رواية «ذهب مع الريح» تشغل الأميركيين من جديد

رواية «ذهب مع الريح» تشغل الأميركيين من جديد
TT

رواية «ذهب مع الريح» تشغل الأميركيين من جديد

رواية «ذهب مع الريح» تشغل الأميركيين من جديد

بمناسبة مرور 80 عاماً على صدور فيلم «ذهب مع الريح»، الذي اعتمد على رواية الأميركية مارغريت متشل، تتعاون دور سينما ودور نشر أميركية في إعادة إصدار الرواية (ورقية، وإلكترونياً، ومسموعة) مع إعادة عرض الفيلم. وسجلت مبيعات الرواية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور القليلة الماضية. «قبل 3 أعوام، مرت ذكرى 80 عاماً على نشر الرواية».
وبينما يتناقش أميركيون عن الفيلم، الذي لعب دور البطل فيه الممثل كلارك غيبل، ودور البطلة الممثلة فيفيان لي، يتناقش آخرون عن الرواية.
كيف استقبل الأميركيون الرواية والفيلم بعد كل هذه السنوات؟ وما الفرق بين استقبالهم هذا، واستقبالهم قبل 80 عاماً؟
في ذلك الوقت، كادت الحرب العالمية الثانية تبدأ. وخرجت أميركا لتوها من الانهيار الاقتصادي. وظل الزنوج يعانون من التفرقة العنصرية. «كان ذلك قبل جيل كامل من القس الأسود مارتن لوثر كينغ، ومظاهرات حقوق الزنوج، والنساء، والمتطرفين».
وقعت حوادث الرواية في جنوب الولايات المتحدة، في ولاية جورجيا، خلال الحرب الأهلية الأميركية (1861 - 1865)، وخلال أعوام إعادة الإعمار (1865 - 1877). وتدور أحداث الرواية على خلفية تمرد 7 ولايات جنوبية، «منها ولاية جورجيا»، على الحكومة الاتحادية، وإعلانها الانفصال. وذلك بعد فوز الزعيم الجمهوري إبراهام لنكون برئاسة الجمهورية، وكان وعد خلال الحملة الانتخابية بإنهاء تجارة وامتلاك الزنوج، ثم نفذ ما وعد، وأعلن تحرير الرقيق «عام 1862».
في عام 1861، تبدأ أحداث الرواية في «تارا»، مزرعة عملاقة تعتمد على فلاحة الزنوج، ويملكها جيرالد أوهارا، وزوجته إلين أوهارا. من بين بناتهما الأربع، صعد نجم بنتهم «سكارليت» البالغة من العمر 16 عاماً، التي اشتهرت بجمالها وبفصاحة لسانها.
في الرواية «والفيلم»، يركز الجزء الأول على الأحداث التي لها صلة بالحرب الأهلية، ويركز الجزء الثاني على «سكارليت»، وزيجاتها الثلاث، ومزاجها المتأرجح، ومعاركها مع أزواجها.
قبل 80 عاماً تقريباً، عندما صدرت الرواية والفيلم، انتقد نقاد التركيز على هذه الفتاة. وقالوا إن الرواية والفيلم كانا يمكن أن يركزا على القضية الأهم؛ الحرب الأهلية، واستعباد الزنوج. لكن المؤلفة مارغريت متشل، هبّت ودافعت عن روايتها وقالت: «هذه روايتي، وسكارليت حبيبي... ليست هذه رواية عن السياسة، إنها عن الحب». في الحقيقة، دافع كثيرون عن الرواية، وعن متشل. وذلك لأنه في ذلك الوقت لم تكن قضية الزنوج قضية رئيسية في أميركا. كان الخروج من الانهيار الاقتصادي، وتوقع دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية القضيتين الرئيسيتين.
الآن، بعد 80 عاماً تقريباً، تغيرت الولايات المتحدة كثيراً؛ من دولة الفقر والانهيار الاقتصادي إلى دولة الرفاهية وأرض الكثرة. من التفرقة العنصرية ضد الزنوج إلى رئيس جمهورية أسود. من اعتبار المرأة مواطنة من الدرجة الثانية، إلى حصول النساء على ثلث مقاعد مجلس النواب.
في الشهر الماضي، مع احتفالات الرواية والفيلم، كتب جيرمايا ويلسون، ناقد أسود: «لم تفعل مؤلفة الرواية سوى أن صورت ما في ذهنها عما حدث قبل 100 عام تقريباً. ربما كانت محقة، لأن معاملة البيض للزنوج لم تتغير كثيراً خلال 100 عام». وأضاف: «لم تشاهد مؤلفة الرواية بيع وشراء الزنوج، لكنها شاهدت مدارس وأحياء حتى حمامات مقسمة للبيض دون السود. وصورت ذلك من دون أي استثناء، أو اعتذار، أو خجل».
وكتبت فانيسا بوست، ناقدة سوداء: «كلنا نعرف، لكننا لا نعبر؛ رواية (ذهب مع الريح) رواية عنصرية من الدرجة الأولى». وأضافت: «تبيع الرواية ربع مليون نسخة كل عام. وارتفعت إلى نصف مليون خلال احتفالات ذكرى 80 عاماً. وتظل عائلة مؤلفة الرواية تربح، عاماً بعد عام، من رواية عنصرية».
وأشارت الناقدة إلى نفسها، وقالت: «أحس أحيانا أنني لا أعرف ما هو مفيد، وما هو غير مفيد، بالنسبة لي (في علاقات النساء مع الرجال). لهذا، يجب أن أكون متأنية، وواعية، وحكيمة (عكس سكارليت)».
نقطة أخرى في ضعف شخصية سكارليت: «سذاجتها أمام غزل الرجال لها». صدقت اثنين عندما قال كل واحد لها نفس الجملة: «أنت أجمل امرأة قابلتها في حياتي».
هكذا، في نهاية المطاف، قبل 80 عاماً، وبعد 80 عاماً، يظل الرجال يقولون إنهم أقدر على النساء، ليس فقط في القوة، ولكن أيضاً في التجارب، والحكمة، والتأني، والعقلانية.
مثال ذلك زوج سكارليت الثالث والأخير؛ ريت بتلر (كلارك غيبل)، الذي كان واثقاً من نفسه كثيراً، وعرف نقاط ضعفها، لكنه أحبها، وتزوجها، وتولى رعايتها.
لا غرابة، إذن، أن ملصق الفيلم يصورها معه، وهو يحتضنها، ويحميها.


