الجزائر: انتقادات واسعة لـ«عنف السلطة» تجاه الحراك

تعامل الأمن مع المتظاهرين بات أكثر حدة منذ تحذيرات قائد الجيش

مظاهرة نظمها جزائريون في باريس أمس تضامناً مع الحراك المطالب بالتغيير الجذري للنظام في الجزائر (أ.ف.ب)
مظاهرة نظمها جزائريون في باريس أمس تضامناً مع الحراك المطالب بالتغيير الجذري للنظام في الجزائر (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: انتقادات واسعة لـ«عنف السلطة» تجاه الحراك

مظاهرة نظمها جزائريون في باريس أمس تضامناً مع الحراك المطالب بالتغيير الجذري للنظام في الجزائر (أ.ف.ب)
مظاهرة نظمها جزائريون في باريس أمس تضامناً مع الحراك المطالب بالتغيير الجذري للنظام في الجزائر (أ.ف.ب)

تتعرض الحكومة الجزائرية إلى انتقادات شديدة، حالياً، بسبب استعمالها المفرط للقوة ضد المتظاهرين المطالبين بتغيير النظام، رغم سلمية الاحتجاج المستمر منذ شهرين. وجرى اعتقال العشرات من نشطاء الحراك في الجزائر العاصمة، بناء على أوامر من وزير الداخلية الجديد صلاح الدين دحمون. وتردد أمس أنه تم الإفراج عنهم.
وقبل الجمعة الماضية، لاحت في الأفق علامات تحول لافت من جانب الحكومة في التعامل مع المظاهرات. فعلى بعد 20 كيلومتراً عن وسط العاصمة، وضعت قوات الدرك، مدججة بأسلحة حديثة، نقاط مراقبة بكل المداخل التي تقود إلى العاصمة، وتم احتجاز أعداد كبيرة من الأشخاص بها، بعضهم عوائل مع أطفالهم، لساعات طويلة لثنيهم عن الالتحاق بالحراك. وتكررت مثل هذه المشاهد في كل الولايات الـ48 التي خرج فيها الملايين مطالبين برحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح.
وقال مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن المديرية العامة للشرطة «ترجمت في الميدان تحذيرات رئيس أركان الجيش (الفريق أحمد قايد صالح) الذي طالب، الأربعاء الماضي، المتظاهرين بالتوقف عن الخروج إلى الشارع، بذريعة أن الحراك عطل عجلة الاقتصاد، وزاد الأزمة الاجتماعية حدة».
وأوضح المصدر نفسه أن «تصرف الشرطة مع الحراك كان عادياً منذ 22 فبراير (شباط)، لكن بعد كلمة قايد صالح، شديدة اللهجة ضد المتظاهرين، انقلب رجال الأمن على الحراك، وغاب التسامح الذي كان من جانبهم تجاه المتظاهرين، ولوحظ انتشار رجال أمن بزي مدني وسط الحشود، وشوهدوا وهم يطلقون صنفاً جديداً من القنابل المسيلة للدموع، أحدث اختناقاً حاداً في التنفس. كما شوهدت سيارات شرطة حديثة تطلق صوتاً حاداً يتسبب في آلام حادة في الآذان لتفريق المتظاهرين وإبعادهم».
ومن أكثر المشاهد «عدوانية»، خلال جمعة الحراك الثامنة، إطلاق الغازات الخانقة داخل «النفق الجامعي»، وهو بطول 100 متر، الذي يربط بين أكبر مكانين للحشود، البريد المركزي وساحة موريس أودان؛ وقد ألحق ذلك أذى كبيراً بالأشخاص المسنين والأطفال، وقضى كثير من المتظاهرين الليلة بالمستشفيات للعلاج.
وذكر ناشط بـ«شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان» أن تقريراً أعده فريق من الحقوقيين عن تعامل الشرطة مع المتظاهرين، في آخر جمعة، سيتم رفعه إلى «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، ويتضمن - حسبه - تنديداً بـ«باستعانة السلطات بالدعاية الكاذبة والأساليب النفسية لتخويف الشعب بالإرهاب، ومزاعم بوجود مندسين أجانب في الحراك، وإصدار بيانات كاذبة عن مخططات إرهابية تستهدف الحراك، ونشر صور لبعض عناصر رجال الأمن المتضررين، حسبها، من عنف بعض المواطنين؛ وذلك بغرض استعطاف الرأي العام».
