احتفاء بدافينشي في ذكرى مرور 500 عام على وفاته

عبقري عصر النهضة تراث ثقافي للبشرية

ليوناردو دافينشي
ليوناردو دافينشي
TT

احتفاء بدافينشي في ذكرى مرور 500 عام على وفاته

ليوناردو دافينشي
ليوناردو دافينشي

يلفظ الفنان الشهير ليوناردو دافينشي أنفاسه الأخيرة، وهو يحملق بعينيه في وجه ملك فرنسا فرانسيس الأول. ويمد الملك ذراعه برفق وعطف خلف ليوناردو العجوز وهو يحتضر، وقد أحاط بفراش الموت أشخاص كثيرون، بدا عليهم الهم وأصابهم الحزن، وبينهم خادم ليوناردو المخلص، باتيستا دي فيلانيس.
هذه تفاصيل لوحة كبيرة الحجم للرسام الفرنسي فرنسوا جيلوم ميناجيو، معلقة في «قلعة أمبواز»، التي تقع على نهر لوار بالقرب من المكان الذي توفى فيه عبقري عصر النهضة ليوناردو قبل 500 عام، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
يا له من مشهد مهيب، ولكن الأمر ليس كما تصوره اللوحة. فمن المعروف اليوم، على سبيل المثال، أن الملك فرانسيس الأول لم يكن حاضراً وقت وفاة ليوناردو، ولكنه كان في مقر إقامته في سان جيرمان أونلي، خارج باريس.
وقد لعب الملك، وكان عاشقاً للفن، وأصغر من ليوناردو بـ40 عاماً، دوراً رئيسياً في حياة الفنان الفذ، وقد دعاه في عام 1516 إلى الإقامة في أمبواز، مفتوناً بالإيطالي صاحب المعرفة الغزيرة الذي التقى به أثناء إحدى رحلاته إلى إيطاليا.
وأي رحلة اليوم لتتبع مسار صاحب «الموناليزا»، تبدأ في فينشي، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها بضعة آلاف نسمة وتقع بالقرب من فلورنسا.
وهناك نسخة مطبوعة من «الموناليزا» معلقة خارج محل جزارة، وحانة تحمل اسم «ليوناردو» في مكان قريب، وفي نافذة عرض أحد متاجر السلع المنزلية، يرى المرء «موناليزا» أخرى، رسمها أطفال ونالت إشادة بأنها «أفضل من النسخة الأصلية».
وقال الجزار فرانشيسكو: «بالطبع نحن فخورون بأننا من فينشي». ولإحياء ذكرى مرور 500 عام على وفاة ليوناردو، تم إحضار أقدم أعماله من «معرض أوفيزي» في فلورنسا. وتظهر اللوحة التي تحمل اسم «8 بي» منظراً طبيعياً لنهر أرنو وهو ينساب عبر تلال توسكانا وقد زينتها مزارع الكروم وأشجار الزيتون. من الطبيعي الاحتفاظ بمثل هذا العمل الفني في مكان مغلق، في «معرض أوفيزي» الرائع، ولكن يمكن للمرء مشاهدته في متحف ليوناردو الصغير بفينشي حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولد ليوناردو في 15 أبريل (نيسان) من عام 1452 في منزل من الحجارة بالقرب من فينشي، وكان ابناً غير شرعي لكاتب العدل (موثق العقود) سير بييرو، وخادمة تدعى كاترينا. ويمكن للمرء اليوم زيارة المنزل الذي تحيط به أشجار الزيتون وشجيرات روزماري، حيث يوجد معرض صغير هنا أيضاً. وأمضى ليوناردو طفولته مع جده أنطونيو في فينشي قبل أن ينتقل للعيش مع والده في فلورنسا، مدينة «آل ميديتشي».
وشكلت إقامته في فلورنسا مسار حياته، فقد عمل في ورشة أحد أهم فناني عصر النهضة، أندريا ديل فيروتشيو. ونظراً لأن ميلانو كان لها تأثير أكبر في ذلك الوقت، فقد ذهب ليوناردو إلى البلاط الملكي هناك في عام 1481، ورسم ليوناردو خلال فترة وجوده في ميلانو لوحات رائعة مثل «العشاء الأخير» و«عذراء الصخور».
وقال جوزيبي تورشيا، عمدة فينشي، إن ليوناردو كان لديه فضول لا حدود له من أجل «التغلب على الحدود... ليوناردو لا ينتمي إلى فينشي، إنه تراث ثقافي للبشرية جمعاء. ليوناردو ملك للجميع». وكان ليوناردو في الرابعة والستين عندما وصل إلى أمبواز، في رحلته الأخيرة، برفقة تلميذيه فرانشيسكو ميلزي وسالاي، وخادمه دي فيلانيس. وكان يحمل ضمن أمتعته، إلى جانب الكثير من الوثائق والرسومات، لوحات «القديس يوحنا المعمدان» و«العذراء والطفل في حضن القديسة آن»، بالإضافة إلى «الموناليزا» التي رسمها في عام 1503، والتي اشتراها الملك فرانسيس الأول.
ولا تزال «الموناليزا» رائعة لا تباريها أخرى في «متحف اللوفر» بالعاصمة الفرنسية باريس، واللوحة الأكثر شهرة التي رُسمت على الإطلاق.
وفي أمبواز، قدم الملك الشاب لضيفه قلعة «كلوس لوسي»، وهي قصر رائع محاط بجدار من الحجارة بألوان حمراء ورمادية بالقرب من قلعة «أمبواز» الملكية.
وقد توفي ليوناردو داخل «كلوس لوسي»، في فراش بمظلة تزينه زخارف وستائر مخملية حمراء. ولا يزال الافتتان بليوناردو قوياً، وقد صار المسكن الأخير للفنان وجهة يقصدها الزائرون، ففي عام 2018، زار نحو 400 ألف شخص، أمبواز، من أجل تتبع خطى ليوناردو الأخيرة.



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.