أسبوع الأردن للموضة يحقق أحلام شباب متعطش لمنصة تُعرّف بهم

رسّخ قدميه محلياً في دورته الأولى تحضيراً للمستقبل

من عرض علامة «زاي»  -  من عرض سارة منصور  -  من تصاميم اللبناني جون لوي صبجي
من عرض علامة «زاي» - من عرض سارة منصور - من تصاميم اللبناني جون لوي صبجي
TT

أسبوع الأردن للموضة يحقق أحلام شباب متعطش لمنصة تُعرّف بهم

من عرض علامة «زاي»  -  من عرض سارة منصور  -  من تصاميم اللبناني جون لوي صبجي
من عرض علامة «زاي» - من عرض سارة منصور - من تصاميم اللبناني جون لوي صبجي

لم تكن الشوكولاته التي صاغتها أنامل العاملين في شركة «ليندت» السويسرية على شكل حقائب يد وأحذية وأحمر شفاه وفساتين، ولا مستحضرات العناية بالبشرة من شركة «لو غيفاج» الأردنية، وحدها من بعثت إحساساً بالسعادة والراحة في نفوس وسائل الإعلام لدى وصولهم إلى فندق كامبنسكي في أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، بقدر ما كان ترقبهم للطبق الذي سيقدمه أسبوع الأردن للموضة في دورته الأولى. أطباق الشوكولاته وغيرها من الإغراءات كانت مجرد لفتات تشير إلى اهتمام شيرين رفاعي، مؤسسة الأسبوع وراعيته، بأدق تفاصيله.
كان من المفترض أن ينطلق الأسبوع في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي بمنطقة البحر الميت، لكن بسبب السيول التي أودت بحياة عدد من الناس، تم تأجيله.
فقد كان لا بد من التعامل مع المأساة بحساسية. مرت أشهر، ولم يتغير التوقيت فحسب بل أيضاً المكان. ففي 30 من شهر مارس الماضي، وفي عمان هذه المرة، رأى الأسبوع النور وأصبح حقيقة، من خلال احتضانه عروضاً متنوعة لـ18 مصمم أزياء أردنياً ومن دول أخرى قدموا تصميماتهم على مدى يومين. كان لسان حالهم يقول إنهم يستحقون منبراً يعرف بهم، حتى إن لم يُخرجهم إلى العالمية، فعلى الأقل يجذب انتباه الزبون المحلي إليهم. وربما يُلخص تصريح المصممة الأردنية الروسية تاتيانا أسيفا، التي قدمت تشكيلة موجهة للمساء في غاية الأناقة والرومانسية، الوضع بقولها: «منذ سنوات طويلة وأنا أعمل في هذا المجال، وكنت أفتقد منصة من هذا النوع. لم يكن لدينا أي شيء مماثل بما في ذلك عارضات محترفات، وأخيراً حان الوقت لكي نبني صناعة تظهر أعمالنا للعالم... والحقيقة أن أقصى ما كنت أتمناه أن يكون منظماً، لكن النتيجة فاقت كل توقعاتي وآمالي...لقد كان أكثر من رائع».
ما يُحسب لشيرين رفاعي، القوة الدافعة وراءه، أنها لم تتردد عندما شعرت أن الوقت قد حان ليكون للأردن منبر خاص به. لم تنتظر تأسيس منظمة موضة، تتكون من عدة أعضاء كما الحال بالنسبة لمعظم أسابيع الموضة العالمية. كانت هذه العملية ستأخذ وقتاً طويلاً، وربما تجاذباً في البداية، وهو ما لم يكن وارداً بالنسبة لها. اعتمدت على نفسها وعلى علاقات بنتها طوال فترة عملها في مجالي الموضة والإعلام. فقد سبق لها العمل سفيرة لبعض العلامات العالمية، كما لا تزال صديقة لعلامات أخرى. تقول إنه كان يحز في نفسها «كلما حضرت أسبوع باريس للموضة ألا يكون في الأردن فعالية مماثلة». كانت تعرف أن عدد المصممين الشباب في تزايد وأن أحلامهم كبيرة تحتاج إلى من يحتضنها ويتبناها، والأهم من هذا «من يأخذ بيدهم فيما يتعلق بتوفير اللوجيستيات الضرورية لبناء صناعة متكاملة من كل الجوانب».
