معركة كشف الأخبار الزائفة بين «الأسلحة اليدوية» والذكاء الصناعي

مشرف وحدة التحقق لدى «آر تي إل» لـ«الشرق الأوسط»: مهارات يجب على جميع الصحافيين امتلاكها

أندرياس غراول أثناء ورشة العمل خلال فعاليات منتدى الشارقة للاتصال الحكومي
أندرياس غراول أثناء ورشة العمل خلال فعاليات منتدى الشارقة للاتصال الحكومي
TT

معركة كشف الأخبار الزائفة بين «الأسلحة اليدوية» والذكاء الصناعي

أندرياس غراول أثناء ورشة العمل خلال فعاليات منتدى الشارقة للاتصال الحكومي
أندرياس غراول أثناء ورشة العمل خلال فعاليات منتدى الشارقة للاتصال الحكومي

في عصر تضخ قنواته الإعلامية العالمية بشتى أنواع الأخبار، وفي عصر منحت التكنولوجيا الحديثة، الحياة الجديدة لفنون الدعاية السياسية وأساليب قلب الحقائق والتزييف، تواصل وكالات الأخبار العالمية المرموقة بث التقارير من مختلف مدن العالم، وتحاول جاهدة المحافظة على سمعتها المهنية خالية من أدنى درجات التحيز، أو الوقوع في نشر أخبار كاذبة أو مغلوطة.
إن الانتشار الكبير للوكالات في وسائل الإعلام العالمية، بما في ذلك الصحف، ومحطات البث الإذاعي، والوكالات والهيئات الحكومية المختلفة يقتضي منها أن تلتزم جانب الطمأنينة والدقة فيما تنشره في الوقت الذي تواجه الثقة الإعلامية مختلف أوجه التهديد.
إلى ذلك، أعلنت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية (أ.ب) اقترابها من تطوير وإطلاق أحدث أدواتها للتحقق من صحة الأخبار عن طريق توظيف الذكاء الصناعي تحت اسم «أ.ب فيريفاي» (AP Verify).
وكشفت آنا جونسون، مديرة الأخبار في منطقتي أوروبا وأفريقيا لدى الوكالة، في تصريحات صحافية نهاية الشهر الماضي، عن أن أداتها الجديدة تستند إلى التكنولوجيا السحابية وتستفيد من إمكانات تقنيات الذكاء الصناعي المتطورة للتحقق الفوري من – أو الكشف العاجل عن – الآلاف من فيديوهات المستخدمين التي تخضع لفحص صحافيي الوكالة بصفة أسبوعية.
برنامج التحقق لدى الوكالة يجمع بين تقنيات التعرف البصري والتعلّم الآلي لأجل إجراء التقييمات اللحظية السريعة لفيديوهات المستخدمين قبل نشرها. وظلت تلك الأداء الجديدة قيد الاختبار منذ عام 2017، عندما حازت الوكالة الموافقة على تمويل الأبحاث بشأنها كجزء من مبادرة «غوغل» لدعم الأخبار الرقمية.
وفي ظل تزايد احتمالات الفيديوهات المزيفة حديثاً (من الجمع بين تقنيات الذكاء الصناعي مع اللقطات الفعلية لأحد الأشخاص بغية الخروج بمقطع مزيف تماما)، تقر جونسون بأنّ التلاعب بالمحتوى الذي يبدو أكثر واقعية بات أسهل ما يكون عن ذي قبل.
لكن يمكن استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي على قدم المساواة من أجل الصالح العام وذلك من خلال بناء ثقة الرّأي العام في محتويات وكالة «أسوشييتد برس» الإخبارية، ومن ثم في وسائل الإعلام الإخبارية بصفة عامة.
وتعتقد جونسون أنّ المقدرة على تطبيق تكنولوجيا الذكاء الصناعي للتحقق من فيديوهات المستخدمين من شأنها الإسراع من عملية الإبلاغ عن الأخبار العاجلة وإنقاذ الصحافيين من عبء مراجعة المحتويات الهائلة للغاية من فيديوهات المستخدمين. وهي تقول عن ذلك: «تساعد تلك التكنولوجيا في تنقية الضوضاء من الفيديوهات، وإزالة الإطناب والأجزاء التي لا تستحق الاطلاع عليها. ونحن نواصل البحث عن الوسائل المبتكرة لتسريع المراجعة، وجعلها أكثر بساطة وفاعلية؛ حتى يتمكن الصحافيون من التركيز فعلاً على التقارير الإخبارية ذات المغزى والأهمية».
