تقرير استخباراتي إسرائيلي: إيران تخفّض سقفها في سوريا وترفعه في العراق

TT

تقرير استخباراتي إسرائيلي: إيران تخفّض سقفها في سوريا وترفعه في العراق

أعربت مصادر استخباراتية إسرائيلية عن تقديرها أن الغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية المختلفة في سوريا، إلى جانب تدهور الوضع الاقتصادي في إيران، دفعا بإيران إلى التنازل عن جزء كبير من خططها وتخفيض سقف أهدافها في سوريا، وضمن ذلك إقامة قواعد جوية ومصانع لإنتاج أسلحة وحتى نقل أسلحة متطورة مكشوفة لهجمات الجيش الإسرائيلي.
وقالت هذه المصادر إن الإيرانيين لم يغيروا من أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة، «لكنهم اضطروا اضطرارا للتراجع عن بعض بنود هذه الخطط. إلا إنهم في الوقت ذاته رفعوا من سقف أهدافهم في العراق للاستعاضة عن تراجع مكانتهم في سوريا».
وقالت هذه المصادر، خلال حوارات أجرتها معهم صحيفة «معاريف» الإسرائيلية ونشرتها أمس الخميس، إنه «بات بالإمكان ملاحظة تغيير في الأداء الإيراني في السنة الأخيرة؛ من النية لبناء قوة في سوريا، إلى التركيز على بناء قدرات ضد إسرائيل، من أجل خوض معركة لبضعة أيام ضدها، رداً على استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا خلال السنوات الأخيرة. وفي حالات ليست قليلة، فإنه إذا هوجمت قاعدة داخل قاعدة سورية، فإنهم لا يحصلون على قاعدة أخرى من السوريين؛ المعنيين بالاستقرار». وأوضحت المصادر أن هدف العمليات الإسرائيلية، في السنة الأخيرة، كان التسبب بأزمة في (فيلق القدس)؛ (التابع للحرس الثوري الإيراني)، انطلاقاً من تقديرات بأن أزمة كهذه ستلحق ضرراً بالتموضع الإيراني في المنطقة». وقالت إن «قيادات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن العمليات الإسرائيلية في سوريا تؤدي إلى تباطؤ كبير في وتيرة ازدياد قوة (حزب الله) في لبنان، ووتيرة تسلح (حزب الله) بأسلحة متطورة، خصوصاً الصواريخ الدقيقة».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن «تشديد العقوبات الأميركية على إيران، سيعمق بشكل كبير هذه الأزمة، وسيزيد من إلحاق الأضرار بخطة عمل (فيلق قدس) للتموضع في المنطقة». وقالوا إنه «في أعقاب جهود إسرائيل في الأشهر الـ18 الأخيرة، نرى أن حلم الإيرانيين في سوريا أخذ يبتعد. ولكن، إلى جانب هذه التطورات الإيجابية بالنسبة لإسرائيل، فإن قوة الإيرانيين في العراق تزداد؛ الأمر الذي يقلق إسرائيل جداً».
وعدّت المصادر الإسرائيلية أحداث العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، «نقطة مفصلية في هذا التوجه... ففي حينه نفذت إسرائيل غارة على موقع إيراني في سوريا، فجاء الرد بإطلاق صاروخ من سوريا باتجاه المواقع الإسرائيلية في منطقة جبل الشيخ بهضبة الجولان المحتلة. وردت إسرائيل، يومها، بشن هجوم جوي واسع ضد أهداف إيرانية، خصوصاً في مطار دمشق الدولي. وجرى الهجوم الجوي الإسرائيلي قبيل فجر اليوم التالي، وفقاً لـ(خطة دُرج) معدة مسبقاً باسم (كلاف حَداش)»؛ أي «ورقة لعب جديدة». وشملت هذه الخطة الإسرائيلية، حسب تقرير صحيفة «معاريف»، «4 أهداف إيرانية في الأراضي السورية: مخازن كبيرة جداً في مطار دمشق الدولي؛ تستخدم مركزاً لوجيستياً لـ(فيلق القدس). وموقع لوجيستي كبير توجد فيه أسلحة كثيرة في قاعدة إيرانية تقع داخل قاعدة عسكرية سورية. وقاعدة تدريبات كبيرة لميليشيات شيعية في ضواحي دمشق. وموقع لإيران و(حزب الله) جنوب دمشق».
وقال التقرير إن «الهجوم على مطار دمشق كان الجزء المركزي لهذه العملية العسكرية، وكان بمثابة رسالة واضحة إلى السوريين. ورغم أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم مطار دمشق في الماضي، فإن الهجوم هذه المرة كان واسعاً جداً». ونقل على لسان أحد الضباط الإسرائيليين قوله إن «حجم عمليات سلاح الجو (في سوريا)، في السنة الماضية، كان الأكثر اتساعاً واستمراراً منذ إنشائه، وربما باستثناء حروب كبيرة». وأضاف: «لكن الخبرة العسكرية المتراكمة متوفرة لدى الجانبين. وأنا أشاهد العدو، وسيكون استخفافا من جانبي القول إن أداءهم لم يتحسن».
ونقلت الصحيفة عن ضابط في سلاح الجو الإسرائيلي قوله: «الأغلبية الساحقة من الأسلحة والعتاد اللوجيستي تُنقل من إيران إلى سوريا عن طريق الجو. ولذلك كان هدفنا ضرب منظومة النقل هذه. وهناك مخازن كبيرة جداً وتشكل مركزاً لتوزيع الأسلحة في سوريا، موجودة في قلب مطار مدني. وهذا المركز سمح بوجود كل الجهاز اللوجيستي للإيرانيين في سوريا». وقال ضابط آخر في سلاح الجو الإسرائيلي إنه «جرى التخطيط لأن يكون هذا الهجوم بمثابة رسالة واضحة جداً للسلطات السورية ونظام بشار الأسد، مفادها بأن الضرر لن يلحق بالإيرانيين وحدهم، بل سيهدد نظام دمشق برمته، وبأن إسرائيل لن تقبل بأن يستغل الإيرانيون مطار دمشق الدولي لأغراض عسكرية».
وادعى هذا الضابط أنه في أعقاب هذه العملية العسكرية الجوية «رصد الجيش الإسرائيلي توقف الإيرانيين عن استخدام المطار. فقد تعرض مركز الثقل اللوجيستي في المطار لأضرار جسيمة، ونقلوا معظم النشاط إلى مطار (تي فور) T4. وهذا الانتقال يضع مصاعب أمام الإيرانيين ويجعل نشاطهم اللوجيستي في سوريا أكثر تعقيداً، لأنهم اضطروا إلى نشره في مواقع عدة».
وادعى ضابط ثالث في سلاح الجو الإسرائيلي أن القوات التي تشغل المضادات الجوية في جيش النظام السوري «تلقت تعليمات من (مستوى) أعلى بعدم إطلاق النار باتجاه الطائرات».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.