كان قائد الجيش قايد صالح قد ذكر يوم 10 من الشهر الجاري أن «جهات» (من دون تحديد هويتها) «تسعى لتنفيذ مخططاتها الرامية إلى ضرب استقرار البلاد، وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري، وهدم مؤسسات الدولة، بل كان هدفهم الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية». غير أن هذا الكلام، الذي حمل نبرة تهديد، لم يمنع الملايين من الخروج يوم 12 من الشهر الحالي، للإصرار على «الشعار التعجيزي» نفسه، وهو تنحي بن صالح، ورئيس «المجلس الدستوري» الطيب بلعيز، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وعبرت «منظمة العفو الدولية»، في تقرير حديث، عن «قلقها من عمليات الاعتقال التي حدثت بالجزائر، حيث تم احتجاز ما لا يقل عن 311 شخصاً منذ بدء المظاهرات. وأُطلق سراح بعضهم بعد ساعات قليلة، ومن بينهم 10 صحافيين اعتُقلوا في أثناء تغطيتهم للاحتجاجات، أو المشاركة في احتجاج يدعو إلى حرية الصحافة. ويحاكم ما لا يقل عن 20 محتجاً حالياً بتهم (التجمهر غير المسلح) التي تُستخدم لتجريم الاحتجاجات السلمية، بينما يُحاكم آخرون بسبب أعمال العنف والسرقة».
وذكرت ماجدالينا مغربي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية أنه «مع تزايد التوترات، وسط الاحتجاجات المتصاعدة، فإننا نناشد السلطات الجزائرية ممارسة ضبط النفس، واحترام حقوق المتظاهرين، وعدم استخدام القوة المفرطة أو غير الضرورية لقمع الاحتجاجات السلمية».
وأوضحت أن «العالم يسلط نظره على الجزائر الآن، وكيفية رد الحكومة على هذه المظاهرات سيكون اختباراً حاسماً لالتزامها بتعزيز حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي. يجب على قوات الأمن استخدام القوة كملاذ أخير فقط. ورغم ذلك، يجب استخدامها فقط بصورة متناسبة، وعند الضرورة القصوى».
واللافت أن نشطاء الحراك استعملوا سلاحاً قوياً للرد على الحكومة، بعد التصرف العنيف معهم يوم الجمعة، الذي استمر أول من أمس (السبت)، بمنع طلبة الجامعة من الاحتجاج في العاصمة، ويتمثل في منع الوزراء الجدد من زيارة مناطق كثيرة، مدرجة ضمن أجندة حكومية تم تحديدها في اجتماع لأعضاء الحكومة تحت رئاسة بدوي، الأربعاء الماضي. ففي مدينة تبسة القريبة من الحدود التونسية، ظل وزير الطاقة عالقاً بالمطار المحلي أمس لساعات طويلة بسبب حشود كبيرة جاءت إلى المطار لمنعه من زيارة المنطقة. وتكرر هذا المشهد في اليومين الماضيين، ببشار (جنوب غرب)، حيث عاش وفد وزاري متكون من وزراء الداخلية والسكن والري ظرفاً حالكاً مع سكان المنطقة الذين طالبوهم بالعودة إلى العاصمة. وتم الأسبوع الماضي منع وزير الأشغال العمومية من زيارة موقع تابع لقطاعه بالعاصمة.
وأمس، أعلنت «جمعية تجمع شباب الجزائر» أن الشرطة أطلقت سراح 10 ناشطين بعد ساعات على توقيفهم لدى محاولتهم التظاهر «تنديداً بقمع مسيرة يوم الجمعة». وأوقف الناشطون واقتيدوا إلى مركز أمن بعيد عن وسط العاصمة، بينما كانوا يستعدون للتجمع في ساحة البريد المركزي. وكتب حكيم عداد، الأمين العام السابق للجمعية، على صفحته في «فيسبوك»: «تم إطلاق سراحنا... في انتظار أن نصبح أحراراً».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.