كوسوفو تعيد 110 من أقرباء «الدواعش» من سوريا

كوسوفو تعيد 110 من أقرباء «الدواعش» من سوريا
TT

كوسوفو تعيد 110 من أقرباء «الدواعش» من سوريا

كوسوفو تعيد 110 من أقرباء «الدواعش» من سوريا

أعلنت كوسوفو، أمس (السبت)، إعادة 110 من رعاياها من سوريا، جميعهم تقريباً زوجات وأطفال أفراد من تنظيم «داعش». وسارعت الولايات المتحدة إلى الترحيب بهذه الخطوة غير المسبوقة في أوروبا من حيث حجمها، حسبما لاحظت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال أبيلارد طاهري وزير العدل في كوسوفو، في مؤتمر صحافي، أوردته وكالة «رويترز»: «في الساعات المبكرة من صباح اليوم (أمس) نظمت عملية مهمة وحساسة استعادت فيها حكومة كوسوفو بمساعدة الولايات المتحدة 110 من مواطنيها من سوريا». ولم يحدد طاهري دور الولايات المتحدة في العملية لكنّ طائرة يحمل ذيلها صورة العلم الأميركي شوهدت في منطقة الشحن من مطار بريشتينا في أثناء تنفيذ العملية، حسب «رويترز». وقال طاهري: «لن نتوقف قبل أن نعيد كل مواطن من جمهورية كوسوفو إلى بلاده، وكل من ارتكب أي جريمة أو كان عضواً في تلك المنظمات الإرهابية سيحاكَم... لا يمكن أن نسمح لمواطنينا بأن يشكّلوا تهديداً للغرب ولحلفائنا».
وكان أربعة رجال يُشتبه بأنهم قاتلوا في صفوف «داعش» في الطائرة التي هبطت ليلاً في مطار بريشتينا. وقال رئيس النيابة العامة ألكسندر لوميزي، لوسائل الإعلام، إن تهمة المشاركة في نزاعات في الخارج وُجِّهت إليهم رسمياً اعتباراً من أمس (السبت). والركاب الآخرون هم 32 امرأة و74 طفلاً، وفق ما قالت حكومة كوسوفو.
ورحبت سفارة الولايات المتحدة في بريشتينا، في بيان، بعملية نقل هؤلاء واعتبرتها «نموذجاً مهماً يُقتدى به» بالنسبة إلى الأسرة الدولية. وتابع البيان أن واشنطن «تشيد بالتعاطف» الذي أبدته سلطات كوسوفو «بقبولها عودة هذا العدد الكبير من المدنيين».
وكوسوفو التي يشكّل المسلمون 90% من سكانها هي الدولة الأوروبية التي يعد أكبر عدد من المقاتلين المتشددين في العراق وسوريا منها بالنسبة إلى عدد سكانها البالغ 1,8 مليون نسمة.
وأثارت مسألة إعادة أقرباء المتشددين سجالات في العديد من الدول. وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن فرنسا التي تشملها هذه الظاهرة كانت قد أعادت في منتصف مارس (آذار) خمسة أطفال بعد أسابيع من العرقلة والتأجيل، وسط رفض الرأي العام لعودة المتشددين وأقربائهم.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 300 شخص من كوسوفو توجهوا للقتال في سوريا والعراق. وقُتل نحو 70 منهم فيما عاد نحو 120 وسُجنوا في غالب الأحيان. وأوضح قائد شرطة كوسوفو رشيد كلج، السبت، أن ثلاثين مقاتلاً من كوسوفو ما زالوا في سوريا ومعهم 49 امرأة وثمانية أطفال. وقامت كوسوفو التي تعد من أقرب حلفاء الولايات المتحدة عام 2015 بتشديد تشريعاتها وقضت بعقوبات تصل إلى السجن 15 عاماً بحق مواطنيها الذين يذهبون إلى القتال في الخارج.
وقال وزير العدل أبيلارد طاهري، لوسائل الإعلام في كوسوفو إن المدنيين الذين تمت إعادتهم «يستحقون إعادة الاعتبار والأمل بحياة هادئة بعيداً من النزاعات»، فيما دعا الرئيس هاشم تاجي أقرباءهم عبر موقع «فيسبوك» إلى «مساعدتهم في إعادة الاندماج في مجتمعنا بأسرع ما يمكن».
وتم اقتيادهم في مرحلة أولى إلى معتقل فرانيدول قرب بريشتينا، الذي يُخصص عادةً للمهاجرين وتقوم الشرطة بحراسته. وشاهد صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية أطفالاً يلعبون كرة القدم، ظهر السبت.
وأعلن رئيس المديرية الوطنية للصحة العامة في كوسوفو ناصر رمضاني، أن هؤلاء الأشخاص الذين تم اقتيادهم، السبت، إلى مخيم للاجئين سيخضعون لفحوص طبية، مضيفاً أن «النساء والأطفال تعرضوا لصدمات خطيرة».
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لا يعرف أحد تحديداً عدد الأطفال الأجانب العالقين في سوريا، وتحدثت منظمة «سيف ذا تشيلدرن» غير الحكومية عن أكثر من 3500 طفل يتحدرون من ثلاثين بلداً في مخيمات النازحين.
وحسب تقديرات مختلفة، توجه نحو ألف من مسلمي البلقان منذ 2012 للقتال في صفوف «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) أو تنظيم «داعش»، كما تطاول هذه الظاهرة ألبانيا ومونتينيغرو وشمال مقدونيا والصرب. وقُتل نحو مئتين من هؤلاء خلال القتال في حين عاد 300 إلى البلقان وسُجنوا غالباً.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».