زيلينسكي المنافس على الرئاسة في أوكرانيا يريد «تفكيك النظام»

روسيا تضيق الخناق على كييف وتحظر تصدير المنتجات النفطية والفحم

الرئيس بترو بوروشينكو (يسار) مع منافسه الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس بترو بوروشينكو (يسار) مع منافسه الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي المنافس على الرئاسة في أوكرانيا يريد «تفكيك النظام»

الرئيس بترو بوروشينكو (يسار) مع منافسه الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس بترو بوروشينكو (يسار) مع منافسه الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

بعدما قام بحملته الانتخابية بشكل رئيسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كرر الممثل الكوميدي الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يتمتع بخبرة عقدين من العروض المسرحية الانفرادية، العبارات الصادمة، مقدّماً نفسه على أنه «شخص بسيط» في مواجهة بترو بوروشينكو «الرئيس الأغنى» في تاريخ أوكرانيا. وقال المرشح للانتخابات الرئاسية في مناظرة تلفزيونية، أول من أمس (الجمعة) أمام منافسه، الرئيس الحالي المنتهية ولايته، إنه يريد أن يفوز بأكبر منصب سياسي في البلاد من أجل «تفكيك النظام». وذكر زيلينسكي أنه بينما كان يؤيد بوروشينكو كي يصبح رئيساً للبلاد عام 2014 «فقد ارتكبتُ خطأً». واتهم بوروشينكو بالتورط في فساد. وقال إنني «لستُ خصمك، أنا حكمك». وذكر زيلينسكي أن إثراء المواطنين تحول إلى إثراء أفراد النظام، مضيفاً: «كيف أصبحت أوكرانيا أفقر دولة مع وجود أغنى رئيس؟».
وقال زيلينسكي المبتدئ في عالم السياسة لخصمه المحنك: «لستُ معارضاً لكم، بل أنا عقابكم». وحقق زيلينسكي تفوقاً ملحوظاً على بوروشينكو في انتخابات الجولة الأولى لاختيار رئيس للجمهورية السوفياتية السابقة. وقال: «أنا نتيجة أخطائكم ووعودكم» في المناظرة التلفزيونية، أول من أمس (الجمعة)، قبل جولة الإعادة للانتخابات. وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم زيلينسكي، الذي اشتهر بأداء شخصية رئيس خيالي في برنامج تلفزيوني شعبي، على منافسه الرئيس الحالي بفارق كبير.
وأمام تحدي بوروشينكو لمنافسه القبول بمناظرة، كان زيلينسكي قد أثار مسألة آليات التنظيم، وطالب بأن يتم الأمر في ملعب، وأن يؤدي المشاركان فحوص كحول ومخدرات. وجرت مناقشة الأمر طوال الأسبوع، وتواصلت التعديلات حتى النهاية: التقى المنافسان في نهاية الأمر على منصة واحدة وتصافحا بعدما كان ثمة مقترح بأن يقفا على منصتين متقابلتين. وقبل يومين من الدورة الانتخابية الثانية، تواجه الممثل (41 عاماً)، المبتدئ في السياسة، ولكنه رجل استعراض محترف، ورئيس الدولة (53 عاماً) وسط هتاف آلاف الحاضرين وصيحاتهم في ملعب أوليمبيسكي.
وبعد ساعة من بدء المناظرة، قال زيلينسكي: «أنا مقتنع بأنّه بإمكاننا كسر هذا النظام برفقة أشخاص مناسبين وعقلية مغايرة، عقلية من القرن الحادي والعشرين». وتوجّه إلى خصمه بأن «المشكلة ليست في وجود فاسدين في محيطكم (...) إنّما في أنّكم سرقتم منا خمسة أعوام». ورد بوروشينكو أن النتيجة ستكون «اختيار الشعب الأوكراني وسأحترم أي اختيار». وشكّلت المناظرة تتويجاً لحملة انتخابية غير اعتيادية في هذا البلد الغارق في حرب والواقف على أبواب أوروبا.
وأضاف بوروشينكو الذي كان يشير منذ البداية إلى «عدم الكفاءة التامة» لخصمه، أنه «لا يمكن اللعب بالبلد». وقال: «لا يمكن لممثل عديم الخبرة أن يقوم بمواجهة المعتدي الروسي»، في إشارة إلى اتهامات كييف والغربيين لموسكو بدعم الانفصاليين في الشرق الروسي.
