في إحدى قاعات العرض بالمتحف البريطاني يقام معرض محدود في عدد القطع يتناول فكرة النقود، ولكن بشكل مختلف، إذ يقدم عبر مئات القطع فكرة الألعاب التي تعتمد على الشراء والبيع والمقايضة وغيرها. ولا شك أن أشهر تلك الألعاب هي لعبة «مونوبولي»، التي يعرفها الصغار والكبار في العالم العربي تحت أسماء معربة مثل «بنك السعادة» و«بنك الحظ». وإلى جانب تلك اللعبة الشعبية على مستوى العالم، هناك ألعاب أخرى محلية أو أقرب للجمهور في بريطانيا كلها تتعامل مع النقود. ولا عجب أن يكون عنوان العرض «اللعب بالنقود».
الفكرة من العرض تمتد لأبعد من رقع اللعب نفسها، التي يعرض منها نماذج كثيرة متنوعة في تاريخ صدورها، فهذه الألعاب تنمي وعياً لدى اللاعبين من صغار السن بأهمية النقود وكيفية تداولها واستثمارها، وقد تنمي أيضاً الحس بالمقامرة، أو المخاطرة بالأسهم والإنشاءات وأولويات الاقتصاد.
ويتخطى العرض اللعب الشعبية والمعروفة ليدخل في مجالات الألعاب الإلكترونية، وأيضاً الألعاب الخيالية المستوحاة من قصص شهيرة مثل «لعبة العروش» (غيم أوف ثرنز).
يسلط العرض الضوء على ألعاب القرن العشرين، تحديداً، حيث تحولت رقع الألعاب من الاحتفال بالنصر على الآخرين، سواء كان ذلك معنوياً أو مادياً، ليتحول بعضها للتركيز على الثراء النقدي المحسوس من خلال بعض ألعاب الكومبيوتر التي تعتمد على إنفاق النقود الفعلية.
وتعد لعبة «مونوبولي» هي أشهر الألعاب التي تعتمد على فكرة الإنفاق والشراء والاستثمار، وأيضاً تتطرق لفكرة الإفلاس والاقتراض، وسيتمكن الزوار من رؤية رقعة «مونوبولي» صنعت في بدايات القرن العشرين. بعض الألعاب الأخرى تدور حول موضوعات مالية مثل لعبة «بيت»، التي تدور في بورصة خيالية، ويعتقد أنها أول الألعاب التي توضح طريقة عمل المؤسسات المالية، ولكن بطريقة ترفيهية. هناك لعبة أخرى من ألمانيا باسم «المطاردة وسارق الفحم»، التي أنتجت أيضاً خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وتعتمد في أساسها على إيضاح تبعات الإهدار، وهو ما يمكن فهمه على خلفية المصاعب الاقتصادية التي تنتج عن الحرب.
العرض عموماً، على محدوديته، يوضح مدى انتشار فكرة المال في الألعاب الموجهة لمختلف الأعمار، خصوصاً أن عملية اللعب، في حد ذاتها، تشكل تصرفات الشخص في المجتمع بشكل كبير. وإلى جانب الألعاب الترفيهية، يقدم العرض عدداً من الألعاب «التعليمية» وألعاب «البالغين» التي تعتمد على المال الفعلي مثل ماكينات القمار أو المراهنات على الأحصنة أو حتى لعب الورق.
يذكر أن المتحف البريطاني اقتنى 700 نموذج من الألعاب «النقدية» خلال العام الماضي وحده، للمرة الأولى منذ أن بدأ في جمع الألعاب المرتبطة بذلك الموضوع، ويحتفظ المتحف بتلك القطع في جناح يشمل العملات النقدية والميداليات.
وبقفزة للسنوات القريبة، يقدم العرض نماذج لعملات ظهرت في سلسلة كتب «لعبة العروش»، وعملات من فئة اليورو استخدمت في ألعاب «الليغو» وبطاقات «ماجيك» التي يجمعها الصغار، ويتبادلونها مع أقرانهم، ويروي العرض أن تلك البطاقات كانت هي السبب في ظهور عملة «بيتكوين» الافتراضية.
ويقول توم هوكينهال منسق قسم النقود بالمتحف البريطاني، تعليقاً على المعرض، «الطريقة التي نستخدم فيها النقود في الألعاب تعكس الطريقة التي نفهم بها النقود في حياتنا اليومية، فالألعاب قد تكسر الحدود بين اللعب والواقع. الكثير من الألعاب هنا تعتبر نماذج متطورة توضح العملية الاقتصادية، وكيف تم استخدامها لتمرير رسائل سياسية وتعليمية وإعلانية على مدى القرن».
ويؤكد هوكينهال أن هذه الألعاب لا يجب اعتبارها «تافهة»، أو أن يقلل من أهميتها «فهي ستصبح أدوات مهمة لتعليم الأجيال المقبلة عن الحياة في القرن العشرين. ولكن الآن نتمنى أن يأتي الزوار ليروا العرض، وليستمعوا بوقتهم في تذكر أحب الألعاب إليهم».
ألعاب النقود تجد طريقها للعرض في «المتحف البريطاني»
من «المونوبولي» إلى «لعبة العروش»
ألعاب النقود تجد طريقها للعرض في «المتحف البريطاني»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة