ابن كيران يعد خطاب العاهل المغربي تنويها بعمل حكومته

دعا خصومه السياسيين إلى أن يتنافسوا مع حزبه بشكل ديمقراطي

عبد الإله ابن كيران (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

ابن كيران يعد خطاب العاهل المغربي تنويها بعمل حكومته

عبد الإله ابن كيران (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران (تصوير: مصطفى حبيس)

قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، إن الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس الأربعاء الماضي بمناسبة «ثورة الملك والشعب»، يعد تنويها بعمل حكومته التي تسير في اتجاه النهوض بالبلاد، مشيرا إلى أن المغرب يعيش في جو من الأمن والاستقرار يسمح بمراجعة الذات والقيام بإصلاحات كبرى.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أكد في خطابه أن المغرب تمكن من ترسيخ نموذجه الديمقراطي والتنموي، وأن بإمكانه الالتحاق بالدول الصاعدة، داعيا إلى التوزيع العادل لثمار النمو حتى لا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، مشيرا إلى أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة لتحصين المكاسب وتقويم الاختلالات.
وفي هذا السياق أوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في الملتقى الوطني العاشر لمنظمة شباب حزب العدالة والتنمية، الذي نظم بمدينة سلا المجاورة للرباط، أن خطاب الملك محمد السادس بشر بأن بإمكان البلاد الالتحاق بالدول الصاعدة، مضيفا أن «ذلك لن يحدث إلا إذا كانت الحكومة تسعى في هذا الاتجاه، وهو نوع من التنويه بالحكومة رسميا وعلانية وبشكل صريح».
وقال إنه لا ينكر دور الحكومات السابقة. ووصف ابن كيران خطاب الملك بأنه خطاب نضالي يطلب فيه من الحكومة بأن تجتهد لإعادة التوازن إلى المجتمع والالتفات إلى الفئات الفقيرة والمحرومة التي لم تنل نصيبها من التنمية، وإعطائها نصيبها كاملا غير منقوص. وأضاف أن الملك محمد السادس كان واضحا عندما أعلن أن نتائج النمو لم تصل بطريقة عادلة إلى كافة أفراد المجتمع، وبقيت شرائح منه محرومة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعني أن المغرب يعيش في جو من الأمن والهدوء والاستقرار يسمح بمراجعة الذات، ويدعو الجميع للقيام بالدور الحقيقي المطلوب، وليس للعب في الزمن الضائع، موضحا أن الملك محمد السادس يدعو إلى القيام بالإصلاحات الكبرى، والتحكم في التوازنات الاقتصادية حتى لا تبقى الدولة رهينة للمؤسسات المانحة، وحتى تخفف مديونيتها أو تزال، وهو ما عده دليلا على وجود استعداد للإصلاح، وأردف أن «الحكومة لم تعد تخاف من الشعب، وأن الشعب لم يعد يكره الحكومة، بل أصبح هناك جو من التفاهم والانسجام يسمح بالإصلاحات الكبرى، وأن من يقف في وجه الإصلاحات ستتنكر له الدولة والمجتمع والشعب». واتهم ابن كيران أحزابا سياسية لم يسمها بالتحكم وبيع الأوهام والإغراء بالمناصب داخل الوزارات والسفارات والرواتب الكبيرة، وذكر بسياق الإصلاحات التي تبناها المغرب منذ 2011 واعتماد دستور جديد بمبادرة من الملك محمد السادس، ثم تنظيم الانتخابات التشريعية التي فاز فيها حزبه بالمرتبة الأولى، والتي «كانت نتائجها أمنا وبردا وسلاما على المغرب ورفعت شأنه بين الدول»، على حد تعبيره.
وحذر ابن كيران ممن وصفهم بتجار الضبط والتحكم في الخارج والداخل، الذين لم يتوقفوا عن تحريك المؤامرات، ودعا خصومه السياسيين إلى أن يتنافسوا مع حزبه بشكل ديمقراطي. وقال إنه سيكون أول من سيصفق لهم إذا فازوا، لكنه حذرهم من أنهم لن يصلوا إلى أي شيء باعتمادهم أسلوب «المناورات والمكر والخداع لأنهم فاقدون للمصداقية».
وقال ابن كيران مخاطبا شباب حزبه إنه «رغم قلة عددنا وضعف إمكانياتنا فإن الله بوأنا المكانة التي نحن فيها اليوم، بعد أن كان دعاة الفساد والاستبداد يتنبأون بزوالنا أو تحجيمنا حتى لا نرأس الحكومة ونتصدر العمل السياسي»، مشددا على أن الحزب ما زال في البداية. كما أشار إلى أنه لا يتضايق من دور المعارضة الذي تقوم به منظمة شباب الحزب، ودعاها إلى الاستمرار في معارضة الحكومة لأنها «معارضة لا تريد السوء، أو تسعى إلى إسقاط المشروعية، بل مساعدة الحكومة على المضي في اتجاه الإصلاح».
وتطرق ابن كيران خلال اللقاء إلى العدوان الإسرائيلي على غزة، وقال إن ما يحدث «يقطع القلوب ومع ذلك فهو يرفع الرؤوس». وكشف أنه عندما التقى جون كيري وزير الخارجية الأميركي في واشنطن قال له «إذا كانت إسرائيل لن تستعمل سوى العنف، فإنها لن تصل إلى شيء، وحتى لو قضت على حماس ستكون هناك حماس أخرى»، مشيرا إلى أن جماهير الشعوب الإسلامية مستعدة للموت من أجل تحرير فلسطين.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».