نذر مواجهة بين الجيش السوداني والمعتصمين... والمعارضة تضع شروطاً جديدة

القوات المسلحة تتوعد بإزالة حواجز ومتاريس أقامها المحتجون وفتح جسرين رئيسيين

متظاهرون من المعارضة أمام وزارة الدفاع (الشرق الأوسط)
متظاهرون من المعارضة أمام وزارة الدفاع (الشرق الأوسط)
TT

نذر مواجهة بين الجيش السوداني والمعتصمين... والمعارضة تضع شروطاً جديدة

متظاهرون من المعارضة أمام وزارة الدفاع (الشرق الأوسط)
متظاهرون من المعارضة أمام وزارة الدفاع (الشرق الأوسط)

توعد الجيش السوداني بإزالة حواجز وفتح طرق ومعابر سدها محتجون أمام القيادة العامة، وبوقف عمليات تفتيش للمواطنين ينظمها المعتصمون، ما ينذر بمواجهة وشيكة بينه وبين المعتصمين الذين يعتبرون قراره «حيلة» لفض «اعتصامهم بالقوة»، فيما وضع تحالف المعارضة شروطاً لاستئناف التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، ووعد بإعلان أسماء حكومته خلال يومين. ودعت اللجنة الأمنية التابعة للمجلس العسكري الانتقالي، المواطنين، للتعاون معها للحد مما سمته «الظواهر السالبة، والممثلة بإغلاق الطرق وتفتيش المارة».
ويشل الاعتصام المستمر في السودان منذ السادس من أبريل (نيسان) الحالي، الجزء الشرقي من وسط الخرطوم، ويغلق طرقاً رئيسية: «الجمهورية، والجامعة، والبلدية، والسيد عبد الرحمن، والجيش» بحشود المتظاهرين منذ ذلك الوقت. وتسد حشود المتظاهرين كذلك جسري «القوات المسلحة» و«النيل الأزرق» اللذين يربطان شرق الخرطوم وشمالها بمدينة الخرطوم بحري، ومناطق شرق النيل، ما يشل هذه المنطقة، ويؤثر على النشاط وسط الخرطوم. وقالت اللجنة الأمنية، في بيان صحافي، أمس، إن على المواطنين مساعدة السلطات الأمنية «بالإبلاغ الفوري عن أي ظواهر سالبة تؤثر على الأمن والسلامة والحياة اليومية للمواطنين»، وتوعدت بفتح الممرات والطرق والمعابر بشكل فوري، لتسيير حركة القطارات والنقل بأشكاله المختلفة بالعاصمة والولايات.
ويخشى متظاهرون حدوث صدام بين المعتصمين وقوات الجيش، التي تتهم المتظاهرين بإعاقة «تسيير دفة الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية»، والذين يعتبرون ذلك «حيلة» جربت من قبل لفض الاعتصام.
ونوه البيان إلى أن جهات في المعتصمين ترتكب ممارسات غير مقبولة في الشارع العام، وتتضمن إغلاق الطرق وتفتيش المواطنين والمركبات، ووضع المتاريس، ومنع القطارات والشاحنات من توصيل احتياجات المواطنين بالولايات.
وأشار إلى أن البعض يستخدم ما سمته «مركبات من دون لوحات»، أو لوحات مزورة، «ما يجعلها قابلة للاستخدام في أنشطة سيئة تنعكس على أمن البلاد والمواطن».
من جهتها، قررت «قوى الحرية والتغيير» المعارضة تسمية مرشحيها للسلطة المدنية بكامل هياكلها التنفيذية والسيادية والتشريعية، أمام حشد مليوني دعت له بعد غد الخميس.
وحسب بيان صادر عن «قوى الحرية والتغيير»، أمس، فإن المشاورات التي جرت لتسمية المرشحين للسلطة وصلت لمرحلة متقدمة، وتضمن البيان اعتذاراً عن تأجيل إعلان الأسماء الذي كان مقرراً أول من أمس.
وتشمل الهياكل التي يتوقع إعلان أسماء المشاركين فيها، «مجلساً رئاسياً مدنياً» للمهام السيادية، و«مجلساً تشريعياً مدنياً انتقالياً»، و«مجلس وزراء» مصغراً من الكفاءات الوطنية، ويمثل فيه الشباب والشابات بصورة لائقة.
وجدد البيان رفض أي تمثيل آخر من غير «قوى الحرية والتغيير»، وامتدادات المجلس العسكري السابق، وقال: «لن نقبل بأي تواصل للحرس الشمولي القديم. ولا تفاوض مع سلطة انقلابية تمثل النظام القديم الجديد».
