أنظمة مراقبة حديثة تتيح لحكومات متابعة تحركات أشخاص عبر العالم

التقنيات أصبحت أسهل واشترتها عشرات الدول في العالم

أنظمة مراقبة حديثة تتيح لحكومات متابعة تحركات أشخاص عبر العالم
TT

أنظمة مراقبة حديثة تتيح لحكومات متابعة تحركات أشخاص عبر العالم

أنظمة مراقبة حديثة تتيح لحكومات متابعة تحركات أشخاص عبر العالم

يوفر صناع أنظمة المراقبة للحكومات حول العالم المقدرة على تتبع تحركات أي شخص تقريبا يحمل هاتفا محمولا، سواء كان ذلك الشخص في منطقة سكنية قريبة أو يعيش في قارة أخرى.
وتعمل تلك التقنية من خلال استغلال حقيقة أساسية في كافة شبكات التليفونات الجوالة، ألا وهي: حتمية الاحتفاظ بالتفاصيل، والسجلات دقيقة بدقيقة حول مواقع العملاء من أجل توصيل المكالمات وغيرها من الخدمات إليهم. تعمل أنظمة المراقبة على جمع تلك السجلات بصورة سرية للوقوف على تحركات المواطنين عبر الأيام، والأسابيع، أو لفترات أطول من ذلك، وفقا لوثائق تسويق الشركة وخبراء تقنيات المراقبة.
وتستخدم أجهزة الاستخبارات العالمية، مثل وكالة الأمن القومي الأميركية وجهاز التنصت البريطاني، بيانات الهواتف الجوالة لفترات طويلة في تتبع الأهداف حول العالم. ولكن الخبراء يقولون: إن الأنظمة الجديدة تتيح للحكومات ذات القدرات التقنية الأقل تقدما تتبع المواطنين في أي دولة – بما فيها الولايات المتحدة – بقدر كبير من السهولة والدقة.
يقوم مستخدمو تلك التقنية بإدخال رقم الهاتف إلى بوابة حاسوبية، والتي تقوم بدورها بجمع المعلومات من قواعد بيانات المواقع التي تحتفظ بها ناقلات الخدمات الخلوية، وفقا لوثائق الشركة. وبهذه الطريقة، يحدد نظام المراقبة أي برج خلوي يستخدمه الهدف المطلوب تتبعه حاليا، مما يكشف عن موقع الهدف (رجل أو امرأة) على بعد بضعة شوارع داخل إحدى المناطق المدنية أو على بعد عدة أميال في إحدى المناطق الريفية.
ومن غير المعروف أي من الحكومات قد حصلت على تلك الأنظمة، ولكن أحد المسؤولين الصناعيين، الذي يتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتبادل المعلومات التجارية الحساسة، قال: إن العشرات من الدول قد ابتاعت أو رخصت مثل تلك التقنية في السنوات الأخيرة. ويؤكد ذلك الانتشار السريع كيف أن صناعة أنظمة المراقبة ذات مليارات الدولارات من الصناعات المزدهرة، وتعمل على توافر تقنيات التجسس المتقدمة في جميع أنحاء العالم.
ويقول الخبراء الأمنيون أن المتسللين، والعصابات الإجرامية المعقدة والدول القابعة تحت وطأة العقوبات يمكنها أيضا استخدام تقنية التتبع المذكورة، والتي تعمل في ظل المنطقة القانونية الرمادية. فمن غير القانوني في الكثير من البلدان تتبع تحركات المواطنين من دون موافقتهم أو من دون أمر من المحكمة، ولكن لا يوجد معيار قانوني دولي واضح إزاء التتبع السري للمواطنين في دول أخرى، ولا يوجد كذلك كيان عالمي لديه السلطة لمراقبة الانتهاكات المحتمل وقوعها.
وردا على أسئلة من صحيفة «واشنطن بوست» هذا الشهر، صرحت لجنة الاتصالات الفيدرالية أنها سوف تحقق في الانتهاكات المحتملة لاستخدام تقنية التتبع التي تجمع بيانات المواقع من قواعد بيانات الناقلات الخلوية. وتفرض الولايات المتحدة قيودا على تصدير بعض أنواع تقنيات المراقبة، ولكن مع توافر الكثير من الموردين في الخارج، فإن القيود المفروضة على بيع أو استخدام تلك الأنظمة دوليا باتت قليلة.
يقول جون فيها، المستشار العلمي الأسبق لدى البيت الأبيض وعالم التقنيات الكبير لدى لجنة الاتصالات الفيدرالية والذي يشغل حاليا منصب أستاذ الهندسة في جامعة كارنيغي ميلون «إذا كان ذلك ممكنا من الناحية الفنية، فلماذا لا يستطيع أي شخص أن يفعل ذلك في أي مكان؟». وكان جون فيها واحدا من خبراء الاتصالات الذين راجعوا وثائق التسويق بناء على طلب صحيفة «واشنطن بوست».
