مرحلة «ما قبل السكري».. ومخاطرها

أعراضها قد لا تظهر لسنوات

مرحلة «ما قبل السكري».. ومخاطرها
TT

مرحلة «ما قبل السكري».. ومخاطرها

مرحلة «ما قبل السكري».. ومخاطرها

ليس لدى الملايين من النساء أدنى فكرة بشأن مخاطر تعرضهن للإصابة بمرض السكري. اكتشفي إذا كنت واحدة من هؤلاء النساء أم لا، من أجل اتخاذ إجراءات للوقاية من الإصابة بهذا المرض.
وفي الوقت الحالي، يواجه 79 مليون أميركي، بما في ذلك واحد من بين كل اثنين من الأشخاص فوق سن الخامسة والستين، خطر الإصابة بمرض السكري الذي يمكن أن يتسبب في فقدانهم لنعمة البصر والإضرار بالأعصاب وتدمير الكليتين، بما يؤدي إلى الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية. والأدهى من ذلك، أن نصف هذا العدد لا يدرك أن صحته في خطر.

* «ما قبل السكري»
يعاني هؤلاء الملايين من الأميركيين من مرحلة «ما قبل السكري» prediabetes، التي يرتفع فيها مستوى سكر الدم بصورة أعلى من المعدل الطبيعي، بيد أنه لا يكون عاليا بالدرجة التي يمكن معها اعتباره بأنه داء السكري من النوع الثاني. ومن الممكن أن تستمر مرحلة «ما قبل السكري» لسنوات، بل ويمكن أن تتطور لتتحول إلى حالة شاملة من السكري، لكن من دون ظهور ولو مؤشر واحد على الحالة. ويشرح آلان مالابانان، أستاذ الطب المساعد في كلية هارفارد الطبية، هذا الأمر قائلا: «بشكل عام، قد يُصاب الفرد بالسكري لفترة تتراوح من خمس إلى عشر سنوات قبل أن تظهر المضاعفات التي تتسبب في ظهور الأعراض».
وفي حال معرفة الشخص بأنه معرض لخطر الإصابة بداء السكري، فإن ذلك يسمح في مساعدته على إحداث تغييرات صحية فورا، قبل أن ترتفع نسبة السكر في الدم بالشكل الذي يسبب مضاعفات خطيرة.

* مخاطر الإصابة
يصبح رصد خطر الإصابة بالسكري أمرا أكثر أهمية مع التقدم في السن بسبب تزايد احتمال الإصابة بالمرض في هذه المرحلة العمرية. ويتعلق جزء من الأسباب بالوزن الذي يزداد بعد انقطاع الطمث. ويقول مالابانان: «مع زيادة الوزن تتراجع حساسية الأنسولين، أي قدرة الأنسولين على أداء وظيفته». وحينما تقل قدرة الأنسولين على نقل السكر من الدم إلى الخلايا، يرتفع مستوى السكر في الدم.
وفي هذه الأثناء، تفقد خلايا بيتا في البنكرياس، التي تصنع الأنسولين، جزءا من قدرتها الإنتاجية مع التقدم في السن. وقد تؤدي هذه العوامل وغيرها إلى ارتفاع تدريجي في نسبة السكر في الدم ثم الإصابة بالسكري في نهاية المطاف.

