موسكو تحذر من «التصعيد الأميركي» في فنزويلا

TT

موسكو تحذر من «التصعيد الأميركي» في فنزويلا

حذّرت موسكو، أمس، من «عواقب وخيمة» بسبب ما اعتبرته «تصعيدا» أميركيا في الأزمة الفنزويلية، ورأت أن التلويح الأميركي باستخدام القوة العسكرية في هذا البلد قد يتحول إلى «عدوان حقيقي»، مؤكدة عزمها على مساعدة كاراكاس وهافانا في مواجهة ضغوط واشنطن المتزايدة. وتزامن ذلك مع محادثات أُحيطت بالتكتم على المستوى الرسمي أجرتها مستشارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون روسيا، فيونا هيل، مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي الروسي.
وصعّدت موسكو من لهجتها التحذيرية حول الخطوات المحتملة من جانب الإدارة الأميركية لإطاحة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الولايات المتحدة «تواصل تجاهل مبدأ عدم استخدام القوة أو التلويح بالقوة العسكرية، في انتهاك مستمر لأحكام ميثاق الأمم المتحدة».
وزادت الدبلوماسية الروسية: «كل يوم نسمع عن احتمال استخدام القوة ضد فنزويلا. يتم ذلك بنبرة مختلفة، وبحجج مختلفة، لكن هذا لا يغير الجوهر... وهو الخطاب العدواني فيما يتعلق بدولة ذات سيادة». ونبّهت زاخاروفا إلى أن «كبار ممثلي إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب لا يطالبون فقط برحيل مادورو، بل ويحددون مواعيد قبل نهاية العام، وفي حال عدم تنفيذ هذا الإنذار فقد يتم استخدام القوة». وقالت في إيجازها الصحافي الأسبوعي إن «النبرة الصارمة والعدوانية لممثل القوات المسلحة (رئيس القيادة الجنوبية للولايات المتحدة كريغ فولير) تُثبت مخاوفنا. استخدام الولايات المتحدة القوة في فنزويلا ليست مجرد فكرة، بل إنها حقيقة واقعية».
وسبق هذه التصريحات تنبيه نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن التدخل الأميركي العسكري سيكون «سيناريو كارثياً»، مشيراً إلى أن تصرفات واشنطن ضد كاراكاس تؤجّج الأزمة في فنزويلا. وقال إن موسكو تعارض العقوبات الأميركية الجديدة على كوبا وفنزويلا، وترى أنها غير قانونية. وتعهد بأن تفعل روسيا «كل ما بوسعها لمساندة شريكيها الاستراتيجيين».
وجاء التصعيد الروسي بعدما أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الأربعاء، أن واشنطن ستفرض عقوبات على خمسة أشخاص وكيانات على ارتباط بالجيش والاستخبارات في كوبا، بما في ذلك شركة «آيروغافيوتا»، الخطوط الجوية التابعة للجيش الكوبي، كما تعتزم الحد من التحويلات المالية إلى كوبا. وكانت واشنطن فرضت في وقت سابق إجراءات عقابية مماثلة ضد فنزويلا. ووصف مادورو العقوبات الأميركية بأنها «غير قانونية وغير أخلاقية». وتوجه إلى بولتون بالقول: «اسمح لي أن أقول لك أيها السيد الإمبريالي جون بولتون إن عقوباتكم ستعطينا مزيدا من القوة». وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن يعيد «كل المال، 30 مليار دولار، سرقها من الشعب الفنزويلي».
واتسعت هوة الخلافات الأميركية - الروسية بعد اشتعال الأزمة في فنزويلا، ورأت موسكو في التحركات الأميركية محاولة لإطاحة «رئيس شرعي في بلد عضو في الأمم المتحدة». وأجّج الموقف أكثر إرسال موسكو قبل أسابيع سفينتين محمّلتين بشحنات عسكرية ونحو 100 عسكري روسي يرأسهم جنرال بارز، وقالت موسكو في حينها إنها «تنفّذ عقودا عسكرية سابقة». وسربت مصادر عسكرية أن العسكريين الروس سوف يشرفون على تعزيز الدفاعات الجوية الفنزويلية تحسّبا لهجوم أميركي محتمل، فيما رأت واشنطن في التطور «غزوا روسيا لأراضي فنزويلا».
وتزامن تصاعد حدة السجالات بين الجانبين مع قيام مستشارة الرئيس الأميركي فيونا هيل بزيارة أُحيطت بالتكتم إلى موسكو. وكشفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن قيام وفد أميركي برئاسة هيل، وهي عضو في مجلس الأمن القومي الأميركي، بإجراء محادثات على مستوى رفيع مع القيادة الروسية. واللافت أن موسكو تجنبت الإعلان عن الزيارة على المستوى الرسمي، واكتفت بإشارة على الموقع الإلكتروني لمجلس الأمن القومي الروسي حول «إجراء مشاورات بناءة مع أعضاء في مجلس الأمن الأميركي».
ووفقا للصحيفة، فإن محادثات فيونا هيل والوفد المرافق في موسكو لم تقتصر على مجلس الأمن القومي الروسي، إذ أجرى الوفد مناقشات أيضا في وزارة الخارجية. واللافت كذلك أن هذه ليست الزيارة الأولى التي تقوم بها هيل لروسيا بصفتها مستشارة للرئيس الأميركي، لكن زياراتها السابقة، مثل الزيارة الحالية، لم يتم الإعلان عنها سابقا. وأشارت الصحيفة الروسية إلى أنه على الرغم من عدم اتضاح الدور الذي تقوم به هيل في زياراتها، وما إذا كانت تعمل على تعزيز قنوات حوار بعيدا عن الأضواء حول الملفات الخلافية، لكن المعروف عن المستشارة الأميركية أنها تعد من «الصقور» الذين يرون في سياسات موسكو خطرا على الولايات المتحدة، وكانت أبلغت سفير موسكو في واشنطن أناتولي أنطونوف في وقت سابق أن «علاقات موسكو وواشنطن مرجحة للتدهور أكثر من أن تكون مرشحة للتحسن».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».