدد من البنود بإطار ما عُرف بـ«إعلان بعبدا». ونص البند الثاني عشر في الإعلان على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية». ومع قرار «حزب الله» إرسال عناصره للقتال في سوريا، تنصل الحزب من «إعلان بعبدا»، وقال رئيس كتلته النيابية محمد رعد إن إعلان بعبدا «ولد ميتا ولم يبق منه إلا الحبر على الورق».
وتؤكد مصادر الرئاسة أن موضوع الاستراتيجية الدفاعية يندرج ضمن أولويات رئيس الجمهورية، إلا أن هناك «أولويات أكثر إلحاحاً تتم معالجتها في هذه المرحلة ليتم بعدها طرح الاستراتيجية الدفاعية في التوقيت المناسب». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن عون «كان واضحاً في هذه المسألة حين أعلن أكثر من مرة وأبلغ الأطراف الإقليمية والدولية التي كانت تستفسر عن الموضوع، أن النقاش سيُفتح بعد الانتخابات النيابية وبعد تشكيل الحكومة. إلا أن التأخير الذي حصل في عملية التشكيل ومن بعده تراكم الأولويات الملحة وأبرزها ملف الموازنة الذي يعتبر حالياً الأكثر إلحاحاً، كما ملف الكهرباء والنفايات، وهي ملفات يتم العمل على معالجتها خلال شهرين قبل انطلاق موسم الصيف، جعل إطلاق عجلة الحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية مجدداً يتأخر بعض الشيء».
وشددت المصادر على أن الملف يندرج ضمن جدول اهتمامات وأولويات الرئيس، لكنها أشارت إلى أنه حتى الساعة «لم يتم تحديد موعد لإطلاق المشاورات كما لم تتبلور الآلية التي ستعتمد وما إذا كانت ستكون على غرار طاولة الحوار التقليدية التي اعتدناها منذ عام 2006، أو أن النقاش سيفتح داخل مجلس الوزراء باعتباره يضم ممثلين عن كل الفرقاء، أو من خلال مشاورات ثنائية يجريها الرئيس عون».
ورغم إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله العام الماضي جهوزية الحزب لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، يربط بعض الخبراء بين التطورات المتسارعة في المنطقة وبين التوصل إلى نتائج جدية بخصوص مصير سلاح «حزب الله». ويرى الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في شؤون «حزب الله» قاسم قصير أن الظروف الداخلية والخارجية باتت أكثر نضوجاً مما كانت عليه في المرحلة الماضية للتوصل إلى رؤية واضحة حول الاستراتيجية الدفاعية. لكن رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» رياض قهوجي يعتبر أن «الأجواء التصعيدية في المنطقة وتمترس كل فريق وراء المحور الذي ينتمي إليه يجعل أي مسعى للنقاش بخصوص الاستراتيجية الدفاعية مجرد إدارة لربط النزاع ومحاولة لشراء وقت».
وأوضح قهوجي لـ«الشرق الأوسط» أن «أي اجتماعات ستعقد لن تتمكن من التوصل إلى نتيجة تذكر بانتظار أن يُحسم الصراع الإقليمي ويُحدد الطرف الرابح والمنهزم وأن يقر هذا الأخير بهزيمته». ولفت إلى أن المواقف التي أطلقها وزير الدفاع اللبناني أخيراً «تؤكد تبنيه الكلي، كما التيار الوطني الحر، لموقف حزب الله بخصوص سلاحه ومستقبله، علماً بأن الحزب كان واضحاً أكثر من مرة بربط مصيره بمصير عملية السلام في المنطقة».
في المقابل، يبني قصير على التحالف الذي يجمع عون بـ«حزب الله» ليتحدث عن إمكانية أكبر لوصول الحوار بخصوص الاستراتيجية الدفاعية إلى نتيجة ما، خصوصاً بعد تجارب السنوات الماضية ومشاركة الحزب في الحرب السورية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الظروف باتت مهيأة وطرح كل الأفكار متاح عند إطلاق المشاورات».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.