معرض صور يوثّق جرائم حرب دارفور في ميدان الاعتصام

إقبال على معرض ضحايا دارفور في ميدان الاعتصام (تصوير: مصطفى عمر)
إقبال على معرض ضحايا دارفور في ميدان الاعتصام (تصوير: مصطفى عمر)
TT

معرض صور يوثّق جرائم حرب دارفور في ميدان الاعتصام

إقبال على معرض ضحايا دارفور في ميدان الاعتصام (تصوير: مصطفى عمر)
إقبال على معرض ضحايا دارفور في ميدان الاعتصام (تصوير: مصطفى عمر)

خلال سنوات حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وحتى سقوطه في الحادي عشر من أبريل (نيسان) الجاري؛ والتي قاربت ثلاثين عاماً؛ سفك كثير من دماء السودانيين. أغلب هذه الجرائم تم توثيقها بصور تعرض في ساحة الاعتصام.
ووقف شرف الدين جماع صالح إلى جانب العشرات؛ متسمراً لدقائق ينظر إلى صور لجثث الموتى، والأجساد الممزقة إلى أشلاء، من ضحايا الرئيس المخلوع عمر البشير؛ بسببها أصبح مطلوباً للعدالة الدولية، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية، التي وقعت في إقليم دارفور.
يقول جماع البالغ من العمر 50 عاماً، وهو موظف سابق، لـ«الشرق الأوسط»: «سمعت كثيراً بما حدث في حرب دارفور؛ ولكن لأول مرة في حياتي أرى بشاعة المجازر». ويضيف: «أحاول النظر إلى تلك الصور ولا أستطيع. هذه أشياء لا يصدقها العقل. من يرتكب مثل هذه الجرائم لا يمكن أن يكون إنساناً سوي العقل، ولا بد من أن يحاكموا عليها».
صور القتلى وقوائم الأسرى والمفقودين والجرحى، تملأ جنبات ساحة الاعتصام بالقرب من قيادة الجيش السوداني، وفي كل ركن تجد أقارب الضحايا يطالبون بمحاكمة البشير، وكل المسؤولين في النظام السابق، على تلك الانتهاكات الجسيمة.
بدأ عهد البشير بالدم، وبعد أقل من عام على وصوله إلى الحكم بانقلاب عسكري، أمر بتصفية وإعدام 28 ضابطاً في الجيش السوداني رمياً بالرصاص، في أواخر أيام رمضان 1990، دون حتى محاكمة عسكرية؛ واستمرت حربه الجهادية في جنوب السودان لتبيد الأخضر واليابس، وقتل في عهده المئات من طلاب الجامعات بالرصاص، وتحت وطأة التعذيب في بيوت الأشباح التي تديرها أجهزته الأمنية.
تقول «ع. ف» وهي ربة منزل: «لم أسمع بمجازر في جبال النوبة، ولو لم أرَ تلك الصور لما صدقت ذلك. كل هؤلاء الأطفال قتلتهم الحكومة!». وتضيف: «لا نشاهد ذلك في وسائل الإعلام المحلية»، وضربت كفاً بكف وقالت: «كل هذا يحدث في بلدنا دون أن نعرف! حرقوا قلوب الأمهات، لا حول ولا قوة إلا بالله».
عند الناحية الجنوبية من ساحة الاعتصام، قبالة بوابة قيادة البحرية السودانية، علقت لوحات كبيرة لكل المناطق التي شهدت مجازر بشعة، قتل فيها مدنيون خرجوا يحتجون ضد الحكومة؛ من أمري شمالاً وحتى مجزرة بورتسودان شرقاً، التي راح ضحيتها 22 شخصاً في رابعة النهار.
واستمرت آلة القتل تحصد أرواح السودانيين، وكانت الفاجعة الأكبر عندما انتقل القتل إلى شوارع العاصمة الخرطوم، وأغرقها بالدماء. ففي سبتمبر (أيلول) 2013، خرج المواطنون يحتجون على زيادة المحروقات، فقتلت قوات أمن البشير 200 برصاص القناصة خلال أيام معدودة، بينهم طلاب في المدارس الثانوية.
المأساة الأكبر التي هزت الرأي العام الداخلي والخارجي، كانت الحرب التي شنها نظام البشير في إقليم دارفور 2003، والتي لم يشهد العالم فظائع مثلها في التاريخ الحديث، ففي خلال ثلاث سنوات قتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص، وأحرقت المئات من القرى؛ مخلفة وراءها أكثر من مليوني نازح ولاجئ داخل وخارج السودان، وهي القضية التي وضعت البشير على قائمة المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب، واعترف بنفسه بقتل 10 آلاف في دارفور.
يقول محمد عبد الرحمن الرزيقي، وهو أحد قادة حركة «العدل والمساواة» العسكريين: «الصور البشعة التي يراها السودانيون في الاعتصام، لا تعكس كل الحقائق عما حدث في الحرب بدارفور. عشنا مأساة لا يمكن تصورها. رأينا بأعيننا الجثث ملقاة في الشوارع، واغتصاب النساء، وقتل الأطفال الصغار، وحرق المنازل».
ويضيف: «ما نريده الآن هو إطلاق سراح أسرى الحركة، وهم بالمئات داخل سجون النظام، وأن يقدم البشير وكل المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني إلى المحاكم». ويتابع: «لن يهدأ لنا بال، ولن نرتاح ما لم يذق النظام السابق ما سقاه للسودانيين طيلة فترة وجوده».
في التاسع عشر من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، خرج السودانيون إلى الشوارع في احتجاجات سلمية، يطالبون برحيل البشير عن السلطة، وظلوا لأربعة أشهر في الشوارع يواجهون القتل والتنكيل على أيدي الأجهزة الأمنية، سقط خلالها ما يربو عن 100 قتيل، والمئات من الجرحى، وآلاف المعتقلين. لقد كان على استعداد أن يقتل ثلث الشعب السوداني؛ لكي يظل في كرسي السلطة، بحسب ما نقل عنه في أواخر أيام حكمه.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.