دعم معنوي للحريري في انتخابات طرابلس... وفوز جمّالي شبه مضمون

TT

دعم معنوي للحريري في انتخابات طرابلس... وفوز جمّالي شبه مضمون

المفاجأة الوحيدة التي يمكن أن تشهدها الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس، التي تجري اليوم، لن تكون في تسجيل خرق للترجيحات التي تتوقع أن تستعيد المرشحة ديما جمالي مقعدها النيابي، وإنما في رفع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، التي ربما تتجاوز العشرة في المائة من الناخبين المسجلين على لوائح الشطب، وعددهم أكثر من 247 ألف ناخب، كان قد اقترع منهم في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي نحو 90 ألفاً.
ويتنافس في الانتخابات الفرعية التي تجري على أساس النظام الأكثري 8 مرشحين، هم إضافة إلى جمالي: النائب السابق مصباح الأحدب، ويحيى مولود، وعمر السيد، وطلال كبارة، ومحمود الصمدي، وحامد عمشة، والسجين السياسي في إيران (ابن القلمون) نزار زكا بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة.
وكان دعم جمالي قد تلقى جرعة إضافية تمثلت بجولة رئيس الحكومة سعد الحريري على المرجعيات السياسية والروحية في عاصمة الشمال، في محاولة لحث الناخبين على كسر حالة اللامبالاة التي تخيم على الأجواء، والتوجه إلى صناديق الاقتراع.
وللمرة الأولى، يغيب المال الانتخابي عن هذه الحملة، رغم أن بعض من ينافسون جمالي قد سارعوا إلى استحضاره، كمادة تحريضية ربما يستفزون بها من اتخذوا قرارهم بعدم المشاركة، ليس لأن النتيجة محسومة سلفاً، وإنما احتجاجاً على واقعهم الاجتماعي المزري، في ظل انعدام فرص العمل، وغياب الاهتمام الرسمي بمشكلاتهم، مع أن الرئيس الحريري تعهد في جولته بأن لطرابلس والشمال حصة وازنة من مؤتمر «سيدر».
وغياب الحوافز التي تدفع بالعدد الأكبر من الناخبين للمشاركة في الانتخابات لا يعود إلى الموقف الرسمي الذي اتخذته قوى «8 آذار» التي يتشكل منها تحالف النائب فيصل كرامي، وجمعية المشاريع الخيرية في لبنان «الأحباش»، والعلويون، والأحزاب المنضوية في المحور المدعوم من «حزب الله» محلياً، وإيران والنظام السوري إقليمياً، والذي دعت فيه إلى مقاطعة الانتخابات اعتراضاً على عدم إعلان فوز مرشحه طه ناجي، بدلاً من حصر قرار المجلس الدستوري بقبول الطعن بنيابة جمالي؛ وإنما إلى انعدام الحماسة، وصولاً إلى التعامل مع النتائج على أنها ستعيد المقعد النيابي إلى جمالي.
لذلك، فإن أهمية التحالف السياسي العريض الداعم لجمالي تكمن في أنه سيؤدي إلى تكريس التحالف يبن الحريري ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي يحرص على توحيد الموقف الإسلامي في وجه من يحاول النيل من صلاحيات رئيس الحكومة، إضافة إلى أن الانتخابات أدت إلى إعادة التواصل بين الحريري والوزير السابق أشرف ريفي، بعد سنوات من الخلاف السياسي.
وإذا كان يتوقع أن تصب نتائج الانتخابات لمصلحة جمالي، فإن الاقتراع سيكون حتماً للرئيس الحريري الذي شكل الرافعة السياسية لها، وهذا يفسر حرص التحالف العريض على تجنب الدخول في الظروف التي أملت على الحريري تجديد ثقته بها، على خلفية أن الطعن بنيابتها كان يراد منه تمرير رسالة له.
لكن غياب المنافسة الرقمية لا يعني تغييب من يخوض المعركة الانتخابية ضد جمالي، وأبرزهم المرشح مولود، ويليه الأحدب والسيد، باعتبار أن من يدعم زكا سيتخذ من ترشيحه مناسبة لتمرير رسالة ضد إيران لمواصلتها احتجازه بلا أي مسوغ قانوني، وهذا ما يجعل منه معتقلاً سياسياً.
فالمرشح مولود يعتمد على تأييد الحراك المدني، ويسعى لكسب دعم الشباب في طرابلس، وهو يتقاسم مع الأحدب الشعارات السياسية المرفوعة في وجه جمالي، وإن كان معظم منافسي الأخيرة (ما عدا مولود والأحدب) لا يملكون ما يخسرونه، وأن ما يهمهم هو الانضمام إلى نادي المرشحين للانتخابات.
ويبقى السؤال: أين تقف قوى «8 آذار» من المعركة؟ وهل ستصمد أمام مقاطعتها الانتخابات أم أنها ستعمل من تحت الطاولة لتأييد أحد منافسي جمالي، في إشارة إلى تعاطيها الإيجابي مع ترشح مولود؟
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن النائب فيصل كرامي كان أول من أخرج نفسه من المنافسة، وهو موجود الآن في الخارج لقطع الطريق على من يحاول أن يلبسه ثوب المشاركة، بخلاف ما كان قد أعلنه، إضافة إلى أن «الأحباش» أكدت لـ«الشرق الأوسط»، بلسان مرشحها ناجي أن «قرارنا بالمقاطعة لا عودة عنه، وكل ما يشاع عن وجود قرار مغاير لدينا لا أساس له من الصحة، ونحن نقول كلمتنا ونلتزم بها».
لكن زيادة الإقبال على الصناديق تبقى محدودة لغياب المال الانتخابي الذي لو حضر لكانت المواجهة قد تغيرت بدخول مرشحين جدد إلى المنافسة، وهذا ما يقلل نسبة مشاركة المجنسين الذين يوجدون الآن بنسبة عالية في سوريا.
وفي ضوء كل هذه المعطيات، فإن الانتخابات وضعت الرئيس الحريري أمام تحدٍ يتعلق بإحداث تغيير في المزاج الشعبي، يؤدي إلى زيادة نسبة المشاركة إلى أكثر من 10 في المائة من الناخبين، خصوصاً أن التوقعات تُجمع على أن العدد الإجمالي للمقترعين قد لا يزيد على 25 ألف ناخب، إلا إذا تبدّلت الأحوال وحدثت مفاجأة بتجاوز هذا السقف، مع الإشارة إلى أن الصوت المسيحي ليس مؤثراً، فيما يبقى الصوت العلوي تحت سيطرة قرار النظام السوري الذي يتلاقى موقفه مع موقف حلفائه بمقاطعة الانتخابات، إلا إذا كانت لديه حسابات غير منظورة.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».