* رصد المخاطر
يجب أن تشعري بالقلق بشأن مرحلة ما قبل السكري في الحالات التالية:
- إذا كان مؤشر كتلة الجسم BMI أكثر من 25.
- ارتفاع ضغط الدم ومستوى الكولسترول، أو الاثنين معا.
- وجود تاريخ علاجي لمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات polycystic ovary syndrome.
- إصابة قريب (أم، أب، أشقاء) بالسكري.
- وجود تاريخ لداء السكري الحملي أثناء فترة الحمل.
لكي تتعرفي على وجود مخاطر الإصابة بالسكري، قومي بإجراء الاختبار (الوارد أدناه).
اختبارات ضرورية
إذا كنت معرضة لداء السكري، اذهبي إلى طبيبك من أجل الخضوع للاختبار. وفي الماضي، غالبا ما كان الأطباء يستخدمون اختبار نسبة السكر في الدم للشخص الصائم لتشخيص مرحلة ما قبل السكري أو داء السكري. أما في الوقت الحالي، فيوصي الخبراء بإجراء اختبار معدل السكر التراكمي (A1C) لأنه مؤشر أكثر دقة بشأن مخاطر الإصابة بالسكري. ويقيس هذا الاختبار نسبة الهيموغلوبين، البروتين الذي يحمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء، المرتبط بالسكر. وكلما ارتفع معدل سكر الدم، زاد ارتباط الهيموغلوبين بالسكر.
ويشير مالابانان إلى ذلك قائلا: «يسهم اختبار معدل السكر التراكمي في إعطائنا فكرة عن متوسط تركيز السكريات في الجسم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي أنها (أي السكريات) تكون أقل قابلية للتعرض للتغيير». إذا كان مستوى الهيموغلوبين يتراوح ما بين 5.7 في المائة و6.4 في المائة، فيعني ذلك الدخول في مرحلة ما قبل السكري.

* خطوات صحية
بمجرد معرفتك أنك في مرحلة ما قبل السكري، يمكنك اتخاذ الخطوات التالية للوقاية من تطورها إلى الحالة التامة من داء السكري من النوع الثاني. فمن خلال إجراء القليل من التغييرات البسيطة فيما يتعلق بنمط حياتك، يمكنك إيقاف تطور تلك الأعراض لداء السكري.
ومن أحد هذه التغييرات، اتباع نظام غذائي صحي تنخفض فيه نسبة الدهون. وقد تساعد أطعمة معينة أو أنماط تناول الطعام، على وجه الخصوص، في الوقاية من داء السكري. وعلى سبيل المثال، كشفت إحدى الدراسات انخفاض نسبة الإصابة بداء السكري بين الأشخاص الذين يتبعون النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، الذي يحتوي على نسبة عالية من الحبوب الكاملة والفاكهة والخضراوات والأسماك. وكشفت دراسة أجرتها هارفارد أخيرا أن الأشخاص الذين تناولوا ثلاث وجبات أسبوعيا تشتمل جميعها على فواكه مثل عنب الدب، والعنب، والتفاح (وليس عصير الفاكهة) تقل لديهم مخاطر التعرض للإصابة بداء السكري.
إلى جانب اتباع الحمية الغذائية، مارسي التمارين الرياضية لمدة 150 دقيقة أسبوعيا على الأقل. إضافة إلى ذلك، تعد ممارسة المشي السريع لمدة 30 دقيقة في اليوم خيارا جيدا أو يمكنك اختيار أي نشاط آخر من أنشطة الرياضة الهوائية مثل الرقص أو لعب التنس.
إذا كنت تعانين من زيادة الوزن، فربما يساعدك تقليل الوزن ولو حتى بمقدار بسيط على الوقاية من الإصابة بالسكري. ويكون مجرد فقدان نسبة 5 في المائة إلى 7 في المائة من وزنك إجراء كافيا لتقليل مخاطر التعرض للإصابة بهذا الداء. لكن إذا كان وزنك 165 رطلا (الرطل 453 غم تقريبا)، يمكنك إحداث اختلاف في حالتك نحو الأحسن من خلال فقدان من 8 إلى 12 رطلا فقط.
ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات الثلاثة، وهي: اتباع نظام غذائي وممارسة التمارين وفقدان الوزن، إلى تقليل مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بما يزيد عن النصف. كما يعتبر إدخال تغييرات في نمط حياتك أمرا أكثر فعالية من تعاطي عقاقير مثل «ميتفورمين» لتقليل مخاطر الإصابة بداء السكري.
وفي النهاية، كوني على دراية بشأن ما تشعرين به. فبعض الأعراض، مثل الاستيقاظ في أحيان كثيرة أثناء الليل للذهاب إلى الحمام وفقدان الوزن بشكل لا إرادي والشعور بالعطش أو الجوع بصورة مفرطة، تعد بمثابة علامات على أنك مصابة بالفعل بمرض السكري.
إذا ساورك القلق بشأن وجود مخاطر لديك للإصابة بمرض السكري، اذهبي إلى طبيبك لتتأكدي من نسبة السكر في الدم. ومن خلال التسلح بهذه المعرفة، يمكنك البدء في مراقبة حالتك الصحية والتخلص من المخاطر التي تهددك.
* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»

