«حصار» روسي خانق لمخيم لاجئين قرب قاعدة أميركية في سوريا

استنزف المواد الغذائية في المخيم... وأكثر من 7000 مدني يرحلون

لقاء روسي ــ سوري في موسكو مارس الماضي لمناقشة مشكلة مخيم الركبان (غيتي)
لقاء روسي ــ سوري في موسكو مارس الماضي لمناقشة مشكلة مخيم الركبان (غيتي)
TT

«حصار» روسي خانق لمخيم لاجئين قرب قاعدة أميركية في سوريا

لقاء روسي ــ سوري في موسكو مارس الماضي لمناقشة مشكلة مخيم الركبان (غيتي)
لقاء روسي ــ سوري في موسكو مارس الماضي لمناقشة مشكلة مخيم الركبان (غيتي)

عندما بدأ أولاد عبد الله العمور يتضورون جوعاً، قرر أن الوقت قد حان للرحيل عن مخيم الركبان الذي لجأ إليه مع أسرته ليواجه بذلك مصيراً مبهماً تحت حكم الرئيس بشار الأسد.
كان العمور تاجر الماشية القادم من مدينة تدمر قد لجأ إلى المخيم الواقع على الحدود السورية مع الأردن والعراق قبل أكثر من ثلاث سنوات، بعد أن دمرت ضربات جوية روسية بيته أثناء استهداف المناطق التي كانت خاضعة في ذلك الوقت لسيطرة تنظيم داعش.
والأوضاع في «الركبان» قاسية لكنه يتيح ميزة كبرى لسكانه البالغ عددهم 36 ألفاً، ألا وهي الحماية من الضربات الجوية الروسية ومن القوات المؤيدة للنظام السوري بفضل موقعه قرب قاعدة أميركية. إلا أن مقيمين في المخيم ودبلوماسيين يقولون إن الحياة فيه سارت من سيئ إلى أسوأ حتى باتت شبه مستحيلة في الأسابيع الأخيرة. فقد تدهورت أزمات نقص الغذاء نتيجة للحصار الذي يفرضه النظام وقوات الروس التي تريد تفكيك المخيم وإخراج القوات الأميركية من سوريا.
وقال العمور (46 عاماً) لـ«رويترز» هاتفياً من المخيم: «اليوم بتاكل وبكرة ما في شيء يؤكل. الناس ذبحها الجوع». وأضاف أن ابنه حمزة ابن الثلاثة أعوام، أصابه الهزال من جراء إطعامه ماء محلى بالسكر بدلاً من الحليب المجفف».
وتقول مصادر محلية إن القوات الروسية وقوات النظام السوري عمدت إلى قطع الإمدادات عن المخيم منذ منتصف فبراير (شباط) وسدت الطرق التي كان المهربون يلجأون إليها بالرشوة عبر نقاط التفتيش التابعة للجيش وإطلاق النار على بعض العربات. ويوم الخميس، حثت واشنطن دمشق وموسكو على السماح بتوصيل مساعدات دولية إلى مخيم الركبان، والامتناع عن سد الطرق التجارية المؤدية للمخيم «لتفادي المزيد من المعاناة».
ومع تزايد الأزمات خرج سيل مستمر من اللاجئين من الركبان إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام. وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن نحو 7000 شخص رحلوا عن المخيم في الشهر الأخير تقريباً، حيث يتم نقلهم بالحافلات إلى ما تسميه السلطات السورية مراكز إيواء.
يقع مخيم الركبان في قلب صراع بين روسيا والولايات المتحدة على السيطرة على جنوب شرقي سوريا، وعلى طريق بري يؤدي إلى العراق وإلى إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للأسد. وترى روسيا، التي ساعد جيشها الأسد في استعادة السيطرة على جزء كبير من سوريا، في مخيم الركبان ذريعة أميركية للحفاظ على «احتلال غير مشروع في الجنوب».
ويبدو من المستبعد أن يدفع إخلاء المخيم الولايات المتحدة للتخلي عن حاميتها القريبة في التنف ومنطقة منع الصدام التي تشمل الركبان. فقاعدة التنف تعتبر أداة مفيدة في خدمة الأهداف الأميركية في التصدي لإيران. غير أن روسيا عازمة على هدم المخيم. وسيمثل ذلك مكسباً لموسكو في سوريا بعد أن توقف تقدمها العسكري في مناطق أخرى من البلاد، ومن ثم تأكيد نفوذها على منطقة تخضع للسيطرة الأميركية.
ونادراً ما يتسلم مخيم الركبان، الذي تخضع الطرق المؤدية إليه لسيطرة دمشق، شحنات من مساعدات الأمم المتحدة. وآخر مرة وصلت فيها قافلة مساعدات من الأمم المتحدة إلى الركبان كانت في أوائل فبراير. ويخشى كثيرون من سكان الركبان العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ويقولون، إن من الممكن احتجازهم أو إرغامهم على الخدمة العسكرية. علاوة على أنه في حالات كثيرة يصعب عليهم العودة إلى مدنهم المهدمة.
وقد أخذ المخيم بعض ملامح الديمومة، بما في ذلك بناء منازل من الطوب النيء ومدارس وأسواق. وفتح إبراهيم الناصر متجر بقالة في الركبان إلا أنه اضطر لإغلاقه بسبب نقص السلع.
وقال لـ«رويترز» وهو على وشك مغادرة المخيم، إنه لم يعد يهتم بمصيره ولا يريد إلا إنقاذ أولاده من الجوع. وقال أبو أحمد الدرباس الخالدي، رئيس المجلس المحلي الذي تديره المعارضة في المخيم، إن تناقص الإمدادات الغذائية لا يترك لسكان الركبان خياراً سوى الرحيل. وتوقف المخبز الوحيد في المخيم عن إنتاج الخبز هذا الشهر. وأصبح سعر جوال الطحين، إذا ما وُجد، 40 ألف ليرة سورية (70 دولاراً) أي ثمانية أمثال سعره في الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
ونشرت وسائل إعلام تابعة للدولة في سوريا صوراً للراحلين عن مخيم الركبان في حافلات خضراء بمرافقة أمنية تشبه الحافلات المستخدمة في إخلاء المدنيين ومقاتلي المعارضة من أماكن أخرى من سوريا تمت استعادتها من معارضين، مثل شرق حلب والغوطة الشرقية. غير أن مصادر في الركبان قالت إنه تم احتجاز الراحلين عن المخيم لأسابيع في معسكرات احتجاز في حمص قبل نقلهم إلى السجن أو إطلاق سراحهم أو إلحاقهم بالجيش. وقال محمود الهميلي أحد المسؤولين في المخيم، إنه تلقى تقارير أنه تم القبض على أكثر من 20 رجلاً. وقال شكري شهاب الذي يعمل في جهود الإغاثة بالمخيم: «الموت في المخيم أفضل من الموت خلف القضبان».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.