هادي يرد على رسالة الحوثي بمطالب ثلاثة.. أولها رفع حصار صنعاء

دعاه إلى توفير مناخ للحوار باستكمال تسليم عمران.. ووقف معارك الجوف

مظاهرة في صنعاء دعما للحكومة في مواجهتها مع الحوثيين (رويترز)،  صورة ضوئية لرسالة الرئيس هادي لزعيم الحوثيين
مظاهرة في صنعاء دعما للحكومة في مواجهتها مع الحوثيين (رويترز)، صورة ضوئية لرسالة الرئيس هادي لزعيم الحوثيين
TT

هادي يرد على رسالة الحوثي بمطالب ثلاثة.. أولها رفع حصار صنعاء

مظاهرة في صنعاء دعما للحكومة في مواجهتها مع الحوثيين (رويترز)،  صورة ضوئية لرسالة الرئيس هادي لزعيم الحوثيين
مظاهرة في صنعاء دعما للحكومة في مواجهتها مع الحوثيين (رويترز)، صورة ضوئية لرسالة الرئيس هادي لزعيم الحوثيين

رد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، على رسالة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، التي طرح فيها سبعة شروط من أجل فك حصار صنعاء ووقف الاحتجاجات والاعتصامات. وطالب الرئيس هادي، في رده أمس على الرسالة بوضع 3 مطالب من بينها توفير مناخ مناسب للحوار، من خلال فك حصار صنعاء أولا، وإزالة مظاهر التوتر المتمثلة في المخيمات والتجمعات على مداخل العاصمة والطرق المؤدية إليها وعلى طريق المطار الدولي.
يأتي ذلك في حين تستمر الجهود العلنية والسرية لنزع فتيل الانفجار بعد فشل وساطة الوفد الرئاسي مع الحوثيين الذين ينتشرون بالآلاف مع مؤيديهم المسلحين عند مداخل صنعاء وداخلها، وذلك في إطار حركة احتجاجية مطالبة باستقالة الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود.
وكان الحوثي بعث برسالة إلى الرئيس هادي واضعا سبعة شروط، قبل رفع احتجاجاتهم. وتضمنت رسالة الحوثي التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إقالة حكومة الوفاق الوطني، وتعيين رئيس حكومة مستقل، وإلغاء الإجراءات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتحييد الإعلام. وطالب الحوثيون بشراكة واضحة وكاملة في الحياة السياسية وفي اتخاذ القرار السياسي. وأكدوا أن رفع الاعتصامات ووقف الاحتجاجات لن يتوقف إلا بعد إجابة جميع شروطهم.
وطالب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس، في رسالة مكتوبة إلى زعيم التمرد الحوثي، حصلت عليها «الشرق الأوسط»، برفع مخيمات مؤيديه من صنعاء ومحيطها والعودة للحوار للتوصل إلى حل للأزمة الحالية. كما دعاه إلى «استكمال تسليم محافظة عمران (الشمالية) للدولة»، وهي المحافظة التي سيطر عليها الحوثيون في الأشهر الأخيرة بعد معارك مع الجيش ومع قبائل موالية لآل الأحمر وللتجمع اليمني للإصلاح (إخوان مسلمون). كما طالبه بخروج المسلحين من مدينة عمران ووقف إطلاق النار في محافظة الجوف الشمالية، وهي محافظة أخرى تدور فيها مواجهات بين الحوثيين وخصومهم.

وفيما يلي نص الرسالة: «الأخ / عبد الملك الحوثي المحترم تحية طيبة
انطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية وواجبنا الدستوري تجاه شعبنا الذي عانى ويعاني الكثير من المشكلات والصعوبات الموروثة من عقود من الزمن ضاعف من أضرارها الحروب والأزمات المفتعلة استثمارا للظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها الوطن فأعاقت وعرقلت تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تم التوافق عليها وتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والقضاء على الفساد المالي والإداري وإهدار المال العام.
بالإشارة إلى رسالتكم الموجهة إلينا بتاريخ 28 شوال 1435 الموافق 24 / 8 / 2014، لا شك أنكم تدركون ويدرك أبناء الشعب اليمني كله أهمية وحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الصعبة المحيطة بنا.. وعلى هذا الأساس فإننا نؤكد أهمية العمل على خلق أجواء مطمئنة وبما يكفل لنا جميعا إخراج بلادنا من هذه الأزمات والوصول بها إلى بر الأمان وأن نحقق لشعبنا اليمني ما يصبو إليه من الأمن واستقرار وتنمية ورفاه اقتصادي في ظل دولة مدنية حديثة وعدالة قائمة على ثوابت الوحدة والجمهورية والديمقراطية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وعليه فإنه ينبغي عليكم اتخاذ خطوات عاجلة توفر المناخ المناسب للاتفاق من خلال
1 -إزالة مظاهر وعوامل التوتر المتمثلة في المخيمات والتجمعات المستحدثة على مداخل العاصمة والطرق المؤدية إليها وعلى طريق مطار صنعاء الدولي داخل أمانة العاصمة.
2 - استكمال تسليم محافظة عمران للدولة وخروج المسلحين من المدينة باعتبار أن مطالبكم المتعلقة بأوضاع المحافظة الإدارية والأمنية والعسكرية قد تم الاستجابة لها.
3 - وقف إطلاق النار في محافظة الجوف وسوف تتولى القوات المسلحة مهمة استلام المواقع وتثبيت الأمن والاستقرار في جميع مديريات المحافظة.
وبخصوص ما تضمنته رؤيتكم حول موضوع الإصلاح السعرية للمشتقات النفطية والحكومة والشراكة الوطنية والهيئة الوطنية والإعلام الرسمي، فإن ذلك يتطلب إزالة عوامل التوتر والقلق المشار إليها أعلاه وبالتالي فإنه يمكن تنفيذ ما تم التوافق عليه بينكم وبين اللجنة الوطنية الرئاسية وهي نقاط اتفاق يمكن البناء عليها لمواصلة الحوار وإقرار الآليات التنفيذية المزمنة وهذا يتطلب تفويض من ترونه لمواصلة الحوار مع اللجنة الوطنية الرئاسية.
وبالله التوفيق عبد ربه منصور هادي

وكانت اللجنة الرئاسية التي توسطت في الأزمة أعلنت الأحد فشل مهمتها مما أثار مخاوف من الانزلاق إلى العنف في صنعاء، إلا أن الحوثي أراد استكمال التواصل مع الرئيس هادي بشكل مباشر ساعيا بحسب مصادر سياسية إلى اتفاق ثنائي، الأمر الذي رفضه هادي.
وعلى الرغم من مساعي التهدئة، استمر أنصار الحوثيين بالاحتشاد في صنعاء أمس، فيما عززت السلطات التدابير الأمنية بشكل محدود، خصوصا في محيط وزارة الداخلية بشمال صنعاء حيث يعتصم الآلاف من أنصار الحوثيين.
وقد تابع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر بدوره اتصالات مع أطراف متعددة للتوصل إلى تسوية سياسية. وعززت تحركات الحوثيين الذين يتخذون اسم «أنصار الله» المخاوف من سعيهم إلى توسيع رقعة نفوذهم إلى صنعاء فيما يتهمهم خصومهم باستغلال مطالب اقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية.
وتصاعد التوتر الطائفي في اليمن بشكل كبير كون الحوثيون ينتمون إلى الطائفة الزيدية الشيعية، كما يتهمهم خصومهم بأنهم تقاربوا في السنوات الأخيرة مع الشيعية الاثنى عشرية وإيران وابتعدوا عن الزيدية التقليدية القريبة من السنة. وفي المقابل، فإن خصوم الحوثيين سياسيا هم بشكل أساسي التجمع اليمني للإصلاح القريب من تيار الإخوان المسلمين، إضافة إلى القبائل السنية أو المتحالفة مع السنة. ويشكل السنة غالبية سكان البلاد، إلا أن الزيديين يشكلون غالبية في مناطق الشمال، خصوصا في أقصى الشمال حيث معاقل الحوثيين.
من جهة ثانية أكد مصدر أمني أن ضابطا في الجيش اليمني قتل أمس برصاص مجهولين في محافظة ذمار جنوب صنعاء فيما تمكن قاتلوه من الفرار. وقال المصدر إن العقيد فائز البعيثي الذي يشغل منصب مدير دائرة التوجيه السياسي والمعنوي في محافظة ذمار (100 كلم جنوب صنعاء) «قتل على أيدي مسلحين مجهولين أمام منزله في وسط مدينة ذمار».
وذكر المصدر أن القتلة كانوا على دراجة نارية وقد لاذوا بالفرار. وبحسب المصدر، فإن محافظ ذمار كان تعرض أمس الاثنين لمحاولة اغتيال من قبل مسلحين مجهولين. وتقع ذمار على بعد 30 كيلومترا فقط من بلدة رداع التي تعد من أبرز معاقل «القاعدة» في محافظة البيضاء. وقتل تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية العشرات من الضباط في الجيش والشرطة في مختلف محافظات اليمن.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.