* جدول لتحديد خطر الإصابة بالسكري
لتحديد خطر إصابتك بالسكري، أجيبي عن الأسئلة التالية واحتسبي النقاط
1- ما هو عمرك؟
* أقل من 40 سنة (بلا نقاط)
* من 40 إلى 49 سنة (نقطة واحدة)
* من 50 إلى 59 سنة (نقطتان)
* 60 سنة فأكثر (ثلاث نقاط)
2- هل سبق تشخيصك بوجود السكري خلال حملك؟
* نعم (نقطة واحدة)
* لا (بلا نقاط)
3- هل سبق أن أصيبت والدتك أو والدك أو شقيقتك أو شقيقك بالسكري؟
* نعم (نقطة)
* لا (بلا نقاط)
4- هل سبق تشخيصك بوجود ارتفاع ضغط الدم؟
* نعم (نقطة واحدة)
* لا (لا توجد نقاط)
5- هل أنت نشيطة جسديا؟
* نعم (لا توجد نقاط)
* لا (نقطة واحدة)
6- ما هو وزنك؟
* إذا كان وزنك أقل مما هو واجب، لا تضيفي أي نقاط
النتائج: إذا سجلت معدل خمس نقاط أو أكثر، فإنك معرضة للنوع الثاني من داء السكري. ولذا، استشيري طبيبك للخضوع للاختبار المناسب.
* المصدر: الجمعية الأميركية لمرض السكري



هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟
TT

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. ورغم أنه يحدث في الأغلب بين الأطفال والمراهقين (كان الاسم القديم لهذا النوع سكري الأطفال) لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

ويتميز المرض بارتفاع غلوكوز الدم نتيجة لتكوين أجسام مضادة مناعية لخلايا البنكرياس بسبب تفاعلات مناعية تؤدي إلى تدمير الخلايا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين (خلايا بيتا) وظهور مرض السكري من النوع الأول (T1DM) في الأطفال في وقت مبكر من الحياة، مما يؤثر بالسلب في صحتهم العامة لبقية حياتهم.

عوامل بيئية

أوضحت أحدث دراسة عالمية تناولت العوامل البيئية المحددة لمرض السكري في الشباب The Environmental Determinants of Diabetes in the Young أو اختصاراً (TEDDY) Study، وجود كثير من العوامل يمكن أن تسهم في ظهور هذه التفاعلات المناعية التي تحدث في البنكرياس وتؤدي إلى تكوين الأجسام المضادة المناعية التي تسبب نقص الإنسولين. ومن خلال تفادي هذه العوامل يمكن وقاية الأطفال من المرض وتقليل فرص حدوثه.

وأجرى الدراسة التي نُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة الغدد الصماء (Nature Reviews Endocrinology)، باحثون وأطباء متخصصون في الغدد الصماء من مراكز بحثية مختلفة في الكثير من مدن العالم.

رغم أن العامل الجيني يلعب دوراً مهماً في الإصابة لكن لا يمكن تفسير حدوث المرض بسبب العامل الوراثي وحده، إذ تلعب العوامل البيئية الأخرى دوراً أساسياً مثل النظام الغذائي ومسببات العدوى وعلى وجه التحديد التعرض للعدوى الفيروسية... كل هذه العوامل تساعد على حدوث التفاعلات المناعية وتكوين الأجسام المضادة المعطِّلة لعمل الإنسولين.

وقال الباحثون إن أكبر مشكلة في الدراسة كانت العثور على الأطفال المصابين بالمرض لإجراء الدراسة عليهم، إذ شارك نحو 40 في المائة فقط من الأطفال وذلك بسبب مخاوف الأسر من المتاعب التي يمكن أن يتعرض لها الصغار بشكل عام. ولكن على الرغم من هذه التحديات حققت الدراسة معدلات مسح كبيرة خصوصاً في الدول الاسكندنافية (فنلندا والسويد) بعكس بعض الولايات الأميركية.

