تركيا: زيادة عجز الميزانية إلى 4 مليارات دولار في مارس الماضي

مساعٍ لتطوير العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة

سوق خضار في اسطنبول (رويترز)
سوق خضار في اسطنبول (رويترز)
TT

تركيا: زيادة عجز الميزانية إلى 4 مليارات دولار في مارس الماضي

سوق خضار في اسطنبول (رويترز)
سوق خضار في اسطنبول (رويترز)

أعلنت وزارة الخزانة والمالية التركية زيادة العجز في الميزانية إلى 24.5 مليار ليرة (4.24 مليار دولار) في مارس (آذار) الماضي، ارتفاعاً من 16.8 مليار ليرة في شهر فبراير (شباط) السابق عليه. وسجلت ميزانية تركيا في مارس الماضي عجزاً أولياً، لا يشمل مدفوعات الفائدة، بلغ 13.1 مليار ليرة، بحسب بيان للوزارة أمس (الدولار يساوي 5.82 ليرة).
وشهد معدل نمو الاقتصاد التركي تدهوراً ملحوظاً بنهاية عام 2018، ليصل إلى 2.6 في المائة، مقابل 7.4 في المائة في 2017، متأثراً في ذلك بانكماش حاد تعرض له خلال الربع الأخير من العام الماضي.
ووفقاً لبيانات صادرة عن «معهد الإحصاء التركي»، فإن معدل نمو الاقتصاد التركي المحقق خلال العام الماضي، يعد الأقل منذ سنوات، تحت ضغط الانكماش الحاد الذي تعرض له خلال الربع الأخير من 2018، والذي بلغت نسبته 3 في المائة، مما أدخل الاقتصاد مرحلة الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات.
من ناحية أخرى، انخفضت مبيعات التجزئة في تركيا بنسبة 4.9 في المائة خلال فبراير الماضي مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية أن مبيعات الغذاء والمشروبات والتبغ تراجعت بنسبة واحد في المائة، أما المبيعات غير الغذائية (باستثناء وقود السيارات) فقد انخفضت بنسبة 8.2 في المائة، في حين انخفضت مبيعات وقود السيارات بنسبة 1.7 في المائة.
وعلى أساس شهري، شهد فبراير الماضي ارتفاع حجم مبيعات التجزئة بنسبة 0.8 في المائة، وارتفاع مبيعات المواد الغذائية والمشروبات والتبغ بنسبة 0.8 في المائة أيضاً، في حين ارتفعت مبيعات المواد غير الغذائية (باستثناء وقود السيارات) بنسبة 0.9 في المائة، وارتفعت مبيعات وقود السيارات بنسبة 0.4 في المائة.
وتسعى تركيا من خلال خطة للإصلاح الهيكلي إلى إعادة ضبط الأسواق وزيادة الصادرات ودعم البنوك المملوكة للدولة، بهدف تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها منذ العام الماضي.
وهبطت الليرة التركية بنسبة 30 في المائة خلال عام 2018، مما أدى إلى حالة ركود اقتصادي يتوقع الخبراء أن تمتد على الأقل في النصف الثاني من العام الحالي. وتعهد وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق، الأسبوع الماضي، بضخ 5 مليارات دولار في رأس المال الجديد بالبنوك الحكومية، التي تكافح مع ارتفاع القروض المتعثرة، في إطار حزمة إصلاحات تركز على دعم البنوك الحكومية وتعزيز قطاعات الاقتصاد الحقيقي.
ورأى محللون أن حزمة الإصلاح، التي طال انتظارها، والتي تضمنت أيضاً وعوداً فيما يتعلق بالصادرات، لم تبلغ المدى. وقالت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» إن خطة الإصلاح التركية تفتقر إلى التفاصيل فضلاً عن جدولها الزمني الغامض.
وأكد مدير إدارة صندوق النقد الدولي في أوروبا، بول تومسون، ضرورة اتباع أنقرة سياسة مالية تهدف إلى تخفيض معدل التضخم الذي يلامس حدود الـ20 في المائة. وقال إنه «يجب على تركيا أن تتبع الشفافية، وتواصل السياسيات النقدية المتشددة، وتحرص على استقلالية البنك المركزي، كما تجب عليها متابعة التطورات الحاصلة في القطاع المالي وأن تتخذ تدابيرها ضد أي حالة سيئة».
على صعيد آخر، أكد وزير الخزانة والمالية، برات ألبيراق «ضرورة أن تكون العلاقات الاقتصادية التركية - الأميركية هي المحرك للعلاقات بين البلدين، وأن تكون قوية بقدر الشراكة الأمنية التقليدية».
وقال ألبيراق، أمام تجمّع من قادة الأعمال في العاصمة الأميركية واشنطن ليل الاثنين، إن «العمق التاريخي للتحالف الأمني بين أنقرة وواشنطن في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وكذلك القوة المؤسسية، يشكلان حجر الزاوية للعلاقات الثنائية»، مؤكداً «ضرورة عدم منح المشكلات فرصة لتمنعنا من النظر بأجندة إيجابية إلى المستقبل؛ بهدف تعميق التحالف التركي - الأميركي».
بدوره، قال محمد علي يالتشين داغ، رئيس «مجلس العلاقات الاقتصادية التركي - الأميركي»، إنه يتعين على تركيا والولايات المتحدة وضع خلافاتهما السياسية والدبلوماسية خلفهما والتركيز على الاقتصاد والمصالح التجارية المتبادلة.
وأضاف أنه «في الوقت الحاضر تلقي الصعوبات السياسية والاختلافات الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن بثقلها على العلاقات التجارية، وتعرقل جهودنا للمضي قدماً بشكل أسرع وأسرع».
وأشار خلال اجتماع المجلس في واشنطن إلى أنه يتعين العمل بقوة على تغيير هذا الوضع، معرباً عن اعتقاده بأن «الوقت قد حان للحديث عن العمل من أجل رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 50 مليار دولار، وهو الهدف الذي وضعته قيادتا البلدين».
واقترح يالتشين داغ خطوات لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، «بما في ذلك إنشاء مجلس استشاري يمكنه التحدث صراحة إلى صانعي القرار» في كل من أنقرة وواشنطن. وقال إن مثل هذا المجلس «سيستمع إلى احتياجات ومخاوف مجتمع الأعمال في كلا البلدين، ويفهمها ويترجمها إلى مقترحات بناءة للتغيير»، لافتاً إلى أنه «يجب عدم الانتظار بسبب توقع أن قيادتي البلدين ستعملان على حل جميع المشكلات دائماً».



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».