رئيس سريلانكا يطلب إقالة قادة أمنيين بعد الفشل في تفادي الهجمات الإرهابية

بدء تشييع الضحايا... وأحد الانتحاريين التسعة درس في بريطانيا

مشاركون في جنازة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية بقرية كاتوابيتا شمال العاصمة السريلانكية كولومبو أمس (أ.ب)
مشاركون في جنازة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية بقرية كاتوابيتا شمال العاصمة السريلانكية كولومبو أمس (أ.ب)
TT

رئيس سريلانكا يطلب إقالة قادة أمنيين بعد الفشل في تفادي الهجمات الإرهابية

مشاركون في جنازة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية بقرية كاتوابيتا شمال العاصمة السريلانكية كولومبو أمس (أ.ب)
مشاركون في جنازة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية بقرية كاتوابيتا شمال العاصمة السريلانكية كولومبو أمس (أ.ب)

قال مصدران قريبان من رئيس سريلانكا، مايثريبالا سيريسينا، أمس (الأربعاء)، إنه طلب من قائد الشرطة ووكيل وزارة الدفاع الاستقالة في أعقاب التفجيرات التي وقعت يوم الأحد في عيد الفصح، واستهدفت كنائس وفنادق، ما أسفر عن سقوط 359 قتيلاً. جاء ذلك على خلفية اتهامات بالتقصير في التعامل مع معلومات استخباراتية كان يمكن أن تؤدي إلى تلافي وقوع الهجمات التي نفذها 9 انتحاريين، تبيّن أن أحدهم درس في بريطانيا. ومن المفترض أن يكون تشييع جنازات الضحايا قد بدأ أمس.
وقال رئيس برلمان سريلانكا، لاكشمان كيريلا، إن مسؤولين كباراً تعمدوا حجب معلومات استخباراتية تفيد باحتمال تعرض البلاد لهجمات. ونقلت عنه «رويترز» قوله للبرلمان: «حجب بعض مسؤولي المخابرات معلومات بشكل متعمد. المعلومات كانت متوافرة، لكن مسؤولين أمنيين كباراً لم يتخذوا الإجراءات المناسبة».
وتابع أن المخابرات الهندية قدّمت معلومات في 4 أبريل (نيسان) بشأن احتمال وقوع هجمات انتحارية، وأن مجلس الأمن الوطني عقد اجتماعاً برئاسة الرئيس سيريسينا بعد ذلك بـ3 أيام، إلا أنه لم يتم تبادل المعلومات على نطاق أوسع.
وفي هذا الإطار، أقرّ نائب وزير الدفاع في سريلانكا، روان ويجيواردين، بأن التفجيرات كان يمكن تجنبها لو أن معلومات المخابرات قُدمت إلى «الشخص المناسب». ولم يورد ويجيواردين، الذي تحدث أمام ممثلي وسائل إعلام أجنبية، الكثير من التفاصيل عن المشتبه بهم في تنفيذ التفجيرات، لكنه قال إن أحد المفجّرين التسعة امرأة، بحسب ما أوردته «رويترز». وكان ويجيواردين قال للبرلمان، أول من أمس، إن 9 انتحاريين شاركوا في الهجمات على 3 كنائس و4 فنادق. وأضاف أنه تم تحديد هوية 8 مهاجمين، بينهم امرأة. وقال: «نعلم أن أحدهم ذهب إلى بريطانيا، ثم إلى أستراليا، للحصول على شهادة في القانون. يساعدنا شركاء أجانب بينهم بريطانيا في هذه التحقيقات». وأشار إلى أن جماعتين إسلاميتين سريلانكيتين، هما «جماعة التوحيد الوطنية» و«جمعية ملة إبراهيم»، مسؤولتان عن التفجيرات. وأوضح أمس أن زعيم إحدى هاتين الجماعتين فجّر نفسه في الهجوم على فندق «شانغري لا» الراقي في كولومبو، في إشارة إلى زهران هاشم زعيم «جماعة التوحيد».
أما وكالة الصحافة الفرنسية فلفتت، في تقرير من كولومبو، إلى أن مسلمين في سريلانكا حذّروا لسنوات السلطات من زهران هاشم، وهو رجل دين، وصفته بأنه «استفزازي»، مشيرة إلى أنه، كما يبدو، لعب دوراً أساسياً في هجمات عيد الفصح التي تُعد الأسوأ في تاريخ البلاد.