بعد مخاض دام سنوات، حققت المبتغى. وحسب قول المصمم اللبناني جون إيلي صباجي، الذي افتتح الأسبوع: «إنها امرأة حديدية... نحتاج مثلها في كل بلد عربي».
درست شيرين رفاعي الحقوق لكنها اكتشفت بعد التخرج مدى حبها للموضة والإعلام. لم تتردد في أن تتبع ما يمليه عليها قلبها، وهكذا ترأست مجموعة من المجلات النسائية المتخصصة في الموضة، قبل أن تصبح من المؤثرات في ساحة الموضة الأردنية، لا سيما مع تنامي أهمية المؤثرات في العالم العربي. ساعدها في ذلك أناقتها المميزة من جهة، وحسها التجاري من جهة ثانية. بعد 15 سنة، قررت أن تستغل ما اكتسبته من خبرة وعلاقات و«ترد الجميل إلى الأردن»، كما تقول، بأن تساعد المصممين الصاعدين على فهم أهمية الموضة كصناعة قائمة بذاتها تحتاج إلى الابتكار والتسويق في الوقت ذاته. بعد تعاملها معهم وملامسة مدى حماسهم وقدراتهم الإبداعية لم تعد الاستشارات وحدها كافية. ومن هنا جاءتها فكرة تأسيس أسبوع موضة بالأردن يتعدى التعريف بمواهبهم ليشمل في المستقبل تأسيس بنية تحتية قوية ومستدامة، تبدأ بدعم مصانع الإنتاج واليد العاملة وتكوين عارضات محليات وغيرها من الأمور التي لا تقتصر فقط على تصميم أزياء أنيقة تعتمد على الخطوط والألوان، كما هو مترسخ في أذهان كثير ممن دخلوا مجال الموضة من باب الموهبة والهواية. أملها أن تنخرط صناعات أخرى في هذا المشروع. ففي الدول النامية، مثل تركيا وجورجيا والبرازيل والأرجنتين وغيرها، تستعمل أسابيع الموضة للترويج لنفسها مراكز لصناعة الأقمشة أو الدباغة وغيرها من الصناعات المحلية، التي تطمح إما لتصديرها أو لجذب مستثمرين إليها، وأحياناً تستعملها لمجرد الترويج السياحي.
تقول شيرين رفاعي إنها تُدرك جيداً أن تنظيم أسبوع موضة «لا يعني استضافة حضور مهتم بالأناقة، أو ترؤس فعالية تنتهي بإسدال الستار وإطفاء الأنوار فحسب، بل هو صناعة مستمرة من شأنها أن تخلف تأثيرات إيجابية طويلة المدى على المصممين وعلى باقي الصناعات الأخرى. الحضور مثلاً يجب أن يشمل زبونات متفاعلات، ومشترين من محلات كبيرة، تكون لهم الصلاحية لاختيار تصاميم من يتوسمون فيهم التميز وعرض تصاميمهم في المحلات التي يمثلونها، إضافة إلى وسائل الإعلام التي من شأنها أن تسلط الأضواء على أعمالهم لتصل إلى شريحة لم تتمكن من حضور الفعالية».
