الاقتتال في طرابلس يحاصر آلاف اللاجئين داخل مراكز الإيواء

جهاز مكافحة الهجرة: جل أماكن إيواء المهاجرين مُعرض للقصف في أي وقت

TT

الاقتتال في طرابلس يحاصر آلاف اللاجئين داخل مراكز الإيواء

قال مسؤولون في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا إنهم نجحوا في نقل عشرات المهاجرين من البلاد إلى النيجر، بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في محاولة لإجلاء أكثر من 3 آلاف آخرين، محتجزين في مناطق بمحيط الاقتتال جنوب العاصمة الليبية طرابلس.
وقال جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية بفرع تاجوراء، القريب من العاصمة، إنه رحّل، مساء أول من أمس 34 مهاجراً من جنسيات أفريقية، بينها السودان والصومال وإريتريا وإثيوبيا، إلى دولة النيجر، ضمن 163 مهاجراً عبر مطار معيتيقة الدولي.
وأضاف الجهاز في بيانه أمس أنه «بعد استيفاء كامل الإجراءات القانونية للمهاجرين، وبحسب تصنيف المفوضية أن هؤلاء من طالبي اللجوء، تم الانتهاء من دراسة وتقييم أوضاعهم الاجتماعية في بلدانهم الأصلية لكونهم من الفئات المستضعفة، قبل أن يتم نقلهم إلى النيجر، تمهيداً لتوطينهم في إحدى دول الاتحاد الأوروبي».
ويعد هذا الإجلاء هو الأول من نوعه منذ بدء الاقتتال في طرابلس، قبل أكثر من أسبوعين بين قوات «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات تابعة لرئيس المجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق» فائز السراج، المعترف به دولياً.
وثمن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، موقف دولة النيجر، وقال إن موافقتها على استقبال هؤلاء اللاجئين «أمر رائد على المستوى العالمي، ونموذج يحتذى به، لكن النيجر لا يمكنها القيام بهذا الأمر بمفردها»، داعيا الدول الأخرى «للمشاركة في مجهودات الإجلاء».
وقال مصدر بجهاز مكافحة الهجرة في العاصمة إن «غالبية مراكز احتجاز المهاجرين الواقعة في طرابلس مُعرضة في أي وقت للقصف». لكنه لفت إلى أن «السلطات في الجهاز لن تتركهم للنيران العشوائية... ويتم نقل المتضررين منهم إلى أماكن بديلة».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أنه سبق أن تم نقل 150 مهاجر من مركز احتجاز عين زارة بجنوب طرابلس، إلى مرفق التجمع والمغادرة بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عندما اقتربت الاشتباكات من مقرهم، مشيراً إلى أن الجهاز «لا يتوانى في نقل أي مهاجر إلى دولة مستضيفة، عندما تنتهي الإجراءات المطلوبة».
وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، قدر السراج أعداد المهاجرين غير الشرعيين في عموم البلاد بـ800 ألف شخص، و20 ألفاً في مراكز الاحتجاز من دول أفريقية وآسيوية. علما بأنه تم ترحيل 16 ألف مهاجر من ليبيا خلال عام 2018 بنظام برنامج «العودة الطوعية»، الذي نظمته المنظمة الدولية للهجرة.
ويشتكي مركز إيواء المهاجرين في مدينة تاجوراء من قلة مواد الإعاشة بسبب تراكم الديون للشركة الموردة للمواد التموينية، وقال في بيان مساء أول من أمس، إنه «يعاني من نقص مواد الإعاشة والنظافة منذ أيام»، مضيفاً أنه «أصبح يعتمد على أهل الخير لتوفير متطلبات الطعام للمهاجرين».
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها نقل المهاجرين من مراكز الإيواء بسبب الاقتتال، إذ سبق أن نقل المئات منهم بعد اندلاع قتال عنيف بين الميليشيات المسلحة بالعاصمة، نهاية أغسطس (آب) الماضي بعد أن حاصرتهم الاشتباكات، بالإضافة إلى فرار حرّاس مراكز الاحتجاز من شراسة الاشتباكات التي أودت بحياة أكثر من مائة شخص.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.