وأعلن تنظيم «داعش»، في فيديو بثه أول من أمس، مسؤوليته عن الهجمات. وظهر هاشم بشكل واضح في الفيديو، بحسب الوكالة الفرنسية. وبدا بوجهه المستدير في التسجيل، الرجل الوحيد الذي كشف وجهه بين 8 أشخاص. وقد ظهر مرتدياً ثوباً ويعتمر عمامة سوداء ويحمل رشاشاً، وبدا كأنه يقود المهاجمين السبعة الآخرين في إعلان مبايعته زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي. وكان السبعة الآخرون يرتدون ثوباً موحداً، وقد غطوا وجوههم بكوفيات بالأبيض والأسود.
ويُعتبر تسجيل الفيديو أول دليل عملي على الدور الأساسي الذي لعبه رجل الدين السريلانكي في اعتداءات أحد الفصح، بحسب الوكالة الفرنسية، التي أشارت إلى أن هاشم لم يكن معروفاً بشكل واسع قبل الاعتداءات، حتى داخل سريلانكا. وقد جذب هاشم، بحسب تقرير الوكالة الفرنسية، آلاف الأتباع على عدد كبير من مواقع التواصل الاجتماعي، بينها «يوتيوب» و«فيسبوك» حيث كان ينشر خطباً نارية.
وأكد حلمي أحمد نائب رئيس مجلس مسلمي سريلانكا أنه أبلغ السلطات بقلقه من هاشم قبل 3 سنوات. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هذا الشخص كان يحب العزلة ونشر التطرف بين عدد من الشبان تحت ستار دروس في القرآن». وأضاف: «لكن لم يكن أحد يعتقد أن هؤلاء قادرون على شن هجوم بهذا الحجم». وتابع أن هاشم المعروف أيضاً باسمي محمد زهران، ومولاي هاشم، يبلغ من العمر نحو 40 عاماً وأصله من منطقة باتيكالوا على الساحل الشرقي. وكان الهجوم الوحيد الذي وقع خارج منطقة العاصمة كولومبو استهدف كنيسة صهيون في باتيكالوا.
وقال أحمد إن «زهران ينتمي إلى عائلة مسلمة من الطبقة الوسطى وترك الدراسة»، موضحاً أنه درس في معهد إسلامي في كاتانكودي، المدينة ذات الغالبية المسلمة في شرق سريلانكا. وذكرت وسائل إعلام أن زهران أسس «جماعة التوحيد الوطنية» في كاتانكودي عام 2014. ويسود غموض حول ما إذا كانت هذه الجماعة أو مجموعة منشقة عنها قد شنت الاعتداءات. وقال نائب وزير الدفاع السريلانكي روان ويجيوارديني، الأربعاء: «كانت هناك مجموعة انشقت عن المنظمة الرئيسية». وأضاف: «نعتقد أن زعيم هذه المجموعة نفّذ هجوماً انتحارياً في واحد من هذه الاعتداءات». لكنه رفض أن يحدد ما إذا كان يتحدث عن هاشم أو غيره.
وقال مصدر قريب من التحقيق للوكالة الفرنسية إنه ليس هناك دليل على وجود هاشم بين منفذي العمليات الانتحارية. وأضاف: «لا يمكننا التأكد قبل أن نجري فحوص الحمض النووي (دي.إن.إيه) على كل شخص».
وذكر مصدر في الشرطة السريلانكية لوكالة الصحافة الفرنسية إن شقيقين مسلمين، نجلي تاجر توابل ثري في كولومبو، فجرا نفسيهما في فندقي «شانغري - لا» و«سينامون غراند». والفندق الثالث المستهدف هو كينغزبري في العاصمة. وتم إحباط هجوم على فندق رابع الأحد. وتمت ملاحقة المهاجم إلى منزل في كولومبو حيث فجر نفسه وقتل 3 من عناصر وحدات كوماندوز في الشرطة.
وأوقفت السلطات نحو 60 شخصاً للاستجواب في أرجاء كولومبو منذ يوم الأحد. وذكرت مصادر أمنية أن بينهم سورياً. وفتشت الشرطة مزيداً من المنازل الليلة قبل الماضية، ما أدى إلى اعتقال 18 آخرين. ومعظم من قتلوا وأصيبوا في هجمات الأحد من مواطني سريلانكا، وقال مسؤولون إن 38 أجنبياً قتلوا أيضاً.
في غضون ذلك، قالت السفيرة الأميركية لدى سريلانكا ألاينا تبليتز إن حجم وتعقيد هجمات يوم الأحد يشيران إلى ضلوع جماعة خارجية مثل «داعش».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».