اغتيالات في جنوب سوريا ترسم صراع النفوذ في المنطقة

اغتيالات في جنوب سوريا ترسم صراع النفوذ في المنطقة
TT

اغتيالات في جنوب سوريا ترسم صراع النفوذ في المنطقة

اغتيالات في جنوب سوريا ترسم صراع النفوذ في المنطقة

تزايدت عمليات الاغتيال التي تشهدها مناطق جنوب سوريا، التي خضعت لاتفاق التسوية بين المعارضة وروسيا منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث وثقت 8 حالات اغتيال خلال الشهر الحالي، وكان معظم ضحايا عمليات الاغتيال السابقة قادة من فصائل المصالحات أو ضباطاً للنظام أو شخصيات مروجة للميليشيات الإيرانية، حسب ما قاله ناشطون في جنوب سوريا.
وكانت آخر محاولة اغتيال قد وقعت مساء الأحد الماضي في مدينة داعل بريف درعا، حيث استهدف مجهولون بعيارات نارية رشاشة كلاً من فادي الشحادات ومزيد الجاموس، وهما قياديان سابقان في المعارضة، حيث وقعت الحادثة بعد ساعات من اغتيال القيادي المعروف باسم «أبو النور البردان»، وهو قيادي سابق في المعارضة في «جيش المعتز بالله»، الذي انضوى ضمن قوات «الفيلق الخامس» في درعا عقب سيطرة النظام على المنطقة، حيث تعرّض البردان لإطلاق نار مباشر أمام منزله في مدينة طفس بريف درعا الغربي ما أدى إلى مقتله على الفور. ويعتبر «أبو النور البردان» من الشخصيات المقربة لقائد «جيش المعتز بالله» سابقاً (أبو مرشد البردان).
مصادر محلية من ريف درعا الغربي أكدت أن «أبو مرشد البردان والشخصيات المقربة منه تعرضوا لعدة محاولات اغتيال من مجهولين بعد إبرام اتفاق التسوية في المنطقة الغربية من درعا مع الجانب الروسي، حيث تعرض أبو مرشد البردان لعدة محاولات اغتيال استطاع النجاة منها، كما تعرّضت الشخصيات المقربة منه ومرافقوه لمحاولات اغتيال؛ منها إطلاق النار على مهند الزعيم قبل أشهر، وهو أحد المرافقين لأبو مرشد، أدت به لإصابة بالغة أُصيب على أثرها بالشلل، كما تعرض فكري البردان، قيادي سابق في (جيش المعتز بالله) ومن الشخصيات المقربة لأبي مرشد لعملية اغتيال أمام منزله في مدينة طفس، أسفرت عن مقتله في فبراير (شباط) الماضي 2019». ويعتبر «أبو مرشد البردان» أول القيادين الذين وافقوا على اتفاق التسوية مع الجانب الروسي بريف درعا الغربي، وبات من الشخصيات المقربة للجانب الروسي في المنطقة، وحضر مؤخراً عدة اجتماعات مهمة على مستوى المنطقة الجنوبية مع ممثلين عن النظام السوري؛ كان منهم وزير الدفاع السوري ومسؤول الأمن الوطني في سوريا.
من جهة أخرى، تشهد المنطقة الجنوبية حالات اغتيال طالت ضباطاً للنظام السوري وشخصيات مقربة ومروجين لميليشيات «حزب الله» وإيران في المنطقة الجنوبية، حيث شن مجهولون في الشهر الحالي هجمات استهدفت قادة في ميليشيات إيران و«حزب الله» في درعا؛ منها اغتيال المعروف باسم «أبو حسين» أحد قادة الميليشيات الإيرانية في مدينة بصر الحرير شمال شرقي درعا، كما تعرض أحد المروجين لميليشيات «حزب الله» في مدينة الحراك بريف درعا الشرقي لمحاولة اغتيال من قبل مجهولين، وسبقتها حادثة اغتيال لأحد المروجين للميليشيات الإيرانية و«حزب الله» في مدينة طفس بريف درعا الغربي، الذين يحاولون كسب شباب المنطقة وإقناعهم بالانتساب إلى تلك الميليشيات في المنطقة.
ويرى مراقبون أن تصاعد الاغتيالات في مناطق جنوب سوريا، يرسم حالة من صراع النفوذ في المنطقة، الذي لا يزال بشكل ضمني بين إيران وروسيا، حيث إن قتلى عمليات الاغتيال التي وقعت جنوب سوريا عقب سيطرة النظام على المنطقة كانت بحق شخصيات إما مقربة من الجانب الروسي، أو الميليشيات الإيرانية و«حزب الله»، وهما القوتان التي تحاول إحداها الانفراد بالجنوب السوري، ومحاولة كسب أكبر قدر ممكن من مدخراته، سواء البشرية أو الجغرافية أو المناطقية، بينما يرى آخرون أنه قد تكون هناك فئة تحاول استغلال الصراع الروسي والإيراني جنوب سوريا، وتسعى لتحقيق أهدافها على حساب هذا الصراع، حيث شهدت المناطق التي خضعت لاتفاق التسوية عدة هجمات استهدفت حواجز ومقرات عسكرية تابعة لقوات النظام السوري، أيضاً من ضمن حالات الاغتيال التي شهدتها المنطقة مؤخراً كانت شخصيات موالية للنظام من وجهاء محليين تعرضوا لعمليات استهداف مباشرة ومحاولات اغتيال.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.