بيت الشعر العراقي ينتظر «فرصة دعم أخيرة»https://aawsat.com/home/article/1700856/%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1-%C2%AB%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9%C2%BB
أطلق بيت الشعر العراقي، منذ مطلع عام 2018. عدة مبادرات، من بينها أول جائزة لقصائد الأطفال دون سن الـ12 وجرى توثيقها في كتاب «نبض الكتابة» 2014. والاحتفاء بفنون أخرى تجاورت مع الشعر في فعاليّاته، مثل فنّ التشكيل والصورة الفوتوغرافية والمسرح على مدار الأعوام 2015 و2016 و2017. وصولاً إلى مشروعه «مقاطع للمارّة» الذي احتفى بمقاطع 65 شاعراً أغلبهم من الأسماء الفاعلة شعريّاً داخل العراق وخارجه، حيث عُلقت مقاطعهم على جدران المدارس والكليات والمقاهي والمكتبات وفي الشوارع الرئيسية ببغداد (مستخدماً فنّ الغرافيتي في تجسيد صور الشعراء)، في ظروف عامة معروفة للجميع على المستوى الأمني. وكان عليه مواجهة حقيقة انعدام الدعم المادّي لهذه المؤسّسة المستقلّة التي حافظت على وجودها بعيداً عن الإملاءات أياً كان شكلها، والتي أجبرت الهيئة الإدارية في دورتها الثانية على إغلاق مقر المنظّمة للسبب المذكور أعلاه وإيقاف إصدار مجلة «بيت» الثقافيّة الفصليّة. ومنذ شهور طوال تقدّمت إدارة البيت لعدد من الشركات التجاريّة ورجال الأعمال بهدف دعم إجراء المؤتمر الانتخابي لبيت الشعر في دورته الثالثة، التي لا بدّ أن تكرّم عدداً من المؤسّسات والكليات والمقاهي والمكتبات التي تعاونت معها منذ عام 2013 في إنجاز فعاليّاتها ومنهاجها الثقافي، وبالأخصّ بعد أن حصل البيت على الإقرار الرسمي عام 2014 من «دائرة تسجيل المنظّمات غير الحكوميّة»، بعد مراجعات لهذه الجهة المعنية على مدار سنة كاملة، بوصفه منظّمة ثقافيّة مستقلّة تحمل بنحو قانوني هذا الاسم الذي عرفه الوسط الثقافي العراقي والعربي. ورغم ذلك، تنوي إدارة البيت عقد مؤتمر أواخر يونيو (حزيران) إذا توفرت الإمكانات المادية، كما جاء في نداء لبيت الشعر قال فيه: «إنّنا في البيت ننتظر فرصة دعم أخيرة خلال هذه المدة للإعلان عن موعد المؤتمر، وسنقيمه أواخر يونيو المقبل حتّى إذا وصلنا إلى طريق مسدود بالكامل، إذ سنلجأ - ونحن هنا أمام خيار بديل واضطراري - إلى اعتماد نتائج مشاوراتنا وتداولنا الحالي مع الزملاء في كلّ من (نقابة الفنانين العراقيين) ومشروع (بغداد مدينة للإبداع الأدبي)، بهدف إجراء هذه الفعاليّة الديمقراطية في بغداد ومن أجل تدبّر مستلزمات إقامة المؤتمر وضمان استمرارية تجربتنا التي نالت المتابعة والاحترام من قبل الفاعلين في الساحة الثقافيّة. وفي النهاية فإنّ ما مرّ به البيت من مصاعب ما هو إلا مؤشّر واضح على التحدّيات التي تقف بوجه العمل الثقافي المستقل في بلدنا».
بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.
وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».
سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».
وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».
وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.
واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.
وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».
وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».
لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.
ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».
تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.
وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».
العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».
وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.