مقالات ذات صلة

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

ثقافة وفنون جانب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024

علي بن تميم: لا بدّ من الريادة في التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي

في حوار «الشرق الأوسط» مع الدكتور علي بن تميم، رئيس «مركز أبوظبي للغة العربية»، في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الذي يتبع له مشروع «كلمة» للترجمة....

ميرزا الخويلدي (الشارقة)
ثقافة وفنون مائة عام على صدور كتاب الريحاني «ملوك العرب» (دارة الملك عبد العزيز)

الرياض تحتفي بالريحاني وبكتابه «ملوك العرب» في مئويته الأولى

استعرض المشاركون في الندوة إسهامات الريحاني بوصفه كاتباً متعدد المجالات وأكدوا أهمية توثيق تاريخ المنطقة ومجتمعاتها.

عمر البدوي (الرياض)
ثقافة وفنون أمين الريحاني

«ملوك العرب» في مئويّته: مُعاصرنا أمين الريحاني

قيمة كتاب «ملوك العرب» كامنة في معاصرتها لحياتنا ولبعض أسئلتنا الحارقة رغم صدوره قبل قرن. ولربّما كانت قيمة الريحاني الأولى أنه لا يزال قادراً على أن يعاصرنا.

حازم صاغيّة
كتب مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات

يتجاوز الصحافي أنتوني لونشتاين، الخطوط المحلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في كتابه الاستقصائي «مختبر فلسطين: كيف تُصَدِّر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم»

عبد الرحمن مظهر الهلّوش (دمشق)
كتب سردية ما بعد الثورات

سردية ما بعد الثورات

لا تؤجل الثورات الإفصاح عن نكباتها، هي جزء من حاضرها، وتوقها إلى التحقق، وتلافي تكرار ما جرى، بيد أنها سرعان ما تصطنع مآسيها الخاصة، المأخوذة برغبة الثأر

شرف الدين ماجدولين

أصوات نسائية تحيي ثلاث ليال موسيقية صوفية في عُمان

من مهرجان «بيت الزبير» للموسيقى الصوفية في سلطنة عُمان (الشرق الأوسط)
من مهرجان «بيت الزبير» للموسيقى الصوفية في سلطنة عُمان (الشرق الأوسط)
TT

أصوات نسائية تحيي ثلاث ليال موسيقية صوفية في عُمان

من مهرجان «بيت الزبير» للموسيقى الصوفية في سلطنة عُمان (الشرق الأوسط)
من مهرجان «بيت الزبير» للموسيقى الصوفية في سلطنة عُمان (الشرق الأوسط)

تستهلّ مؤسسة «بيت الزبير» في العاصمة العمانية مسقط أولى أمسياتها الموسيقية الصوفية، مساء اليوم الأحد، وهي الأمسية التي تأتي ضمن النسخة الثالثة من مهرجان «بيت الزبير» للموسيقى الصوفية، والذي افتتح السبت، ويستمر حتى الثلاثاء المقبل.