واتفقت معها ليسا غيبس، مسؤولة الذكاء الصناعي لدى «أسوشييتد برس»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عند التقائها في أبريل (نيسان) 2018؛ إذ قالت: إن «الطريقة اليدوية للتحقق اليوم من قِبل الصحافي تتضمن بحثه عن مصدر المعلومات وتاريخ نشرها ومكان النشر أيضاً، خصوصاً عند التأكد من صحة الصور. لكن، أصبح من الممكن اليوم من خلال التكنولوجيا المتوافرة بناء أداة تختصر العملية الشاقة على الصحافي وتنجز المهمة بوقت أقل».
وأضافت غيبس: «قد نعتبر تجهيز أنفسنا بالتكنولوجيا معركة تسليح بين قوى الخير الصحافية وطاقات الأخبار الكاذبة»، مشيرة إلى أن «كل حقبة إعلامية زمنية تشهد تغيرات تكنولوجية تربكها أو تعطلها، لكن المعايير التحريرية والمهنية يجب أن تظل ثابتة بغض النظر». وأكدت على أهمية الوفاء لمعايير المهنة بقولها: «يتوجب علينا أن نعمل معاً لنحرص على تطوير طرق تبرز عملنا وتمنحنا القدرة على الكشف عن المعلومات المغلوطة بسرعة، وبإمكان تقنيات الذكاء الصناعي مساعدتنا على ذلك».
قد يكون الذكاء الصناعي هو الخلاص من أعباء تدقيق وتصفح مواد ومقاطع فيديو مهولة، إلا أن غرفة أخبار قناة «آر تي إل» الألمانية سلّحت نفسها ضد الأخبار الكاذبة بنجاح بأدوات غير مكلفة، ودربت صحافييها على استخدامها. هذا ما كشفه أندرياس غراول، المشرف على وحدة التحقق من الأخبار لدى القناة، بقوله: «لا نستخدم التكنولوجيا المتطورة الباهظة الثمن للتّحقق من الأخبار، بل نعتمد على ما توفره لنا القناة مثل أداة (reverse image search) التي لا تكلف أكثر من 300 دولار». وأضاف غراول لـ«الشرق الأوسط» على هامش ورشة عمل «إنيكس» خلال فعاليات الدورة الثامنة من منتدى الشارقة الدولي للاتصال الحكومي: «منذ بدأنا هذه الوحدة عام 2016 لم نقع في أي فخ ولم نخطئ إلى الآن».
الوحدة جرى تأسيسها بعد اعتداء ميونيخ الإرهابي في يوليو (تموز) 2016. يستذكر غراول ذاك اليوم الدامي الذي عانت منه ألمانيا بقوله: «كان (تويتر) متفاعلاً، وكان مصدرنا الرئيس لأن مراسيلنا في ميونيخ كانوا ممنوعين من التنقل لأسباب أمنية». وأضاف: «اضطررنا إلى الاعتماد على ما كان ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، واحترنا في غرفة الأخبار حول مصداقية ما يتم مشاركته وما هي الأنباء التي بالإمكان أن ننقلها». ووفقاً لغراول، وسط الزحمة والضياع التي حلت في غرفة الأخبار، تقدم رجل من قسم الأرشيف وتبرع بخدماته للتحقق من الأنباء المتواردة، وتسلم دفة القيادة. تحقق هذا الرجل الذي لطالما عمل في الإعلام التقليدي في قسم الأرشيف من الكم الأكبر من الصور مؤكداً مصداقيتها، أو زيفها. مهاراته الدقيقة في الأرشفة أفادته والقناة في عالم التواصل الاجتماعي، واستطاع الكشف عن صور وأنباء مزيفة تم تداولها لم تكن من الاعتداء الإرهابي، كما استطاع الكشف عن حسابات زائفة.