وأضاف قائلا: «إنني قلق من الحكومات الأجنبية، وأشعر بمزيد من القلق حيال المنظمات غير الحكومية. ولا يعني ذلك أنني سوف أكون سعيدا إذا ما استخدمت وكالة الأمن القومي الأميركية هذا الأسلوب في جمع بيانات المواقع. ولكن الأمر أفضل كثيرا مما لو استخدمها الإيرانيون».
وقد بات تتبع الموقع من الأمور الشائعة بصورة متزايدة في الحياة العصرية. فالتطبيقات التي تساعدك في التنقل عبر المدينة أو العثور على أقرب مقهى تحتاج لمعرفة موقعك بدقة. والكثير من الناس يحرصون على مراقبة أطفالهم المراهقين – أو أزواجهم – من خلال تطبيقات التتبع المتوافرة على الهواتف الذكية. غير أن تلك الأنماط من التتبع تتطلب الموافقة أولا، وعادة ما تسمح الأجهزة المحمولة بوقف مميزات تحديد المواقع بناء على رغبة المستخدمين.
ولكن أنظمة التتبع المصممة لصالح أجهزة الاستخبارات أو الشرطة، مع ذلك، تتسم بالتخفي والسرية وصعوبة – إن لم يكن استحالة – وقفها. يقدم موفرو أنظمة المراقبة الشخصية للوكالات الحكومية الكثير من تلك التقنيات، بما في ذلك النظم التي تجمع الإشارات الخلوية من الهواتف القريبة وغيرها التي تستخدم البرمجيات الخبيثة في خداع الهواتف ليتم الكشف عن مواقعها. وتوفرت لدى الحكومات أيضا، ولفترة طويلة، المقدرة على إجبار الناقلات الخلوية على توفير بيانات التتبع لعملائها، وخصوصا داخل بلدانهم. ووكالة الأمن القومي، في ذات الأثناء، تتنصت على كابلات نظام الاتصالات من أجل جمع بيانات مواقع الهواتف الجوالة، على نطاق عالمي واسع.
لكن أنظمة التتبع التي تدخل على قواعد بيانات الناقلات الخلوية هي أنظمة غير عادية من حيث قدرتها على السماح بصورة افتراضية لأي حكومة بتتبع المواطنين عبر الحدود، مع أي نوع من الهواتف الجوالة، وعبر مجموعة واسعة من الناقلات – ومن غير معرفة الناقل الخلوي نفسه. ويمكن أيضا استخدام تلك الأنظمة جنبا إلى جنب مع تقنيات أخرى يمكنها، مع معرفة الموقع العام للشخص محل المراقبة، اعتراض المكالمات الهاتفية وحركة المرور على شبكة الإنترنت، وتفعيل الميكروفونات، والدخول إلى قوائم الاتصال، والصور، وغير ذلك من المستندات لديه.
وتسعى الشركات التي تصمم وتبيع تقنيات المراقبة إلى الحد من توافر المعلومات العامة حول قدرات أنظمتهم وقوائم العملاء لديهم كذلك، وعادة ما يتم تسويق تقنياتهم بصورة مباشرة إلى وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات من خلال المؤتمرات الدولية التي تكون مغلقة في وجه الصحافيين وغيرهم من الجمهور.
تظهر وثائق التسويق التي حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست» أن الشركات تعرض أنظمة قوية مصممة لتفادي الاكتشاف أثناء تحديد تحركات الأهداف محل المراقبة على الخرائط الحاسوبية. وتقدر الوثائق المذكورة معدلات نجاح تلك الأنظمة بنسبة تفوق 70 في المائة.
وتستفيد تقنية التتبع من تراخي القدرات الأمنية لشبكة (SS7)، وهي شبكة عالمية تستخدمها الناقلات الخلوية للتواصل مع بعضها البعض أثناء توجيه المكالمات، والرسائل النصية، وبيانات الإنترنت.
بناء ذلك النظام منذ عقود مضت، عندما كانت بعض الشركات الخلوية الكبرى هي المسيطرة على الجزء الأكبر من حركة مرور الهواتف عالميا. أما الآن هناك ألاف الشركات الخلوية تستخدم شبكة (SS7) في توفير الخدمات لبلايين الهواتف وغيرها من الأجهزة المحمولة، على حد وصف الخبراء الأمنيين. تتمتع كل هذه الشركات بإمكانية الدخول على الشبكة المذكورة ويمكنها إرسال الاستعلامات إلى الشركات الأخرى على نظام (SS7)، مما يجعل من الشبكة بكاملها عرضة لمزيد من الاستغلال. وأي شركة من تلك الشركات تستطيع تقاسم دخولها على الشبكة مع الآخرين، بما فيهم صناع أنظمة المراقبة.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.