السودان... ثورات وانقلابات

السودان... ثورات وانقلابات
TT

السودان... ثورات وانقلابات

السودان... ثورات وانقلابات

شهد السودان، منذ استقلاله عام 1956، أكثر من 10 انقلابات ومحاولات انقلابية.
- البداية كانت مع أول حكومة ديمقراطية منتخبة عام 1956، عندما وقعت أول محاولة انقلابية في تاريخ البلاد عام 1957، قادتها مجموعة من ضباط الجيش بقيادة إسماعيل كبيدة، ضد الرئيس إسماعيل الأزهري؛ لكن المحاولة أحبطت في مراحلها الأخيرة.
- يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1958، نجح أول انقلاب عسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود، ضد «حكومة ائتلاف» ديمقراطية بين حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي، على رأسها رئيس الوزراء بين 1954 و1956 إسماعيل الأزهري (الاتحادي الديمقراطي) ورئيس الوزراء عبد الله خليل (الأمة) الذي تولى رئاسة الوزراء بين 1956 و1958. وشكّل الانقلابيون حكومة عسكرية برئاسة عبود، حكمت البلاد لمدة 7 سنوات، تخللتها محاولة انقلاب قادتها مجموعة ضباط، أشهرهم أحمد عبد الوهاب، وعبد الرحيم شنان، ومحيي الدين عبد الله، وهي المحاولة الوحيدة التي جرى فيها استيعاب الانقلابيين في نظام الحكم، بدلاً من الزجّ بهم في السجون.
ولقد شجع هذا التعامل المرن مع الانقلابيين على تدبير انقلاب آخر ضد عبود، قاده الرشيد الطاهر بكر، المحسوب على التيار الإسلامي، ولكن هذه المرة تعامل نظام عبود معه بالحديد والنار، إذ أعدم 5 من قادته شنقاً، وزجّ بالآخرين في سجن كوبر بالخرطوم. وظل عبود من بعد يحكم في هدوء إلى أن أطاحت به في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964، أكبر ثورة شعبية في تاريخ البلاد لتأتي حكومة ديمقراطية جديدة.
- في 25 مايو (أيار) 1969، شهد السودان أشهر انقلاب عسكري قاده العميد (آنذاك) جعفر محمد نميري، ومجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي السوداني. وكان من أبرز قادة الانقلاب خالد حسن عباس، وفاروق حمد الله، وهاشم العطا، وبابكر النور عثمان، وزين العابدين محمد عبد القادر. وأسس النميري على الأثر نظامه القابض الذي امتد لـ16 سنة، ليعرف هذا الانقلاب بأنه أكثر الانقلابات تأثيراً على البلاد. غير أن حكم النميري رغم تحسّباته للانقلابات، مستفيداً من التجارب السابقة على ما يبدو، شهد محاولات كثيرة فشلت جميعها؛ لكنها حوّلت العاصمة السودانية إلى برك دم.
- كان أهم وأشهر المحاولات الانقلابية على النميري ما نفذه رفقاء دربه في «انقلاب مايو» من المنتمين مباشرة إلى الحزب الشيوعي، في 19 يوليو (تموز) 1971، وعرف بـ«انقلاب هاشم العطا»، الذي استولى جزئياً على العاصمة الخرطوم لمدة يومين؛ لكن النميري – بدعم من بعض دول الجوار – استطاع أن يستعيد سلطته، وينصب مشانق للانقلابيين من المدنيين والعسكريين. وطالت الإعدامات زعيم الحزب الشيوعي السوداني (آنذاك) عبد الخالق محجوب، ورفيقه القيادي النقابي الشفيع أحمد الشيخ، والقيادي الجنوبي جوزيف غارانغ وآخرين.
- عام 1975 وقعت محاولة انقلابية أخرى فاشلة، بقيادة الضابط حسن حسين، ولقي الانقلابيون وعلى رأسهم المدبر حسين حتفهم رمياً بالرصاص، أو شنقاً.
- في العام التالي 1976، وتحديداً في 2 يوليو (تموز) منه، حاولت القوى السياسية المعارضة لنظام النميري، التي كانت تنطلق من ليبيا، قلب نظام الحكم. وأوكلت المهمة للعميد في الجيش محمد نور سعد، بمشاركة واسعة من عناصر المعارضة، تسللت إلى الخرطوم عبر الحدود مع ليبيا. ولقد تعامل نظام النميري مع المحاولة بعنف غير مسبوق، إذ أعدم قائدها محمد نور رمياً بالرصاص، وحوّل شوارع الخرطوم لمدة يومين إلى ساحة معارك مع الانقلابيين، أسفرت عن مقتل المئات.
- لم يتعرض نظام النميري بعد ذلك لأي محاولة انقلابية، إلى أن عصفت به ثورة شعبية عارمة في 6 أبريل (نيسان) عام 1985، عُرفت بـ«انتفاضة أبريل». ولقد انحاز فيها الجيش إلى جانب الشعب، وأسس مجلساً عسكرياً مؤقتاً لحكم البلاد، برئاسة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب.
- مع تناحر الأحزاب السياسية، جاء انقلاب الرئيس عمر البشير في 30 يونيو (حزيران) 1989، بمساعدة الإسلاميين بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي، وحزبه المعروف آنذاك بـ«الجبهة الإسلامية القومية». ومنذ ذلك الحين تعرض نظام البشير لعدة محاولات انقلابية؛ خصوصاً في بداية عهده، أشهرها المحاولة التي عرفت بـ«انقلاب رمضان» في 1990، بقيادة اللواء عبد القادر الكدرو، واللواء الطيار محمد عثمان حامد، وهي المحاولة التي انتهت بإعدام 28 ضابطاً في الجيش، أدينوا بالمشاركة فيها، بمن فيهم الكدرو وحامد.
- ووقعت عام 1992 محاولة انقلاب بقيادة العقيد أحمد خالد، نُسبت إلى حزب البعث السوداني، وحسمها الرئيس البشير عاجلاً، وتعرّض قادتها للسجن.
- وفي 2019، أطاحت الثورة الشعبية بنظام الرئيس عمر البشير، لتغدو ثالث ثورة شعبية في البلاد تطيح بحكم عسكري.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»