وبعدها شرح غراول: «عقب واقعة ميونيخ، نظم زميلي في الأرشيف ورشة عمل لتدريب كادر القناة على التعامل مع أحداث مستقبلية في مجال التحقق، وكنت في الدفعة الأولى». واستطرد: «وسّعنا شبكتنا على مدار السنوات الثلاث لنتعاون مع مجموعة (انيكس) العالمية و(آر تي إيه) في لكسمبورغ، وأصبحنا ندير ورشات العمل لتدريب الصّحافيين والطّلاب على مهارات التحقق من الأخبار والصور».
مهنة «خبير التحقق» أصبحت رائجة في غرف أخبار المؤسسات الإعلامية الألمانية، لكن غراول يعتقد أنّ المهارات التي يمتلكها هذا الخبير، مهارات أساسية يجب أن يمتلكها أي صحافي خلال عملية البحث لكتابة القصة، لكن الفرق توظف أدوات إلكترونية قد لا تكون مألوفة للجميع.
هناك الكثير من الأدوات المجانية على الإنترنت تساعد الوحدة في عملها، فعلى سبيل المثال، يعتمد غراول وزملاؤه على «ويكيمابيا» للتّحقق من أسماء ومواقع المناطق الجغرافية العربية، إلى جانب أدوات مماثلة تساعدهم في ترجمة إشارات المرور في الصور. وأضاف: «لدينا أيضاً شبكة من الشركاء نتواصل ونتعاون معهم، خصوصاً في قضية اللجوء إلى أوروبا، استثمرنا في بناء علاقات مع بعض اللاجئين الصحافيين الذين قدموا واستفدنا من خبراتهم والمامهم».
وعن أداة «أب» التي تعتزم الوكالة إطلاقها، قال: «لو نجحت الأداة قد نوظفها نحن أيضاً، لكن سنضطر إلى تغطية قضايا محلية وداخلية بالآلية الحالية، والتطور التقني لن يلغي أهمية عملنا، بل سيساهم في تحسينها».
- ليست كل الأخبار الخاطئة... كاذبة
> «الأخبار الكاذبة»... مصطلح أصبح فضفاضاً، وأداة بأيدي الساسة لتغريم الصحافيين وانتقاد عملهم، عندما يفيدهم اتهامهم بالزيف والتحريف. لكن، ليست كل الأخبار المتداولة، الخاطئة هي كاذبة، من شأنها الأذى.
- الأخبار الساخرة: قد تكون الأخبار المنشورة ساخرة، وقد يسيء فهمها المتلقي ويظن أنها حقيقية.
- السياق الخاطئ: قد يكون المحتوى ذا مصداقية، إلا أنه قد يستخدم في سياق مختلف؛ ما يجعل الخبر غير دقيق.
- الارتباط الخاطئ: قد يكون العنوان أو الصور المصاحبة للخبر لا تعبر عنه.
- المحتوى الدخيل: عندما يقوم أحدهم بانتحال مصدر حقيقي؛ ما يؤدي إلى نشر أخبار مغلوطة.
- المحتوى المتلاعب به: عندما يتم التلاعب عمداً بصور حقيقية لخداع الوكالات والمؤسسات الإخبارية.
- المحتوى المفبرك: عندما يتم تداول محتوى مزيف كلياً من شأنه الأذى وخداع الصحافيين.
لذا؛ أمام الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام مهمة التحقق من الأنباء الواردة، لكن بعض التحديات أمامهم.
- ثقافة الإعلام الإلكتروني: هذا تحدٍ يواجه الصحافيين من الأجيال التي تعتبر التطور التكنولوجي دخيلاً على حياتها، واعتادت العمل في غرف أخبار تقليدية، لكن الحل قد يكون مجرد دورات في هذا المجال.
- التكتلات الإلكترونية المغلقة: تطبيقات مشفرة مثل «واتساب» و«تلغرام» قد توفر حيزاً سرياً لإنتاج أخبار زائفة، يصعب الوصول إلى مصدرها والتحقق من صحتها.
- إساءة استخدام التكنولوجيا: بغرض التضليل أصبح من المتاح توظيف التكنولوجيا التي كانت يوماً حكراً على هوليوود فقط لتزييف الفيديو وفبركة الصور. هذه التكنولوجيا تمكن مستخدميها من تغيير الوجوه، والأماكن، والصوت.


مقالات ذات صلة

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».