عندما تلتقي الأندية الإنجليزية في الأدوار الإقصائية للبطولات الأوروبية، دائماً ما تكون هناك فرصة لأن يتعامل اللاعبون الذين يعرف بعضهم بعضاً جيداً مع هذه المباريات على أنها مواجهات كبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولا يتعاملون معها بالحذر المطلوب كما هو الحال في مثل هذه المواجهات القارية. وربما كان خير مثال تلك المواجهة القوية بين مانشستر سيتي وتوتتنهام هوتسبر في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.
لقد ارتكب الفريقان أخطاء دفاعية كارثية في بداية المباراة، بالشكل الذي أدى إلى إحراز أربعة أهداف في أول 20 دقيقة من عمر اللقاء، كما فشل كل من الفريقين خلال هذه الفترة في استغلال تقدمه وإدارة المباراة بالشكل الذي يحقق له أهدافه في نهاية المطاف. لقد تخلى الفريقان عن الحذر تماماً، وبدا الأمر وكأنهما في سباق محموم حول مَن الذي سيسجل أهدافاً أكثر من الآخر. وعندما انتهت المباراة بين اثنين من أفضل أندية الدوري الممتاز الإنجليزي، ظهر جلياً أهمية قاعدة احتساب الهدف الذي يحرزه الفريق خارج ملعبه بهدفين في حال التعادل في مجموع الأهداف بمباراتي الذهاب والعودة.
ويمكن القول بكل بساطة إن مانشستر سيتي قد ودع دوري أبطال أوروبا لأنه فشل في تسجيل أهداف في مرمى توتنهام هوتسبر على ملعبه، وإن توتنهام هوتسبر قد تأهل لأنه سجل هدفين في ملعب «الاتحاد» في أول عشر دقائق من عمر المباراة. ويطالب كثيرون بإلغاء قاعدة احتساب الهدف خارج ملعبك بهدفين في حال التعادل، خصوصاً أن هذه القاعدة قد طُبقت في الأساس من أجل تجنُّب إعادة المباريات التي تنتهي بالتعادل بين أندية من بلدان مختلفة، لكن يتم التعامل معها الآن على أنها وسيلة لتجنب خوض وقت إضافي أو اللجوء إلى ركلات الترجيح.
وما المشكلة في أن يتم اللجوء إلى الوقت الإضافي أو ركلات الترجيح؟ من الناحية النظرية، لا توجد أي مشكلة في ذلك، بصرف النظر عن حقيقة أن ركلات الترجيح قد تكون وسيلة «تعسفية وغير مُرضية» لتحديد الفريق المتأهل. أما من الناحية العملية، فقد كانت المشكلة الرئيسية على مر السنين تتمثل في أن معرفة اللاعبين باحتمال الوصول إلى ركلات الترجيح في نهاية المطاف كانت تجعلهم يلعبون بتحفظ كبير ولا يغامرون لأنهم يعرفون أن فرص الفوز ستكون بنسبة 50 في المائة لكل فريق مع الوصول لركلات الترجيح، وهو الأمر الذي كان يقلل من المتعة والإثارة خلال المباريات. لكن مباراة مانشستر سيتي أمام توتنهام هوتسبر كان عنوانها الرئيسي هو «المغامرة وعدم التحفظ»، فقد كانت مباراة رائعة ومثيرة.
لكن قد يكون الشيء الأبرز في هذه المباراة هو القرارات التي تم اتخاذها بناء على تقنية حكم الفيديو المساعد، والتي احتسبت هدفاً لتوتنهام هوتسبر وألغت هدفاً لمانشستر سيتي في الوقت القاتل من عمر المباراة كان من شأنه أن يصعد بغوارديولا وفريقه إلى الدور نصف النهائي للبطولة الأقوى في القارة العجوز. ولم يكن غوارديولا راضياً تماماً عن الهدف الذي احتسب لفيرناندو ليورنتي، مشيراً إلى أن تصوير الهدف من زاوية مختلفة يؤكد أن الكرة قد لمست اليد اليمنى للاعب. ويأخذنا هذا إلى السؤال التالي: هل الاعتماد على زاوية واحدة فقط في التصوير كافياً لاتخاذ قرار بناء على تقنية حكم الفيديو المساعد؟!
