اجتماع «إيجابي» بين قوى التغيير والمجلس الانتقالي السوداني

المهدي دعا لمواصلة الاعتصام أمام قيادة الجيش

جانب من اجتماع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير (سونا)
جانب من اجتماع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير (سونا)
TT

اجتماع «إيجابي» بين قوى التغيير والمجلس الانتقالي السوداني

جانب من اجتماع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير (سونا)
جانب من اجتماع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير (سونا)

عقد اليوم (السبت) الاجتماع المشترك بين ممثلي المجلس العسكري الانتقالي في السودان، وتحالف قوى الحرية والتغيير، للتشاور حول الرؤية المتعلقة بترتيبات الفترة الانتقالية في البلاد.
ووصف تحالف قوى الحرية والتغيير (المعارضة)، الاجتماع في مؤتمر صحافي بأنه كان إيجابيا.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي إن  المفاوضات مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير «تمت بشفافية».
ويضم "تحالف قوى الحرية والتغيير" قوى معارضة ومنظمات مجتمع مدني  بالإضافة لتجمع المهنيين.
يذكر أن المجلس العسكري الانتقالي بالسودان اتفق مع تحالف الحرية والتغيير على تكوين لجنة مشتركة لبحث عملية انتقال السلطة.
من جانبه، قال أيمن نمر وهو مفاوض من قوى الحرية والتغيير: «اليوم تقدمنا بخطوات إيجابية ونتوقع التوصل لاتفاق مُرضٍ لكل الأطراف». وتابع قائلا: «نتوقع أن نستلم خلال ساعات رد المجلس العسكري بخصوص تكوين مجلس السيادة».
وكان زعيم حزب الأمة القومي السوداني، الصادق المهدي، قد دعا اليوم إلى استمرار الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم حتى تكتمل أهداف الشعب، مضيفاً: «نسعى للاتفاق مع المجلس العسكري على إعلان دستوري»، 
وأضاف المهدي، في مؤتمر صحافي اليوم: «ندعو إلى التعامل مع المجلس الانتقالي بالحكمة لا بالانفعال»، مضيفا: «نقدر للمجلس العسكري الانتقالي احترامه لدورنا».
وقال المهدي إنه يجب تجريد المؤتمر الوطني وحلفائه من الامتيازات غير المشروعة، مشدداً على أن «ما حدث من النظام السابق مع ممتلكات الدولة كان تخصيصاً وليس خصخصة».
كما دعا المهدي إلى انضمام السودان «فورا» إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي توقيف دوليتين في حق الرئيس المعزول عمر البشير. وقال: «الآن، لا مانع من الاستجابة لمطالبها (المحكمة) وينبغي فورا الانضمام لها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «هذا الموقف يجب أن ينسق مع المجلس العسكري» الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالبشير.
وتجتمع في هذه الأثناء وللمرة الأولى، لجنة مشتركة عن المجلس العسكري في السودان والمحتجين بهدف التباحث حول المطالبات بالحكم المدني، وفق ما ذكر تحالف المعارضة. وعقد قادة المتظاهرين عدّة جولات مباحثات غير مثمرة مع المجلس العسكري منذ إزاحة الجيش في 11 أبريل (نيسان) الرئيس عمر البشير عن الحكم في أعقاب اربعة اشهر من الاحتجاجات.
ووافق الطرفان في وقت سابق خلال هذا الأسبوع على إنشاء لجنة مشتركة لإعداد خارطة طريق للمرحلة المقبلة. وأبقى تحالف الحرية والتغيير الذي يضم منظمي الاحتجاجات بين معارضين ومجموعات متمردة، على التظاهرات المطالبة بحكم مدني منذ الإطاحة بالبشير بعد نحو ثلاثة عقود على حكمه.
وأبقى المحتجون على ضغوطهم على المجلس العسكري، وواصلوا الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم كما تجمّع عشرات الآلاف الخميس في «مسيرة مليونية» ترفع شعار الحكم المدني.
من جهة أخرى، أكد المجلس الانتقالي السوداني أن صادرات النفط من الجنوب تنساب بشكل طبيعي، ولا صحة للأنباء التي تحدثت عن توقفها.
ونفى المجلس الانتقالي أمس (الجمعة) ما تردد ونشر في بعض وسائل الاعلام حول اطلاق سراح بعض رموز نظام البشير. وأكد على لسان الناطق الرسمي باسمه الفريق الركن شمس الدين كباشي أن رموز النظام السابق قيد الاعتقال وأن السلطات المختصة تباشر تجاههم مهامها في التحريات والإجراءات القانونية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».