مصر: مهلة تعديلات الدستور توشك على النفاد... والفترة الرئاسية محل جدل

«تشريعية البرلمان» تنتظر التصويت على صياغة نهائية

TT

مصر: مهلة تعديلات الدستور توشك على النفاد... والفترة الرئاسية محل جدل

فيما توشك المهلة القانونية المُلزمة لصياغة تعديلات مهمة لمواد بالدستور المصري، على النفاد، تسبب مقترح برلماني في «لجنة الشؤون التشريعية» في فتح باب الجدل حول مدى دستورية زيادة مدة سنوات الفترة الرئاسية بأثر رجعي. ولم تنته «لجنة الشؤون التشريعية» بمجلس النواب، حتى أمس، من صياغة نهائية لمقترحات تعديل الدستور التي تطال مواد عدة؛ أبرزها زيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، ومنح وضع خاص للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يسمح بترشحه لفترتين إضافيتين والاستمرار في السلطة حتى عام 2034.
وفي 14 فبراير (شباط) الماضي، وافق مجلس النواب بشكل مبدئي على مقترحات التعديل التي تقدم بها ائتلاف «دعم مصر»، صاحب الأغلبية البرلمانية، وقرر رئيس البرلمان علي عبد العال، إحالة المقترحات إلى لجنة «الشؤون التشريعية» لصياغتها في غضون 60 يوماً من تاريخ الموافقة المبدئية، الأمر الذي يعني انتهاء المهلة غداً (الاثنين) بحد أقصى، وكذلك فإن البرلمان حدد جلسات يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين لمناقشة تقرير اللجنة بشأن التعديلات وصياغتها النهائية تمهيداً للتصويت، وطرحها للاستفتاء. وتقدم النائبان محمد العتماني ومحمد صلاح عبد البديع، وهما من المعارضين للتعديلات، أثناء جلسةٍ للجنة الشؤون التشريعية، نهاية الأسبوع الماضي، بمقترح لتطبيق مدة زيادة فترة حكم الرئيس من 4 سنوات (حسب صورتها الحالية في الدستور القائم) إلى 6 سنوات (وفق مقترح الأغلبية للتعديل) بأثر رجعي على المدتين السابقتين اللتين انتخب السيسي خلالهما. وقال العتماني لـ«الشرق الأوسط»، أمس، «أرفض تعديل فترات حكم الرئيس من حيث المبدأ، لكنني اقترحت في خلال الجلسة حلاً توافقياً، في مواجهة إصرار الأغلبية البرلمانية على أن دافع التعديل يعود لضيق الفترة الزمنية المخصصة للرئيس لإنجاز أعماله، وطرحت أن تكون الزيادة 4 سنوات بواقع عامين عن كل فترة سابقة، وبذلك نتجنب منح وضع استثنائي في الدستور يتصادم مع المادة 226 من مواده، التي تحظر إعادة انتخاب الرئيس لأكثر من مرة واحدة».
لكن مقترح العتماني وعبد البديع اكتسب زخماً بتعليق من رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، الذي قال ضارباً المثل في إطار مناقشة المقترح، إنه مثل «قضية المرتبات والمعاشات التي تم الإعلان عنها، وتم تطبيقها بالأثر المباشر».
وعدّ النائب البرلماني، ضياء داود، وعضو لجنة الشؤون التشريعية، أن «المقترح جاء من باب حلحلة التمسك بالوضع الانتقالي والاستثنائي في المقترحات، التي تسمح للرئيس الحالي بالترشح لفترتين مقبلتين إضافيتين». وسبق لرئيس البرلمان أن قال خلال رئاسته لجلسة «اللجنة التشريعية» إن المقترحات «مادة خام»، وإن «مناقشات اجتماع اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب والجلسة العامة للمجلس هي التي تحدد الصيغة النهائية للتعديلات الدستورية». وتعهد عبد العال بألا يطرح التعديل للتصويت «إلا إذا كان متفقاً مع الدستور واللائحة (الداخلية للبرلمان)». ويرى القانوني، شوقي السيد، أن مقترح «تطبيق زيادة فترة حكم الرئيس، لا يستقيم من الناحية القانونية والدستورية، بسبب انتهاء المدة السابقة، وإجراء انتخابات جديدة». وقال السيد لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «حقوق الناخبين تعلقت وارتبطت بموجب التصويت سواء بالنسبة للمدة التي انتهت، أو السارية حتى الآن، الأمر الذي يعني أنه لا يمكن منح سنوات حكم إضافية بعد إجراء الانتخابات».
وفسر السيد أن «مواد أخرى في الدستور تحدد مواعيد إجراء الانتخابات والدعوة لها بشكل تنظيمي وتفصيلي، ستكون متناقضة مع المقترح حال تنفيذه، وسنكون بصدد مواد دستورية متعارضة مع مواد أخرى لم تكن بين التعديلات».
ووفق المقترحات، فإنها تستهدف كذلك تعديل المادة 139 من الدستور التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والتي تشير - في صورتها الحالية - إلى أن اختيار رئيس المحكمة ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين يكون باختيار الجمعية العمومية لها، ويصدر الرئيس قرار تعيينهم، لكن المقترح يسعى إلى منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس «الدستورية» من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة. وكذلك، فإن المقترحات تتطرق إلى طريقة تعيين النائب العام، والمحددة في المادة 189 من الدستور، ليكون اختياره من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى، ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، لكن مقدمي التعديلات يقترحون أن يكون «اختيار النائب العام من قبل رئيس الجمهورية من بين 3 مرشحين يحددهم مجلس القضاء الأعلى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.