رخصة مصنع تفجر خلافاً بين جنبلاط و«حزب الله»

TT

رخصة مصنع تفجر خلافاً بين جنبلاط و«حزب الله»

فجّر إجراء حكومي اتخذه وزير الصناعة وائل أبو فاعور، خلافاً بين «حزب الله» ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، يُضاف إلى خلافات سياسية كثيرة كانا أوجدا «تنظيماً للخلاف» حولها، ولا يزال هذا «التنظيم» قائماً، بدليل إعلان جنبلاط أمس أن الاتصالات بين الطرفين لا تزال قائمة.
وأبطل وزير الصناعة وائل أبو فاعور الرخصة المعطاة لشركة «ترابة الأرز» اللبنانية لإقامة معمل إسمنت في منطقة عين دارة العقارية، علماً بأن الرخصة كان قد أعطاها الوزير حسين الحاج حسن، أحد ممثلي «حزب الله» في الحكومة السابقة للشركة، وحازت على موافقة مجلس الوزراء.
وبرر أبو فاعور، وهو أحد ممثلي «الاشتراكي» في الحكومة الجديدة، القرار بأن الرخصة «مخالفة للقانون»، مرجعاً السبب إلى «اعتراض واحتجاج من قبل أبناء البلدات المحيطة بموقع المعمل، ومن قبل بلديات تتأثر سلباً بهذا المشروع من النواحي الصحية والبيئية والسلامة العامة».
وطالت تداعيات القرار الأخير لوزير الصناعة، العلاقة بين الطرفين المتوترة أصلاً، وتشوبها خلافات حول عناوين كثيرة، بدءاً من الخلاف على ملف النازحين، وعلى العلاقات مع دمشق، ودعم الحزب لقوى سياسية على خصومة مع جنبلاط، وعلى سلاح الحزب و«الاستراتيجية الدفاعية»، وعبر عنه جنبلاط أخيراً بالتأكيد على أن «تكون وحدة الإمرة الأمنية والدفاعية في مواجهة الأعداء، للجيش اللبناني فقط». لكن رغم ذلك، حافظ الطرفان على الاتصالات بينهما، وكان أبرزها لقاء وفد من «الاشتراكي» مع مسؤولين في الحزب.
لكن الملف الخلافي المستجد «لا علاقة له بالخلافات السياسية بينهما حول النازحين أو العلاقة مع دمشق أو سواها؛ بل هو موضوع تقني صرف»، بحسب ما تقول مصادر مطلعة على العلاقة بين الطرفين. وتشير إلى أن الخلاف اشتعل أخيراً، على ضوء قرار أبو فاعور الذي يراه البعض «قراراً تقنياً منفصلاً عن الخلافات السياسية»، وذلك بعدما كان الحاج حسن قد منح شركة «إسمنت الأرز» رخصة لإنشاء المعمل في عين دارة، وحاز على موافقة وزير البيئة ومجلس الوزراء في تلك الفترة.
وأثار قرار أبو فاعور بعد تسلمه حقيبة الصناعة في الحكومة الجديدة، امتعاض الحزب الذي اعترض على القرار. ويرجع اعتراض الحزب إلى سببين، كما تقول مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط»، يتمثلان في أن «الحكم استمرار، وبالتالي لا يمكن لوزير أن يلغي قرارات وزير سبقه في الوزارة نفسها، إذا كان القرار حائزاً على موافقة مجلس الوزراء»، في إشارة إلى تناوب الأطراف السياسية على الحقائب الوزارية.
أما السبب الثاني فيتمثل في أبعاد قرار مشابه، فهو في المضمون يوحي بأن وزيراً في الحزب مساهم في قرار مخالف للشروط القانونية، و«هو اتهام ضمني لوزير في الحزب بتغطية رخصة مخالفة، وهو اتهام لا يقبله الحزب، ومن هنا مصدر الاعتراض» على إجراء أبو فاعور، كما تقول المصادر.
وسرعان ما طالت تداعيات القرار، العلاقة بين الحزب و«الحزب الاشتراكي». فبعد زيارة وفد من «الاشتراكي» لـ«حزب الله»، ألغى الحزب زيارة موفده باتجاه جنبلاط، وتفاقمت الخلافات منذ تلك اللحظة، ووصلت إلى قطيعة في الزيارات بين الطرفين، بينما يلجأ أصحاب معمل «إسمنت الأرز» إلى «مجلس شورى الدولة» للنظر في قرار إلغاء رخصة المعمل.
ورغم ذلك، يتفق الطرفان على أن الخلافات في القضايا السياسية، لا تمنع التواصل، وهو ما عبر عنه جنبلاط أمس بتغريدة له في «تويتر» قائلاً: «الاتصالات بين كليمنصو وحارة حريك لم تنقطع، وإن شابها بعض من سوء التفاهم وجب علاجه بهدوء». وتابع: «لذلك من الأفضل أن تكون المعالجة بعيداً عن الإعلام وبعض العناوين المثيرة. قصدت هذا التوضيح لإزالة أي التباس للتأكيد على الحوار».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.