وهذا لا يقتصر على عمان وحدها، فمنذ أن بدأت فكرة تنظيم أسابيع موضة في العواصم العالمية، من باريس ونيويورك إلى ميلانو ولندن، والأساس الذي تقوم عليه واحد. قد تتغير التفاصيل والبهارات والنكهة لكن يبقى الهدف، إلى جانب الاحتفال بالفنية والإبداع، هو تحريك عملية البيع. ما تجتهد شيرين في شرحه للمصممين الشباب أنه لا بأس من أن يقدموا تشكيلات فانتازية على منصة العرض، على أمل جذب انتباه الإعلام وفتح جدل فكري أو فني، لكنها تؤكد ضرورة التخفيف من فانتازيتها عندما تبدأ عملية الإنتاج حتى تجد طريقها إلى خزانات شرائح أكبر من الزبائن. لم يكن الأمر سهلاً، وتطلب عدة جلسات وندوات لإيصال فكرتها إلى شباب كان يعتمد أولاً وأخيراً على الموهبة والشغف. فبعضهم لم يدرس فن التصميم بشكل أكاديمي، وأغلبهم من أبناء جيل وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا يعني أنهم يعتمدون على هذه الوسائل للوصول إلى زبائنهم والتسويق لمنتجاتهم بثقافة «الآن وليس غداً». قد يدركون أن عروض الأزياء، التي قد لا تطول لأكثر من 20 دقيقة في الغالب، تؤثر على نظرة المتلقي للموضة وذوقه في اللاشعور، إلا أن إمكاناتهم لحد الآن لم تكن تسمح بالمشاركة فيها خارج الأردن في ظل افتقادهم منصة محلية. لكسبهم وتمكينهم من المشاركة، جندت شيرين رفاعي كل علاقاتها وخبرتها في العلاقات العامة للحصول على تمويلات خارجية، من وزارة السياحة مثلاً وجهات أخرى، لكي تُعفيهم من أي مصاريف. وكانت المفاجأة أنهم لم يخيبوا ظنها. فما قدموه على مدى يومين، أكد ما لمسته فيهم من موهبة منذ البداية. أغلبهم، إن لم نقل كلهم، ابتعدوا عن الفولكلور، وركزوا على تصاميم عصرية، سواء تعلق الأمر بالأشكال الحديثة أو الأقمشة الغريبة مثل البلاستيك أو إعادة استعمال خامات من أجمل موضة مستدامة مثل التشكيلة التي قدمها المصمم الشاب فادي زيموت واعتمد فيها الخامات نفسها التي تستعملها شركة «ريشبوند» في صناعة الأسرة والكنبات والدينم. المصمم إبراهيم البدارين من علامة «جو! كريياتفيز»، وهي علامة تدمج التطريز البدوي التقليدي مع الدينم في جماليات حديثة تخاطب الشباب، قال في هذا الصدد إنه من المهم أن يحتفي المصمم بماضيه وتاريخه بكل ما يعنيه من عمق ثقافي، لكن من دون أن يغرق فيه ويغرف منه بشكل حرفي. تستمع إليه شيرين رفاعي بفخر واعتزاز وعيونها لا تتوقف عن الدوران وهي تتابع كل صغيرة وكبيرة تجري في عين المكان. فهي التي وضعت كل التفاصيل واختارت المشرفين على الإضاءة والماكياج والموسيقى والإخراج والمؤثرات. وبالفعل سار كل شيء كما رسمت وخططت، وتوضح أن هذا ضروري، «فالبداية مهمة ويجب أن تكون قوية لأننا ننوي أن نُحول المناسبة إلى مظاهرة سنوية تنعش حركة الإبداع ككل».
تستشف من كلامها وحماسها أنها تقتدي بأسابيع موضة أخرى سبقتها إلى ذلك مثل المكسيك وكولومبيا وطوكيو ونيجيريا وغيرها. فرغم أن هذه العواصم حديثة العهد بالموضة، ولا ترقى إلى العواصم العالمية الأربع التي لها باع وتاريخ طويلان، فإنها نجحت في التأثير على المخيلة المحلية بأن جعلت السكان يفخرون بأبنائهم، ويُقبلون على تصاميمهم بدل التصاميم العالمية. والسبب أنها اكتسبت في أعينهم جرعة حلاوة أكبر بعد عرضها على منصات بتأثيرات موسيقية مبهرة وبعد أن تداولتها المجلات ووسائل التواصل الاجتماعي. وغني عن القول أن هذا انعكس على المشترين العالميين أيضاً، الذين سهلت عليهم هذه الأسابيع عملية البحث عن ماركات غير معروفة لكن مميزة؛ أحياناً من خلال صور المجلات وأحياناً عبر «إنستغرام». وهذا ما يزيد من نموها الاقتصادي، فحسب دراسة نشرتها «ماكنزي أند كومباني»، فإن فرصة البلدان التي تشجع على صناعة الموضة بأن تصبح وجهة مهمة، أكبر من غيرها. وجاء في التقرير أن «العشر مدن الأكثر نمواً ما بين عامي 2015 و2025، هي عواصم الموضة، مثل شانغهاي، وشينغن الصينية، ومكسيكو سيتي، ودلهي، فيما تحافظ العواصم العالمية مثل نيويورك وطوكيو ولندن على مكانتها بحكم تاريخها وحجم صناعتها».
