مشاركات لافتة لمسيحيي مصر في الاستفتاء

احتفلوا بـ«عيد الشعانين» أمام لجان الاقتراع

البابا تواضروس الثاني يدلي بصوته في الاستفتاء (الشرق الأوسط)
البابا تواضروس الثاني يدلي بصوته في الاستفتاء (الشرق الأوسط)
TT

مشاركات لافتة لمسيحيي مصر في الاستفتاء

البابا تواضروس الثاني يدلي بصوته في الاستفتاء (الشرق الأوسط)
البابا تواضروس الثاني يدلي بصوته في الاستفتاء (الشرق الأوسط)

في مشهد لافت، حرصت الستينية «ماريان»، وهي تُمسك بعصا تتوكأ عليها للحضور إلى لجنة «المعهد الفني الصناعي» بضاحية المطرية (شرق القاهرة)، والمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية. ورغم أن لجنتها الانتخابية كانت في دور علوي، فإنها تحملت ذلك بمساعدة نجلها نبيل ثروت وأدلت بصوتها. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مهما كان التعب، لا بد أن أشارك، فأنا شاركت في جميع الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وهذا الاستحقاق ضروري جداً».
مشهد السيدة القبطية، جسد مشاهد كثيرة للأسر المسيحية، التي حرصت على المشاركة في التصويت على التعديلات. وأضافت «ماريان»: «رغم الاحتفال (بعيد الشعانين)، فإن الجميع حضر للتصويت، لأنها مسؤولية وطنية». وبالفعل نشر الكثير من المسيحيين صوراً لهم على صفحاتهم الشخصية بـ«فيسبوك» و«تويتر»، وهم يحملون «سعف النخيل» عقب الانتهاء من احتفالاتهم بالكنائس، وذهابهم إلى المقار الانتخابية.
وأدلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بصوته في مدرسة «السرايات» بحي الوايلي (شرق القاهرة)، مع انطلاق أول أيام التصويت على التعديلات. سبق ذلك، تأكيده على أن «المشاركة في الاستفتاء على الدستور حق من حقوق المواطنة... ونحث جميع أبنائنا على المشاركة والإدلاء بالرأي».
واحتفل المسيحيون أول من أمس بـ«أحد الشعانين» المعروف بـ«أحد السعف» الذي يسبق «عيد الفصح» أو «عيد القيامة» لدى المسيحيين الشرقيين. وتفرض قوات الشرطة المصرية إجراءات أمنية مشددة في محيط الكنائس، وتمنع السيارات من الانتظار أو المرور بالقرب من دور العبادة المسيحية. مصدر أمني قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم تخصيص (حرم آمن) حول الكنائس يسمح فقط بعبور المارة، خشية من وقوع أي أعمال إرهابية، تُعكر جو الاحتفالات بـ(عيد القيامة)، و(عيد الربيع) الأسبوع المقبل».
وفي أبريل (نيسان) عام 2017 قتل 45 شخصاً، إثر اعتداءين استهدفا كنيستين في الإسكندرية وطنطا (شمال مصر)، خلال قداس «عيد الشعانين»... وتبنى تنظيم داعش الإرهابي الهجومين.
وحضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يناير (كانون الثاني) الماضي، قداس «عيد الميلاد» بمقر كاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة). ودأب السيسي على حضور القداس منذ انتخابه رئيساً للبلاد في ولايته الأولى يونيو (حزيران) 2014. وتعتبر كنيسة العاصمة الإدارية (كاتدرائية ميلاد المسيح) أكبر كنيسة في الشرق الأوسط، وتسع لـ8200 فرد، وهي عبارة عن طابق أرضي، وصحن، ومنارة بارتفاع 60 متراً، وتقع على مساحة 15 فداناً.
وأكد البابا تواضروس الثاني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «القيادة السياسية بداية من الرئيس السيسي، تسعى لأن تبدو مصر (وحدة واحدة)، والابتعاد عن الانقسام والتفتت الكفيل بأن يدمر المجتمعات في وقت صغير».
وأمام لجنة المعهد الفني الصناعي بالمطرية، اصطف عدد من المسيحيين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء. وحرص الأربعيني، ماجد فخري، على اصطحاب أسرته إلى اللجنة للتصويت. وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «التصويت على التعديلات يفتح آفاقاً لمستقبل أفضل لمصر، ويقضي على جميع الأكاذيب، التي يتم ترديدها وتتعلق بوضع الأقباط في مصر».
وسبق أن استنكر البابا تواضروس، في عظة سابقة ألقاها من كنيسة العذراء والأنبا أنطونيوس، بكوينز نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، «الأخبار الخاصة بالكنيسة أو المجتمع المصري، التي تصل أميركا بعد التلاعب فيها»، قائلاً إن «الأخبار عندما (تعدي) الأطلنطي، تتغير خالص - على حد تعبيره -».
وقال مراقبون إن «مصر رفضت من قبل ما اعتبرته زعماً لنواب في الكونغرس الأميركي تحدث عن تعرض الأقباط لانتهاكات». ووفقاً لتقديرات رسمية «تتراوح نسبة المسيحيين في مصر بين 10 و15 في المائة من عدد السكان». ويؤكد البابا تواضروس الثاني دائماً أن «أي محاولة للعبث بالرباط القوي الذي يجمعنا بالمسلمين سوف تنتهي بالفشل»، وأن «مشاعر الحب والود المتبادلة هي نعمة من الله على الشعب المصري»، وأن «الأعياد والمناسبات الإسلامية والمسيحية تأتي كفرصة لإظهار هذه النعمة».
توني سمير، الثلاثيني، حرص على التصويت في إحدى اللجان بضاحية المطرية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدداً كبيراً من الشباب والنساء شاركوا أمس، بشكل لافت في الاستفتاء على التعديلات، فضلاً عن مشاركة كبار السن».
من جهته، أكد القس صليب، بكنيسة «العذراء» في عين شمس (شرق القاهرة) لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاركة في الاستفتاء عكست محبة كبيرة لمصر من المسيحيين والمسلمين، لأن مصر تمر بمرحلة من أخطر مراحلها نحو البناء والتنمية، لذا فعلى الجميع الوقوف خلف وطننا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم