رسائل أميركية إلى روسيا وإيران من «دبلوماسية السفن» قرب سوريا

رسائل أميركية إلى روسيا وإيران من «دبلوماسية السفن» قرب سوريا
TT

رسائل أميركية إلى روسيا وإيران من «دبلوماسية السفن» قرب سوريا

رسائل أميركية إلى روسيا وإيران من «دبلوماسية السفن» قرب سوريا

تحول البحر المتوسط قبالة الشواطئ السورية إلى ساحة لاستعراض «دبلوماسية السفن الحربية» بين واشنطن وحلفائها من جهة، وموسكو وحلفائها من جهة ثانية.
رست، قبل أيام، حاملتا الطائرات الأميركية «أبراهام لينكولن»، و«جون ستينيس»، مصحوبتين بسفن حربية أخرى قرب إيطاليا في البحر المتوسط، إلى جانب الأسطول الأميركي السادس المرابض في المتوسط، بالتنسيق مع القوات البحرية الأخرى لجيوش الحلفاء في المنطقة، وذلك في أبرز استعراض لواشنطن في المنطقة منذ 2016.
وكان السفير الأميركي في موسكو جون هانتسمان ضمن فريق الحاملتين، وقال: «نسعى إلى علاقة أفضل مع روسيا، لكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا عندما تتوقف روسيا عن سلوكها العدواني، وتخلق مساحة للحوار المثمر. سنستمر في فرض التكاليف على روسيا، عندما تتخذ إجراءات تستهدف شركاءنا وحلفاءنا ومصالح الأمن القومي الأميركي». وأضاف: «عندما تكون لديك دبلوماسية زنة 200 ألف طن تجوب البحر المتوسط، فإنها دبلوماسية العمليات المتقدمة التي لا تحتاج إلى مزيد من الكلام أو العبارات».
ولاحظ مراقبون أنه حتى خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، لم يحدث أن تحدث سفير أميركي بهذه اللغة من على متن حاملة طائرات عسكرية على خط المواجهة المباشر ضد القوات الروسية والإيرانية في الشرق الأوسط.

السفير هانتسمان كان يجري تفتيشاً على طاقم مشاة البحرية، البالغ عددهم 9 آلاف مقاتل، إضافة إلى 130 طائرة حربية مستقرة على متن الحاملة «لينكولن»، فضلاً عن السفن الحربية الأخرى ضمن المجموعة الضاربة المصاحبة للحاملة، بحسب مصادر إعلامية.
وتزامن ذلك مع سلسلة من التطورات، هي:
1 - قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ - أون في مدينة فلاديفوستوك بعد فشل قمتين بين الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأميركي دونالد ترمب في سنغافورة وفيتنام. وإذ نوه جونغ - أون، بـ«القمة الودية» مع بوتين، اتهم الولايات المتحدة بالتصرف بـ«سوء نية» في قمته الثانية مع ترمب، في هانوي، فبراير (شباط).
2 - قرار إدارة الرئيس ترمب «تصفير» صادرات النفط الإيرانية وإعلان المرشد الإيراني علي خامنئي، وغيره من المسؤولين الإيرانيين، الرد على الولايات المتحدة، والتلويح بإغلاق مضيق هرمز، لقناعة واشنطن بأن أي تهديد لخطوط تصدير النفط قد يرفع سعر البرميل إلى فوق مائة دولار أميركي، في وقت تعهدت فيه واشنطن بالحفاظ على سعره بعد فرض العقوبات على طهران.
3 - قرار خامنئي تعيين «الصقر» العميد حسين سلامي، قائداً لـ«قوات الحرس الثوري». وأفيد بأن مهمة سلامي ستكون التصعيد ضد واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط.
4 - إعلان قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني الأدميرال حسين خانزادي نيته إيفاد سفن حربية إلى إيطاليا قريباً لتعزيز العلاقات مع البحرية الإيطالية.
5 - قرار موسكو تسهيل حصول سكان مناطق الانفصاليين شرق أوكرانيا على جوازات سفر روسية، وإعلان الخارجية الأميركية في بيان أن موسكو «تعمل على تكثيف هجماتها العدائية ضد السيادة الأوكرانية والسلامة الوطنية للبلاد».
6 - استضافة الرئيس الصيني شي جينبينغ قمة حول مبادرة «طرق الحرير الجديدة» بمشاركة رؤساء نحو أربعين دولة وحكومة، بينهم الرئيس بوتين، وشن الرئيس الصيني الذي تخوض بلاده حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، هجوما على الحمائية، وسط غياب الحضور الأميركي عن القمة.
وسيكون موقف بكين ودلهي من قرار واشنطن «تصفير» صادرات نفط إيران محورياً في نجاح الخطة الأميركية وموقف دول أوروبية منها، بحسب دبلوماسيين.
7 - استضافة عاصمة كازاخستان اجتماعاً لممثلي روسيا وتركيا وإيران حول سوريا، تمهيداً لعقد قمة ثلاثية في تركيا، وسط توتر بين أنقرة وواشنطن لأسباب عدة، بينها الخلاف حول صفقة منظومة «إس - 400» إلى تركيا، وآثار ذلك على تركيبة «حلف شمال الأطلسي» (ناتو). وأسفر اجتماع آستانة أمس عن الاتفاق على دعوة ممثلي العراق ولبنان، بحيث بات المسار أشبه بـ«كتلة إقليمية» بغياب واشنطن وحلفائها.
وكان لافتاً أن البيان الختامي للاجتماع الثلاثي، «أدان بشدة» قرار ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، إضافة إلى رفضه «أيّ مخطط انفصالي» في شمال شرقي سوريا، حيث تنتشر القوات الأميركية، ورفض التهديد لـ«الأمن القومي للدول المجاورة» لسوريا، في إشارة إلى تركيا.
8 - جاء استعراض القوة البحرية الأميركي بعد قرار دمشق تسليم مرفأ اللاذقية إلى إيران، ومرفأ طرطوس لموسكو، الواقعين على الضفة الأخرى للبحر المتوسط قبالة إيطاليا. وتقع في طرطوس القاعدة الوحيدة لروسيا في مياه المتوسط.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».