ولمحاولة فهم المناعة الذاتية لخلايا البنكرياس رصد الباحثون الأجسام المضادة التي تظهر لأول مرة والتي في الأغلب تكون مضادة للإنسولين (IAA) وتقلل من إفرازه. وهذه الأجسام المضادة الذاتية تُعد الأولى التي يجري اكتشافها، وذلك في الفئة العمرية بين سن 6 أشهر و3 سنوات. وقال الباحثون إن المخاطر الوراثية شملت ما يقرب من 50 في المائة من حالات الإصابة، إذ يسهم بعض الجينات المحددة في رفع نسبة القابلية لحدوث المرض تبعاً لتحليلات الجينوم الخاصة بالأطفال وأسرهم.

تناوُل كميات كبيرة من البروتين في الطعام ارتبط بزيادة خطر الإصابة بالمناعة الذاتية

دور بروتين الطعام والفيروسات

ارتبط تناول كميات كبيرة من البروتين في الطعام بزيادة خطر الإصابة بالمناعة الذاتية أيضاً مما يسلِّط الضوء على تأثير التغذية السليمة والمتوازنة في مراحل الحياة المبكرة على الجهاز المناعي سلباً وإيجاباً. لذلك يجب على الآباء مراعاه التوازن في وجبات الأطفال الصغار حتى في المواد التي يمكن أن تكون مفيدة في كميات معتدلة لأن الإفراط في تناول أي مادة حتى لو كانت جيدة ينعكس بالسلب على صحة الطفل. والأمر نفسه ينطبق على منع أي مادة غذائية أخرى مثل الدهون أو الكربوهيدرات بشكل كامل لأن الطفل في مراحل التكوين يحتاج إلى جميع العناصر.

ووجد الباحثون أن العدوى الفيروسية على وجه التحديد كانت مرتبطة بالتفاعلات المناعية. وهناك أنواع معينة من العدوى كانت مرتبطة بزيادة خطر تكوين المناعة الذاتية وبشكل خاص الفيروسات المعوية مثل عدوى الكوكساكي بي Coxsackie B التي تحفز الأجسام المضادة المناعية. وفي المقابل كانت هناك أنواع أخرى لعبت دوراً مهماً في الوقاية من خطر المناعة الذاتية مثل الإصابة بالأدينو فيروس سي (adenovirus C) في وقت مبكر من عمر الطفل. وربما تحدث الوقاية عن طريق تحفيز الدفاعات المضادة للفيروسات في الجسم.

رصدت الدراسة الآثار الجيدة للبكتيريا النافعة في التغلب على خطر المناعة الذاتية وخفض احتمالية الإصابة بالأمراض المناعية بشكل عام وليس مرض السكري من النوع الأول فقط. ونصحت الآباء بالحرص على أن يتناول أطفالهم الأطعمة التي تحتوي على البروبيوتيك بشكل طبيعي مثل الزبادي، وقال الباحثون إن الرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة تساعد على الوقاية من الأمراض المناعية بسبب البكتيريا النافعة الموجودة في حليب الأم.

وقال الباحثون إن الفترة العمرية من عمر عام حتى أربعة أعوام كانت أكثر فترة جرى فيها تشخيص المرض، وتمكَّن العلماء من توقع الأطفال الذين سوف يصابون بالمرض من خلال مسح سنوي لأجسام مضادة معينة، وأن الطفل أكثر عُرضة للإصابة من أقرانه. ولذلك يجب على آباء هؤلاء الأطفال أن يتجنبوا بقية العوامل التي تساعد على ظهور المناعة الذاتية والعمل على وقاية أطفالهم من خلال التزام نظام غذائي معين وعلاج الأمراض الفيروسية.

وتلعب العوامل النفسية دوراً مهماً في ظهور المناعة الذاتية لخلايا البنكرياس. وكلما كانت صحة الطفل النفسية جيدة ويتمتع بالحب والدعم النفسي من الأسرة قلَّت فرص إصابته بالتفاعلات المناعية المؤدية إلى مرض السكري أو غيره من الأمراض المناعية بشكل عام. وقال الباحثون إن التحليل النهائي لجميع العينات التي جُمعت سوف يلقي مزيداً من الضوء على طرق الوقاية من المرض وذلك في مطلع عام 2025.

* استشاري طب الأطفال