معارك طرابلس تدخل أسبوعها الرابع... من دون حسم

الجيش الليبي يتصدى لهجوم... والسراج ينفي طلب وقف إطلاق النار

قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

معارك طرابلس تدخل أسبوعها الرابع... من دون حسم

قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق خلال مواجهات مع قوات الجيش الليبي جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

مع دخول الحرب بين «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات موالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، أسبوعها الرابع دون حسم، تحولت أمس مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة الليبية طرابلس، تدريجياً، إلى ساحات اقتتال، في وقت نفى فيه السراج بشكل قاطع ما يشاع عن أنه طالب بوقف إطلاق النار. وأوضح السراج في بيان وزعته إدارة التواصل والإعلام بحكومته، أول من أمس، أن موقفه وموقف المجلس الرئاسي «ثابت» في صد ما وصفه بـ«العدوان»، «وإرجاع القوات المعتدية من حيث جاءت». ونقل البيان عن السراج تأكيده أن طلبه إرسال لجنة لتقصي الحقائق من مجلس الأمن هو «لتوثيق الجرائم والانتهاكات، التي ارتكبتها القوات المعتدية بحق المدنيين، واستهدافها للمؤسسات»، موضحا أنه لم يطلب مراقبين دوليين لوقف إطلاق النار. معتبرا أن «الحديث عن وقف إطلاق النار، أو أي حل سياسي، لن يكون قبل دحر القوات المعتدية، وإرجاعها من حيث أتت، وأي حوار سيكون على أسس جديدة». وقال ناطق باسم حكومة الوفاق، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أن السراج يشرف شخصيا على إدارة المعركة ضد ما سماه بـ«ميليشيات حفتر»، وشدد على أنه «لا تفاوض أو حوار إلا بعد دحر المعتدين».
في غضون ذلك، نفت مصادر في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الجيش يسعى للسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، ومؤسسة النفط الوطنية لتمويل حملته العسكرية لتحرير طرابلس، وأوضحت أن كافة أبعاد الخطة، عسكريا وماليا وأمنيا، تم التخطيط لها منذ فترة طويلة. وكانت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، ترد عبر هذه التصريحات على تقرير لوكالة «رويترز»، قالت فيه إن تمويل هذه الحملة يواجه ما وصفته بـ«مشكلة محتملة أخرى».
ويغطي البنك المركزي في طرابلس بعض الرواتب الحكومية في شرق ليبيا. لكن ليس رواتب الجنود الذين استعان بهم «الجيش الوطني» بعد 2014. وذلك عندما انقسمت البلاد إلى إدارتين، إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب.
ميدانيا، قال قياديون في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن قواته تصدت لهجوم شنته قوات وميلشيات مسلحة، تابعة لحكومة السراج في عدة مناطق من جنوب طرابلس، فيما كان متوقعا أن يعلن أحمد المسماري، الناطق باسم قوات الجيش، عما وصفه بـ«مفاجآت كبرى صاعقة»، خلال مؤتمر صحافي مساء أمس.
لكن محمد قنونو، الناطق باسم قوات السراج، قال في المقابل إنها «تتقدم وفق ما وصفه بخطة استراتيجية للسيطرة على مواقع جديدة، وتأمينها بعد وصولها إلى السبيعة والهيرة»، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن «قواته تمكنت من قطع خط إمداد رئيسي لقوات (الجيش الوطني) والسيطرة عليه، داعيا مقاتلي الجيش من أبناء المدن والمناطق قرب طرابلس إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم».
وفيما قال متحدث باسم كتيبة «فرسان جنزور» الموالية للسراج، إن قواته سيطرت على جزء من منطقة السبيعة، نفى مسؤول في «الجيش الوطني» ذلك. كما قالت كتيبة «ثوار طرابلس» إنها لم تنسحب من محاور القتال، وأوضحت في بيان مساء أول من أمس أنها «مستمرة في القتال تحت إمرة حكومة السراج»، معتبرة أن «تلك الإشاعات تستهدف التغطية على الهزائم الحاصلة حاليا في ميدان المعركة بالنسبة لقوات الجيش».
من جانبها، رأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، أن الوضع الإنساني يتدهور بشدة حول العاصمة الليبية طرابلس، حيث «تتحول المناطق المكتظة بالسكان تدريجيا إلى ساحات قتال».
وأضافت اللجنة في بيان، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أن المستشفيات تعاني نقصا مستمرا في الإمدادات الطبية مع حدوث انقطاعات للكهرباء، وضعف محطات ضخ المياه، معتبرة أنه «يتعين السماح للمستشفيات والمرافق الطبية والعاملين في قطاع الصحة والمركبات، التي تنقل المصابين بأداء مهامها بأمان».
ونقلت الوكالة عن يونس رحاوي، رئيس مكتب اللجنة الدولية في العاصمة طرابلس، أن «أكبر المخاوف تتعلق بحياة المدنيين، الذين يعيشون على خطوط التماس، وأن تتحول المناطق السكنية المكتظة بالسكان تدريجيا إلى ساحات معارك».
من جهة ثانية، نفت قبرص على لسان وزير داخليتها كونستانتينوس بيتريدس، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أمس، صحة تصريحات أدلى بها وزير داخلية «الوفاق» فتحي باش أغا، مفادها أن أربعة من أبناء حفتر طلبوا الحصول على الجنسية القبرصية. ونقلت وكالة الأنباء القبرصية عن مصادر دبلوماسية أن أغا استخدم هذه «المعلومات المغلوطة فقط للتشهير بأبناء حفتر وللدعاية المحلية».
إلى ذلك، أفتى الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المعزول من منصبه، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، بإخراج الزكاة لمن سماهم بـ«الثوار المقاتلين» في طرابلس لدعمهم وتوفير احتياجاتهم.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.