وفي تطور جديد، تقدمت المعارضة بشروط جديدة لاستئناف التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، تتضمن الاعتراف بقوى «الحرية والتغيير» ممثلاً للثورة السودانية، وتسليمها السلطة لتشكيل مجلس رئاسي، وإبعاد ثلاثة من أعضاء المجلس تتهمهم بأنهم «بقايا النظام المعزول».
وكانت قوى المعارضة قد أعلنت أول من أمس، تعليق التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، ورفضت تسليمه أي ترشيحات للحكومة المدنية، واتهمته بالسعي لإعادة إنتاج النظام السابق، وإلحاق حلفائه بالحكومة الجديدة.
واستجابة لمطالب شعبية بتكوين حكومة كفاءات غير حزبية، أعلن «حزب الأمة القومي» بقيادة الصادق المهدي، أنه لن يشارك في الحكومة الانتقالية، وطالب المجلس العسكري الانتقالي بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
وقال الحزب، في بيان صحافي، إن الشعب لا يزال في ساحات الاعتصام للمطالبة بتحقيق مطالبه كاملة، وأضاف: «لقد ظهرت لنا جلياً نوايا وأجندة بعض أعضاء المجلس العسكري، وسعيهم إلى إعادة إنتاج النظام السابق، ورعاية الثورة المضادة، وذلك بالمماطلة والتسويف في نقل السلطة إلى حكومة مدنية ممثل فيها الجيش، تقوم بأعباء الانتقال السياسي الذي يفتح الطريق نحو الديمقراطية الكاملة».
في سياق متصل، قال «الحزب الاتحادي الديمقراطي» بقيادة الزعيم الديني محمد عثمان الميرغني، إنه لن يشارك في الحكومة الانتقالية، وطالب بتقصير الفترة الانتقالية إلى عام واحد أو عامين.
وحدد المجلس العسكري الانتقالي فترة انتقالية طولها عامان، فيما تطالب المعارضة المنضوية تحت لواء «الحرية والتغيير» بفترة انتقالية طولها أربع سنوات.
وقال نائب رئيس الحزب جعفر الصادق، نجل الميرغني، في مؤتمر صحافي أمس، إن ما سماه «تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن أمر في غاية الأهمية، إلى جانب إحياء دولة المؤسسات، وإصلاح أجهزة الدولة، وتطوير الخدمة المدنية، بأسرع وقت ممكن». وأول من أمس علق تحالف «قوى الحرية والتغيير»، الذي قاد الثورة السودانية التي أدت لخلع الرئيس البشير، التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، وأعلن الامتناع عن تسليمه أي ترشيحات للحكومة المدنية، واتهمه بالعمل على إعادة إنتاج النظام السابق.
ومنذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، ظل السودان يشهد احتجاجات ومظاهرات متواصلة، تطالب بتنحية الرئيس عمر البشير وحكومته، قبل أن تتوج باعتصام شارك فيه الملايين أمام قيادة الجيش ابتداء من 6 أبريل الحالي، أدى لخلع الرئيس البشير وتسلم الجيش بقيادة وزير الدفاع السابق عوض بن عوف للسلطة في 11 من الشهر ذاته.
لكن المتظاهرين رفضوا قبول وجود بن عوف على رأس المجلس، ووجود رئيس جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله «قوش» ضمن المجلس العسكري الانتقالي، فاضطر للاستقالة، وإقالة نائبه كمال عبد المعروف، وآلت رئاسة المجلس لرئيسه الحالي عبد الفتاح البرهان، الذي أحالهما ورئيس جهاز الأمن للتقاعد. ورغم مرور أكثر من عشرة أيام على تنحية المخلوع عمر البشير، فإن المحتجين يواصلون الاعتصام أمام قيادة الجيش، متوعدين بعدم فضه قبل أن تتحقق مطالبهم بتصفية النظام السابق، وتقديم رموزه للمحاكمات وتسليم السلطة لحكومة مدنية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.