السلطة لتحويل المرضى إلى الأردن ومصر بدل إسرائيل

القرار دخل حيز التنفيذ وسيحرم تل أبيب من مئات الملايين

طبيب فلسطيني في مستشفى بالضفة الغربية (وفا)
طبيب فلسطيني في مستشفى بالضفة الغربية (وفا)
TT

السلطة لتحويل المرضى إلى الأردن ومصر بدل إسرائيل

طبيب فلسطيني في مستشفى بالضفة الغربية (وفا)
طبيب فلسطيني في مستشفى بالضفة الغربية (وفا)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إن حكومته بدأت دراسة تحويل المرضى الفلسطينيين إلى الدول العربية من أجل الاستغناء عن التحويلات الطبية إلى إسرائيل.
وأضاف أشتية في مستهلّ جلسة الحكومة الفلسطينية، أمس، أنه تم إرسال وفود إلى مصر والأردن من أجل دراسة البدء بالتحويلات للدول العربية، والاستغناء عن التحويلات إلى إسرائيل.
وتحويل المرضى للدول العربية معمول به في السلطة الفلسطينية، لكن التحويلات الأكبر كانت تذهب إلى إسرائيل. وتستقطب المستشفيات الإسرائيلية العدد الأكبر من المرضى الذي يجري تحويلهم من الضفة الغربية وقطاع غزة، بفاتورة سنوية عالية تصل إلى 100 مليون دولار.
وظل هذا الأمر معمولاً به منذ نشأت السلطة الفلسطينية قبل 25 عاماً، لكن السلطة قررت الشهر الماضي التوقف نهائياً عن إرسال المرضى إلى إسرائيل، ضمن سلسلة قرارات أخرى رداً على احتجاز إسرائيل أموال العوائد الضريبية الفلسطينية.
وقال الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة أسامة النجار، إن القرار صدر بتعليماتٍ من الرئيس محمود عباس، على خلفية اقتطاع عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجنيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
كانت إسرائيل قد بدأت في فبراير (شباط) الماضي خصم مبلغ 42 مليون شيكل (نحو 11.5 مليون دولار) شهرياً، من أموال العوائد الضريبية التي تحوّلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية كل شهر خلال عام 2019. بإجمالي 504 ملايين شيكل (نحو 138 مليون دولار)، وهو مبلغ يوازي ما دفعته السلطة لعوائل شهداء وأسرى في عام 2018، فردت السلطة برفض تسلم أي مبالغ مجتزأة وردّت المقاصة كاملة لإسرائيل.
وتشكل هذه الأموال الدخل الأكبر للسلطة، ما سبّب أزمة كبيرة. وقال البنك الدولي: «إذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فستزيد الفجوة التمويلية من 400 مليون دولار في عام 2018 إلى أكثر من مليار دولار في 2019».
وبدأت وزارة الصحة عملياً تحويل مرضى إلى مستشفيات القدس والأردن بدلاً من إسرائيل.
وتوجد دائرة للتحويلات الطبية التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية تدرس حالة المرضى وتقرر منحهم تحويلات طبية إلى مستشفيات خارج الضفة الغربية إذا كان يتعذر علاجهم في المستشفيات الفلسطينية.
ويجري تحويل عشرات آلاف المرضى كل عام من أجل علاج الأورام وأمراض الدم إضافةً إلى حالات جراحة الأعصاب الدقيقة، وجراحات القلب المعقدة.
وحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، فإنه في الأعوام الأخيرة جرى تخفيض كبير على فاتورة التحويلات، بعد ضبطها والتدقيق في فواتير المستشفيات الإسرائيلية؛ علماً بأن تخفيض فاتورة التحويلات لم يكن على حساب المريض الفلسطيني؛ حيث زاد عدد التحويلات وقلَّت التكلفة في الوقت نفسه.
وأحدث القرار الفلسطيني قلقاً في إسرائيل. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن ثمة قلقاً كبيراً من تراجع واضح للأرباح في المستشفيات الإسرائيلية نتيجة المقاطعة الفلسطينية. ومن غير المعروف إذا ما كان القرار الفلسطيني مؤقتاً ومرتبطاً بقرار إسرائيلي بإعادة دفع الأموال للسلطة.
ورفضت فرنسا الموقف الإسرائيلي وطالبت تل أبيب بإعادة دفع الأموال. وشكر أشتية «الموقف الفرنسي الناقد لإسرائيل حول قرصنة أموال الضرائب الفلسطينية».
وأضاف أشتية: «نؤكد إدانتنا للقرصنة الإسرائيلية لأموالنا المستحقة من عائدات الضرائب».
كما أكد وزير الخارجية رياض المالكي، «أهمية الموقف الفرنسي بشأن مطالبة إسرائيل بالإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية».
ودعا المالكي، باريس إلى البناء على هذا الموقف بوصفها راعية الاتفاق المنظم للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأشار إلى أن اجتماعاً لمجموعة الدول المانحة سيعقد في بروكسل نهاية الشهر الجاري، «حيث من المتوقع الحصول على مواقف داعمة من أجل تجاوز الظروف المالية الصعبة» للسلطة الفلسطينية.
وكانت فرنسا قد قدمت الأسبوع الماضي احتجاجاً لإسرائيل، وطالبتها بوقف خصم أموال المقاصة، وتسليمها كاملة وغير منقوصة للسلطة الفلسطينية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رفض الطلب الفرنسي، عبر رسالة رسمية شديدة اللهجة وجهها إلى باريس.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».