الجيش الليبي يكثف ضرباته في طرابلس... و«الوفاق» تستعد لـ«يوم الحسم»

«الصحة العالمية» ترصد 220 قتيلاً في اشتباكات العاصمة... وسلامة ينفي تعرضه لمحاولة اغتيال

قوات موالية لحكومة الوفاق قرب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق قرب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يكثف ضرباته في طرابلس... و«الوفاق» تستعد لـ«يوم الحسم»

قوات موالية لحكومة الوفاق قرب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق قرب طرابلس أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت، أمس، حدة المعارك حول العاصمة الليبية طرابلس، خصوصاً في ضاحيتها الجنوبية بين «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق»، فيما تظاهر مواطنون في العاصمة، مرتدين سترات صفراء، احتجاجاً على ما وصفوه بـ«دعم فرنسا لحفتر».
وأعلن «الجيش الوطني» بسط سيطرته على «عدة مواقع جديدة» في محاور القتال داخل العاصمة، وقال مركز الإعلام الحربي، التابع له، في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك»، أمس: «قواتنا تتقدم، وميليشيات (الوفاق) تتقهقر في جميع المحاور»، مشيراً إلى «وصول تعزيزات عسكرية لمختلف المحاور من ألوية عسكرية، وكتائب للجيش لحسم المعركة في أقرب وقت».
كما أعلن المركز الإعلامي أنه «بناءً على تعليمات المشير حفتر، تم تشكيل غرفة أمنية بمنطقة النواحي (الأربعة)، برئاسة العميد عبد الناصر مسعود، تختص بكل المواقف الأمنية داخل المنطقة، بالتنسيق مع غرفة عمليات المنطقة الغربية»، لافتاً إلى أن الغرفة التي تضم في عضويتها عدداً من ضباط «الجيش الوطني» ستقوم بإحالة بلاغاتها والمواقف الأمنية إلى هيئة السيطرة بالقيادة العامة.
في مقابل ذلك، أعلنت قوات حكومة «الوفاق» عن «بدء هجوم مضاد» في جنوب العاصمة، ودعا السراج قواته، التي قال إنها «تستعد ليوم الحسم، إلى مراعاة السكان العالقين في مناطق الاشتباكات، والعمل على حماية ممتلكاتهم، وعدم الرد على ما وصفه بالخطاب الجهوي الصادر عن ميليشيات حفتر». في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني».
واعتبر السراج في بيان مساء أمس أن «هذا الاعتداء قام به شخص واحد، تحركه نزوات ورغبات وأوهام شخصية، لا يُنسب إلى منطقة أو قبيلة».
من جهته، نفى العقيد طيّار محمد قنونو، المتحدث الرسمي باسم قوات «الوفاق»، أمس، الأنباء التي تفيد بسيطرة «الجيش الوطني» على مدينة العزيزية. وأكّد لوكالة الأنباء الألمانية استمرار سيطرة قوات «الوفاق» على المدينة، الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً جنوب طرابلس، مشيراً إلى تقدُّم القوات إلى ما بعد العزيزية باتجاه جبل نفوسة.
في غضون ذلك، اعتبر أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر والقوات المسلحة، أن بيان البيت الأبيض حول اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحفتر «يُظهر أن الولايات المتحدة لديها قناعة بالدور المحوري للجيش».
وقال المسماري في تصريحات تلفزيونية له مساء أول من أمس: «إن كلام ترمب يدل على قناعة الولايات المتحدة بالدور المحوري للجيش الليبي في الحرب ضد الإرهاب».
ودارت، أمس، عدة معارك تصاعدت خلالها حدة الاشتباكات في عدة محاور جنوبي العاصمة طرابلس، كما جرت اشتباكات في محور وادي الربيع. وقالت مصادر محلية وتقارير إعلامية واردة من طرابلس، أمس، إن اشتباكات عنيفة جرت في الضواحي الجنوبية للمدينة، حيث كان بإمكان السكان المحليين سماع القصف من وسط المدينة. وفي تأكيد لتزايد حدة المعارك، أضاف السكان أن أصوات القصف كانت أعلى ومتكررة على نحو أكثر، مقارنةً بالأيام السابقة.
وكان المسماري قد أعلن في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أن قواته تواصل ما سماها عملية «تطهير» طرابلس من الجماعات المسلحة الإرهابية، مؤكداً أن العمليات تتقدم بسلاسة وثبات في طرابلس. كما اتهم قوات السراج بشن غارة جوية على مواقع للجيش، مشيراً إلى أن جماعات إرهابية من تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة» أتوا من سوريا عبر تركيا إلى طرابلس.
وأوضح المسماري أن قوات الجيش قامت بتسليم قاعدة «تمنهنت» لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني في الشرق، بعد إحباط هجوم إرهابي، أسفر عن مقتل 15 من العناصر الإرهابية.
وطبقاً لإحصائية قدمتها منظمة الصحة العالمية، أمس، فقد ارتفع عدد ضحايا اشتباكات طرابلس إلى 220 قتيلاً، و1066 جريحاً، مشيرةً إلى أن من بين المدنيين القتلى «عمالاً صحّيين ونساءً وأطفالاً».
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن القتال تسبب في نزوح 13 ألفاً و500 شخص، بينهم 900 تم استقبالهم في مراكز إيواء.
وكان المئات من أنصار السراج قد تظاهروا مساء أول من أمس، في مدينتي طرابلس ومصراتة رفضاً للحرب، حيث رفعوا شعارات «نعم لطرابلس ولا لدمارها»، و«لا لحكم العسكر»، خصوصاً في ميدان الشهداء وسط طرابلس في ظل إجراءات أمنية مشددة، ورددوا شعارات ترفض استمرار الحرب وتندد بقصف العاصمة.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن فرج التكبالي، أحد منسّقي المظاهرات في العاصمة، قوله إن المظاهرات وما سماه ارتفاع عدد المشاركين فيها «بمثابة دليل قاطع على رفض سكانها السماح بتدمير العاصمة الليبية».
وارتدى متظاهرون سترات صفراء على غرار السترات التي يرتديها محتجون على سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، في إشارة إلى رفض دعم فرنسا للمشير حفتر.
من جهة ثانية، نفى مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، مساء أمس، تعرضه لمحاولة اغتيال، لكن من دون أن يوضح مصدر الخبر، وفق ما نشره عبر حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، حسبما أفاد موقع «بوابة الوسط الليبية».
وقال سلامة في تغريدته: «أقول للمحبين ولغيرهم أيضاً: لا! لم أتعرض لمحاولة اغتيال، الخبر مفبرك والصور المتداولة مزورة. متى سيفهم الدجالون القابعون في جحورهم أن الحقيقة التي يغتالون كل يوم هي وحدها التي تحررهم؟».
ورغم مرور أسبوعين على اندلاع الاشتباكات العنيفة جنوب طرابلس، لا يزال المبعوث الأممي ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز يمارسان أعمالهما بمقر البعثة في العاصمة الليبية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.