ويهدف المهرجان لتقريب المناخات الموسيقية المتنوعة من القطاعات المهتمة، وتجسير العلاقة مع الثقافات الموسيقية والإرث الإنساني، ويُقام برعاية من شركة «آراء للبترول»، و«الوطنية للتمويل»، ومنتجع «شانغريلا بر الجصة» في سلطنة عُمان.

وضمن ليالٍ موسيقية صوفية، يستضيف المهرجان، مساء اليوم الأحد 19 يناير (كانون الثاني)، الفنانة التونسية عبير النصراوي وفرقتها الموسيقية المكونة من: المايسترو وعازف الكمان الدكتور محمد الأسود، وعازف القانون خليل شقير، وعازف البيانو رمزي مبروك، وعازف الإيقاع الدكتور محمد الحاج قاسم، وبمشاركة عازف الرق العماني إسماعيل البريكي، حيث ستحتفي الأمسية بثراء موروث الإنشاد الديني الذي يجمع بين الأصالة والانفتاح على مختلف ثقافات العالم.

وفي الليلة الثانية، الاثنين 20 يناير، يستضيف المهرجان أيقونة الموسيقى الأوزبكية والملقبة بفنانة الشعب في بلدها، مناجاة يولتشيفا، وفرقتها الموسيقية المكونة من: عازف العود والكمان داداييف أخماتجون، وعازف الطبلة سافاروف خودجموراد، وعازف الرباب سامادوف روزيمورات، وعازف تشانغ عثمانوف سيروج الدين. وستقدم الفنانة، بصحبة فرقتها، مقطوعات من الموسيقى الصوفية التقليدية الأوزبكية، بأداء يمزج بين الروحانية والفن.

أما الليلة الأخيرة، 21 يناير، فستحييها بشكل منفرد الفنانة البريطانية ذات الأصول الكشميرية سارة ياسين، حيث ستدمج فيها الموسيقى الصوفية مع موسيقا السول بتناغم تام. وتغني سارة بالأردية، إضافة إلى البنجابية والإنجليزية، وغالباً ما يترافق صوتها مع عزفها على الجيتار، أو آلة الإكتارا ذات الوتر الواحد، أو الدربكة العربية.

من افتتاح مهرجان بيت الزبير للموسيقى الصوفية (الشرق الأوسط)

محاضرات

أيام مهرجان بيت الزبير للموسيقى الصوفية، افتتحت السبت، بمحاضرة في «بيت الزبير» للبروفيسور عثمان كن، من جامعة هارفارد، وأستاذ الدراسات الأفريقية والأمريكية بجامعة هارفارد، وهو كذلك مؤلف لعدة كتب، ومنتج للفيلم الوثائقي «الحج، العمرة، الزيارة: أربعة أجيال من الحجاج الأفارقة الغربيين إلى الأماكن المقدسة للإسلام».

ألقى البروفيسور كن محاضرة بعنوان «العلاقات الفكرية والروحية بين أفريقيا السوداء والعالم العربي»، سلّط فيها الضوء على التداخل الثقافي بين مجموعة دول أفريقيا السوداء ودول العالم العربي، والذي عززه انتشار الإسلام في تلك المناطق. كما تحدّث عن مساهمة العلماء الأفارقة في الشعر العربي، والشعر الصوفي خاصة.

يهدف مهرجان «بيت الزبير» لتقريب المناخات وتجسير العلاقة مع الثقافات الموسيقية (الشرق الأوسط)

ورش مصاحِبة

يصحب المهرجان مجموعة ورش موسيقية للأطفال والكبار، فتقدم الفنانة سارة ياسين ورشة تفاعلية بعنوان «لنغنِّ معاً مقاطع شعرية»، حيث يستكشف فيها الأطفال وعائلاتهم الأغاني الصوفية. ويقدم الأستاذ جمال الدين بشر ورشة «لنعزف معاً ألحاناً موسيقية»، وهي ورشة عملية للتعريف بالآلات الموسيقية المستخدمة في الغناء الصوفي؛ مثل الدف والناي والعود. ويصحب الورشة تطبيق عملي للآلات الموسيقية. وستقدم الفنانة عبير النصراوي ورشة تخصصية في تقنيات الغناء في الموسيقى الصوفية، بالتعاون مع قسم الموسيقى بجامعة السلطان قابوس، وسيشارك فيها مجموعة من الدارسين للموسيقى في سلطنة عمان.