النيابة العامة توجّه بلاغين ضد البشير يتعلقان بـ«غسل الأموال»

إجراءات قانونية ستُتخَذ ضد بعض رموز النظام السابق المتهمين بالفساد

الرئيس المخلوع عمر البشير
الرئيس المخلوع عمر البشير
TT

النيابة العامة توجّه بلاغين ضد البشير يتعلقان بـ«غسل الأموال»

الرئيس المخلوع عمر البشير
الرئيس المخلوع عمر البشير

وجّهت النيابة العامة السودانية أمس، بلاغين ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، يتعلقان بـ«غسل الأموال وحيازة أموال ضخمة دون مسوّغ قانوني»؛ في وقت ذكرت أنباء عن اعتقال عدد من رموز النظام السابق من بينهم نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه والقيادي البارز نافع علي نافع، غير أن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم لم يؤكد هذه الأنباء.
ونقلت «رويترز» عن مصدر لم تسمه أن الاستخبارات العسكرية نقلت معلومات للنيابة عن وجود مبالغ ضخمة في مقر سكن البشير الرئاسي، مما أدى إلى قيام قوة من الاستخبارات العسكرية بتفتيش المنزل، وعثرت في إحدى الغرف على حقائب بها أكثر من 351 ألف دولار و6 ملايين يورو، إضافة إلى 5 مليارات من الجنيهات السودانية.
وكشفت النيابة العامة عن «إجراءات قانونية ستُتخَذ ضد بعض رموز النظام السابق المتهمين بالفساد». ووجهت باستعجال تكملة إجراءات التحري في الدعاوى الجنائية التي وقعت في الاحتجاجات والمظاهرات والأحداث الأخيرة، ورفع تقرير بشأنها خلال أسبوع من تاريخه.
وأصدر النائب العام السوداني أمس عدداً من القرارات من بينها إنشاء نيابة لمكافحة الفساد برئاسة مولانا ياسر بشير بخاري. كما قرر رفع الحصانة عن عناصر جهاز الأمن والمخابرات الوطني المشتبه بضلوعهم في قتل متظاهر أثناء احتجازه، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي. وكانت عناصر الأمن اعتقلت أحمد الخير (36 عاماً) في أواخر يناير (كانون الثاني) في ولاية كسلا الشرقية بتهمة تنظيمه احتجاجاً في المنطقة. وأبلغت أسرته بتسلم جثته من مشرحة محلية، وأكد مسؤول بارز في الخرطوم لاحقاً أن الخير توفي متأثراً بجروح أصيب بها أثناء احتجازه.
وأمس أصدر النائب العام المكلف الوليد سيد أحمد قراراً يرفع فيه الحصانة عن عناصر الأمن والمخابرات الذين شاركوا في التحقيق مع الخير، حيث لم يحدد عددهم بعد. من جهة ثانية، ينتظر أن يكون المجلس العسكري الانتقالي قد عقد مساء أمس اجتماعاً مع قوى إعلان الحرية والتغيير، للتفاوض حول كيفية قيادة المرحلة الانتقالية، في الوقت الذي يتواصل فيه اعتصام عشرات الآلاف أمام القيادة العامة للجيش.
والتقى رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عمر زين العابدين مساء أمس بالقصر الجمهوري بوفد قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). وقال صديق يوسف، القيادي في «تحالف الحرية والتغيير الذي يضم تجمع المهنيين وعدداً من الأحزاب السياسية، في تصريح صحافي، إن اللقاء جاء استجابة لدعوة من المجلس العسكري الانتقالي، وتناول الوضع السياسي الراهن، والحل الشامل لقضية السودان.
وينتظر أن يكون المجلس قد بت في مصير «المجلس السيادي المدني» المقترح من قبل قوى المعارضة لتسيير أمور الفترة الإنتقالية.
لكن القيادي في «تجمع المهنيين السودانيين»، محمد ناجي الأصم، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المؤتمر الصحافي لإعلان السلطة الانتقالية المقرر مساء اليوم، قائم في موعده عند السابعة مساء بالتوقيت السوداني المحلي. وجدد التجمع المهني في بيان صدر أمس، الدعوة لجماهير الشعب وأجهزة الإعلام المحلية والدولية والإقليمية والبعثات الدبلوماسية لحضور المؤتمر الصحافي. وبحسب البيان فإن التجمع الذي قاد الثورة ضد نظام البشير، سيعلن «الأسماء المختارة» للمجلس السيادي المدني الذي «سيضطلع بالمهام السيادية في الدولة» في المؤتمر الصحافي.
من جهة أخرى، دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، التشادي موسى فكي، الذي وصل إلى الخرطوم أمس، السودانيين إلى التوافق على المرحلة الانتقالية. والتقى فكي، رئيس اللجنة السياسية التابعة للمجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عمر زين العابدين بالقصر الجمهوري. وقال فكي خلال اللقاء إن السودان دولة محورية، وإن اتحاده يتفهم الثورة الشعبية، والدور الذي لعبته القوات المسلحة فيها. ودعا فكي إلى بذل الجهود لـ«تقريب وجهات النظر»، معتبراً «التوافق بين الأطراف السياسية على مرحلة انتقالية أمراً أساسياً».
بدوره، قال زين العابدين، إن مهمة مجلسه تنحصر في تهيئة المناخ لتولي القوى السياسية الحكم في البلاد بطريقة سلمية، وديمقراطية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.