وشكّل هذا اللقاء الذي نظّم في الساعات الأخيرة للحملة الرسمية، فرصة أخيرة للرئيس بوروشينكو لمحاولة سدّ الفجوة الواسعة مع الممثل الذي تمنحه آخر استطلاعات الرأي نسبة 70 في المائة من الأصوات. وسيخوض الاثنان الجولة الثانية، اليوم (الأحد). وحصل زيلينسكي على نحو ضعف عدد الأصوات المؤيدة لبوروشينكو في الجولة الأولى التي أُجريت يوم 31 مارس (آذار) .
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «ريتينج للأبحاث» حصول زيلينسكي على 57.9 في المائة من الأصوات مقابل 21.7 في المائة لبوروشينكو. واستطلعت «ريتينج» آراء ثلاثة آلاف ناخب في كل الأقاليم، ما عدا القرم التي ضمتها روسيا إليها، في الفترة بين 12 و16 أبريل (نيسان).
وقدّم بوروشينكو نفسه بصفته العقبة الوحيدة أمام فلاديمير بوتين، ولم يتوقف في الأيام الأخيرة عن التشديد على مخاطر القفز في المجهول بالنسبة إلى بلد يواجه أسوأ أزمة منذ استقلاله عام 1991.
ويسود توتر كبير العلاقات بين روسيا وأوكرانيا منذ الاحتجاجات المؤيدة للاتحاد الأوروبي في ساحة ميدان عام 2014، التي دفعت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش للفرار إلى موسكو.
تبع وصول بوروشينكو إلى السلطة عام 2014 في أعقاب انتفاضة الميدان، ضم روسيا شبه جزيرة القرم وحرب في شرق البلاد أدت إلى مقتل نحو 13 ألف شخص خلال خمسة أعوام. وفي حين يشيد أنصار بوروشينكو بتقريبه البلاد من الغرب والنهوض بالقوات المسلحة وتجنب إفلاس إحدى أفقر دول أوروبا، فإنّ أياً من المسؤولين الرفيعين لم يُلاحَق بقضايا فساد فيما يبدو الصراع في الشرق في مأزق.
وتعتزم روسيا حظر تصدير المنتجات النفطية والفحم إلى أوكرانيا اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) بموجب مرسوم حكومي وقعه رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، الخميس الماضي. وبرر ميدفيديف في تصريحات أوردتها وكالة «تاس» الروسية هذه الخطوة بقرار أوكرانيا قبل أيام «توسيع قائمة المنتجات الروسية المحظورة في أوكرانيا»، ما أرغم موسكو على اتخاذ «تدابير مماثلة عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل». ولفت رئيس الوزراء الروسي إلى أن هذه المنتجات ستكون بحاجة «لتراخيص خاصة» لتصديرها، من دون توضيح شروط الحصول على هذه التصاريح. ويحظر هذا المرسوم أيضاً استيراد جملة من السلع الأوكرانية في روسيا، بما يشمل الملابس والأحذية، مروراً بالورق والكرتون، إضافة إلى المعدات الثقيلة أو أنابيب الفولاذ المخصصة لصناعة النفط والغاز. وأوضح ميدفيديف أن قيمة هذه الواردات بلغت «250 مليون دولار العام الماضي».
وبعيداً عن وعده بالبقاء في المعسكر المؤيد للغرب، يلف غموض كبير السياسة التي سيقودها زيلينسكي في حال فوزه رغم محاولته تعزيز مصداقيته خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين الانتخابيتين مع استعانته بمستشارين أكثر حنكة، ولقائه، الأسبوع الماضي، في باريس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ومن دون الدخول في تفاصيل، قال: «بخصوص الحرب، سنعمل كل شيء لإنهائها».
وأتاحت اتفاقات السلام الموقعة في «مينسك»، مطلع 2015، انحساراً في التوتر غير أن المعارك لا تزال تدور بصورة شبه يومية، بينما أخفق الأطراف المعنيون بعد ساعات طويلة من المفاوضات، مساء الخميس، في بلوغ اتفاق هدنة خلال فترة عيد الفصح للطائفة الأرثوذكسية التي تحتفل بالمناسبة في 28 أبريل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».