ولا يخفى على أحد أن المنافسة كبيرة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هناك نحو 52 أسبوع موضة في العالم حالياً. بعض الدول لا تكتفي بأسبوع واحد بل تُحفز المنافسة بين مدنها حتى تقتطع لها حصة أكبر من الكعكة العالمية، مثل مدريد وبرشلونة في إسبانيا، وساو باولو وريو دي جانيرو في البرازيل، وملبورن وسيدني في أستراليا، وشانغهاي وبكين في الصين، ونيويورك ولوس أنجليس في الولايات المتحدة. ورغم أن بعضها لا يزال غضاً وخجولاً، فإن الحكومات تُسنده بكل قواها بعد أن فهمت اللعبة وبأنه الطريق إلى إنعاش سياحي واقتصادي طويل المدى.
> افتتح المصمم اللبناني الشاب جون لوي صبجي الأسبوع بتشكيلة تحمل كل بصماته الأنثوية المعهودة. فهذا المصمم الشاب الذي تخرج من أكاديمية دوموس بميلانو ينتمي لعائلة تعشق الموضة وامتهنتها منذ عقود، ما يجعله يعرف ما تريده المرأة من أناقة تجمع الكلاسيكية بالجرأة، وهو ما كان واضحاً في كل قطعة تهادت بها عارضاته على ممشى فندق الكامبنسكي. وكان مسك الختام من نصيب الإيطالي سيلفيو جياردينا الذي ضخ في الأسبوع نكهة إيطالية لذيذة.
من المصممين المشاركين في الأسبوع أيضاً زينب الكيسناوي، وهي فلسطينية برازيلية كبرت في أبوظبي وتركز على فساتين السهرة والعرائس. وهذا يعني طبعاً الفخامة والفساتين المطرزة.
شارك في الأسبوع أيضاً كل من ميس الفاتح وفادي زيموت، وسارة منصور التي درست الموضة في لندن قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة لإكمال دراستها، وليث معلوف الذي تدرب في مدرسة إيلي صعب، وهو ما انعكس على تصاميمه بشكل واضح، إضافة إلى مجموعة أخرى لا تقل موهبة، بعضهم على منصات العرض وبعضهم الآخر في المعرض الذي احتضنته قاعة ضخمة في المكان نفسه.
> أهمية أسابيع الموضة اقتصادياً:
- إلى جانب تحريك عملية البيع، تُنعش صناعات أخرى مثل الفنادق والمطاعم ووسائل المواصلات، فضلاً عن تسليط الضوء على مواقع ومآثر سياحية.
- تدر صناعة الموضة على نيويورك وحدها أكثر من 540 مليون دولار أميركي، نحو 40 مليون دولار منها تذهب لصالح المطاعم، و30 مليون دولار لسائقي التاكسيات وإيجار السيارات الخاصة وباقي وسائل النقل، و56 مليون دولار للفنادق.
- أسبوع لندن أعلن أن الموضة تضاهي صناعة السيارات قوة إن لم تتفوق عليها. فهي تدر 28 مليار جنيه إسترليني سنوياً على الاقتصاد البريطاني.
- أسبوع طوكيو الذي انطلق حديثاً يحقق حالياً نحو 93 مليون يورو للاقتصاد الياباني، بينما يحقق أسبوع شانغهاي 90.5 مليون يورو. أما أسبوع مدريد فيحقق دخلاً إجمالياً قدره 104.5 مليون يورو. فرغم أنه أقل من ميلانو أو باريس من حيث عدد المشاركين فيه والضجة الإعلامية، فإنه يتفوق عليهما تجارياً.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.