دعونا نتفق في البداية على أن تقنية حكم الفيديو المساعد لا يمكنها أن تحسم كل الخلافات، وأنه كان من الصعب اتخاذ قرار حاسم بشأن الهدف الذي أحرزه ليورنتي، وليس كما يقول مشجعو مانشستر سيتي الذين يصورون الأمر وكأنه قد رفع يده ووضع الكرة في الشباك عن عمد. لكن ما يمكن قوله أيضاً إن حكم المباراة وحكام تقنية الفيديو قد شاهدوا إعادة للهدف من أكثر من زاوية قبل أن يتوصلوا للقرار النهائي بأنه لا يوجد ما يدعو لإلغاء الهدف. وفي الحقيقة، لم يستخدم ليورنتي يده لكي يدخل الكرة في المرمى ولا يوجد أي سبب لإلغاء الهدف، وبدلاً من أن يلوم مانشستر سيتي تقنية حكم الفيديو المساعد يتعين عليه أن يلوم خط دفاعه الذي سمح ليورنتي بأن يرتقي بهذا الشكل ويضع الكرة في المرمى بفخذه.
أما فيما يتعلق بالقرار الثاني الذي اتخذه حكم المباراة بناء على تقنية حكم الفيديو المساعد، فمن الممكن أن يجعلنا نشعر بمزيد من التعاطف مع مانشستر سيتي. لقد بدا الأمر وكأن رحيم سترلينغ قد سجل هدف التأهل، واحتفل لاعبو مانشستر سيتي بهذا الهدف بشكل حماسي للغاية قبل ثوانٍ من نهاية المباراة، ولم يرفع الحكم المساعد راية التسلّل ضد سترلينغ أو حتى ضد سيرجيو أغويرو الذي صنع الهدف، ولم يعترض لاعبو توتنهام هوتسبر على احتساب الهدف بداعي التسلل.
وكان السبب في ذلك أن أغويرو كان متسللاً بفارق بسيط للغاية، وكان من الصعب رؤية هذا التسلل من قبل الحكم أو المساعد خلال الوقت الفعلي للمباراة. وطلب حكام تقنية حكم الفيديو المساعد من حكم المباراة أن يلقي نظرة أخرى على الهدف قبل احتسابه، وعندما قام بذلك اكتشف أن أغويرو كان متسللاً بفارق ضئيل، وبالتالي لم يحتسب الهدف.
ومن المؤكد أن الدوري الإنجليزي الممتاز سوف يشهد حالة كبيرة من الجدل، الموسم المقبل، عندما يتم تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد به، وسيرى البعض أن هذه التقنية تقوم بوظيفتها كما هو متوقَّع منها، بينما سيرى آخرون أنها تقوض من سلطات حكم المباراة داخل الملعب. وهناك أيضاً نقاش حول ما إذا كان ينبغي عدم احتساب الأهداف التي يتم إحرازها في حالات التسلل بفارق ضئيل عندما يكون المهاجم على الخط نفسه مع المدافع، أو لا يسعى بوضوح إلى الحصول على ميزة غير قانونية، لأن أي مباراة تشهد عدداً كبيراً من مثل هذه الحالات، ويمكن لتقنية حكم الفيديو المساعد أن تكتشفها في الإعادة التلفزيونية، وهو ما سيعني توقف المباريات كثيراً للنظر في مثل هذه الحالات، بالشكل الذي يؤثر على سير المباراة.
وقد كان نجم توتنهام هوتسبر، كريستيان إريكسن، محقّاً عندما قال إنه كان الأسعد حظاً في العالم عندما ألغت تقنية حكم الفيديو المساعد هدف مانشستر سيتي، نظراً لأنه كان هو مَن فقد الكرة في بداية الهجمة التي أسفرت عن هذا الهدف. وبالطبع، كان مانشستر سيتي سيئ الحظ تماماً، عندما تم إلغاء الهدف.
ولولا الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد، كان مانشستر سيتي سيتأهل للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، ويرقص لاعبوه فرحاً فور نهاية المباراة، في حين كان المدير الفني لتوتنهام هوتسبر ماوريسيو بوكيتينو سيعترض، ويطالب الجميع بإعادة رؤية الهدف، ويؤكد على أن التأهل قد «سُرق» من فريقه. وفي الحقيقة، فإن بوكيتينو سيكون محقّاً تماماً في ذلك، لو ألغى الحكم هذا الهدف.
تقنية حكم الفيديو تظهر أهميتها في دوري الأبطال
تدخلت 3 مرات وكان لها القول الفصل في مباراة ربع النهائي بين توتنهام وسيتي
تقنية حكم الفيديو تظهر أهميتها في دوري الأبطال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة