موسكو تحسم الجدل حول تسليم رفات إيلي كوهين

تقارير روسية: تل أبيب جرّبت أسلحة حديثة في سوريا

نصب في الجولان المحتل للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
نصب في الجولان المحتل للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
TT

موسكو تحسم الجدل حول تسليم رفات إيلي كوهين

نصب في الجولان المحتل للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)
نصب في الجولان المحتل للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين (إ.ب.أ)

حسمت موسكو النقاشات الساخنة حول معطيات تحدثت عن قيام العسكريين الروس بتسليم تل أبيب رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدم في دمشق عام 1965. ونفت الخارجية الروسية، أمس، صحة الأنباء التي تم تداولها بشكل واسع خلال الأيام الماضية، ورأت فيها «افتراءات لا أساس لها» وفقا لبيان أصدرته الوزارة.
وأكد البيان الذي نشرت الخارجية نسخة منه على موقعها الإلكتروني، أن موسكو «تفند افتراءات بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي زعمت بأن مسؤولين روس نقلوا رفات عميل الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) إيلي كوهين إلى خارج الأراضي السورية».
وأضافت الخارجية الروسية: أنها «لا تفهم دوافع من ينشر هذه المعلومات المضللة وما هي الجهة التي تقف وراءها». ودعت «الشركاء الإسرائيليين، بمن فيهم الصحافيون إلى التحلي بالدقة والمهنية والنزاهة أثناء التعامل مع مثل هذه المسائل الحساسة». وأكدت أن «مختلقي هذا الاستفزاز يتحملون كامل المسؤولية عن عواقبه».
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت في الأيام الأخيرة أنباء عن قيام خبراء روس بانتشال رفات الجاسوس الإسرائيلي ونقلها سرا إلى خارج البلاد تمهيدا لتسليمها إلى إسرائيل.
لكن مصادر تحدثت معها «الشرق الأوسط» كانت شككت قبل أيام بصحة المعطيات، وقالت بأن موسكو «مارست بالفعل ضغوطا كبيرة على الحكومة السورية لكشف مكان دفن الجاسوس الإسرائيلي، لكن هذه الجهود فشلت لأن دمشق لم تستطع تحديد مكان دفنه». وأوضحت المصادر أن السلطات السورية كانت غيرت مكان الدفن ثلاث مرات في السنوات التي أعقبت إعدام كوهين تحسبا لقيام الأجهزة الإسرائيلية بعملية خاصة لاستعادة جثته، لكن بعد ذلك تغيرت كثيرا معالم المنطقة التي دفن فيها، خصوصا أنها تقع وسط حي سكني مأهول جرت فيه كثير من أعمال البناء وشق الطرق، ما أسفر عن تغيير ملامحه كليا»، علما بأن إشارات برزت في وسائل إعلام أشارت إلى أن المنطقة المقصودة هي حي المزة في دمشق الذي شهد توسعا كبيرا وتغييرات واسعة خلال العقود الماضية.
على صعيد آخر، لفتت وسائل إعلام روسية إلى أن تل أبيب قامت أخيرا بتجارب على أسلحة حديثة في سوريا، وحذرت من أن بعضها يشكل تهديدا للنظام الدفاعي الروسي «بانتسير» المستخدم بكثرة على الأراضي السورية حاليا.
ووفقا لمعطيات نشرتها صحيفة «غازيتا» الإلكترونية واسعة الانتشار، ونسبتها إلى مصادر عسكرية فإن تل أبيب استخدمت في قصف أهداف قرب مصياف في سوريا قبل أيام، صاروخا حديثا من طراز «رامبيج» تم إطلاقه من طائرة «إف 16».
وزادت أن الصاروخ الحديث أنتجته شركتا سلاح إسرائيليتان وتم الإعلان عنه في يونيو (حزيران) من العام الماضي، ويبلغ مدى الصاروخ (جو - أرض) 150 كم، وطوله 4.7 متر، ووزن رأسه الحربي 150 كغ، وهو لم يدخل بعد الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي ما يعني أن هذه أول تجربة ميدانية له في ظروف الحرب الحقيقية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الصاروخ نجح في تدمير منصة «بانتسير» روسية الصنع في المنطقة، وهي نظام صاروخي دفاعي متطور، مصمم لحماية المنشآت المدنية والعسكرية على المدى القصير من أسلحة الهجوم الجوي وتعتمد عليه سوريا في حماية كثير من المنشآت.
إلى ذلك، عادت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس، إلى تكرار أسطوانة «الاستفزاز الكيماوي» الذي زعمت أن متشددين في إدلب يحضرون له بمساعدة من منظمة «الخوذ البيضاء».
وغدا لافتا منذ شهور، أن زاخاروفا تكرر في كل إيجاز صحافي أسبوعي نفس المزاعم حول التحضير لهذا الهجوم. وقامت أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية بتحديد موعد للهجوم المفترض وفقا لمعطيات قالت بأن موسكو حصلت عليها من مصادر محلية في سوريا. وقالت أمس، بأن «الإرهابيين، جنبا إلى جنب مع المنظمة الزائفة الخوذات البيضاء، يستعدون لاستفزازات أخرى بهدف اتهام السلطات الشرعية باستخدام المواد السامة. نتحدث هذه المرة عن إجراء تدريبات مشتركة حول تغطية الأحداث في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تمارين عملية على التخلص من عواقب استخدام المواد السامة».
وتطرقت زاخاروفا في إيجازها إلى ملف عودة اللاجئين، وقالت بأنه «رغم الصعوبات الموضوعية، فإن عودة اللاجئين السوريين تحافظ على اتجاه إيجابي ثابت. فكل يوم، يصل نحو ألف سوري إلى البلاد من الخارج».
ولفتت إلى أن الجانب الروسي «يواصل العمل المنسق بشأن تفكيك معسكر الركبان للاجئين وتم نقل أكثر من 3.5 ألف شخص من هناك إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة. وإذا بقيت المعدلات الحالية للخروج من المخيم، فيمكن أن يغادر ما يصل إلى 60 - 70 في المائة من سكانه في وقت قريب».
وأعربت زاخاروفا في الوقت ذاته، عن أسفها لاستمرار تدهور الوضع في مخيم الهول للاجئين، وقالت إن قوات سوريا الديمقراطية التي ترعاها الولايات المتحدة «غير قادرة على مواجهة الوضع. ولا تزال هناك عقبات أمام إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المخيم، ويشترط المسلحون على اللاجئين دفع أموال للسماح لهم بمغادرة المخيم». وكانت الخارجية الروسية انتقدت بقوة «تغاضي واشنطن عن تحركات الإرهابيين في مخيمي الركبان والهول».
في السياق، نقلت صحيفة «ازفيستيا» الروسية عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن اجتماعا ثلاثيا قد يعقد قريبا بين روسيا والأردن والولايات بشأن مخيم «الركبان» للاجئين السوريين. وكانت موسكو دعت أكثر من مرة إلى تفكيك مخيم «الركبان» وانتقدت تجاهل واشنطن دعوات لحضور اجتماع ثلاثي يشمل الأردن لحسم هذا الملف.



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.