استمرار المعارك يضاعف مخاوف نازحي طرابلس من تفشي الأمراض الفتاكة

مخاوف من السل والحصبة وعودة داء «اللشمانيا»

TT

استمرار المعارك يضاعف مخاوف نازحي طرابلس من تفشي الأمراض الفتاكة

اشتكى مواطنون في العاصمة الليبية، أمس، من صعوبة المعيشة، ونقص المياه والمواد التموينية، بسبب تواصل المعارك التي دفعت الآلاف منهم إلى الفرار خارج محيط الاشتباكات، وذلك بعد أكثر من أسبوع على العملية العسكرية التي شنها «الجيش الوطني» لـ«تطهير» طرابلس من «الجماعات الإرهابية».
وقال حميد الورفي، وهو من منطقة عين زارة، بجنوب العاصمة، إن «هناك عملية نزوح واسعة بين مواطني البلدات الواقعة في الجنوب من شدة القصف، وتواصل إطلاق النيران»، لافتاً إلى أن أحد جيرانه فقد أحد أبنائه لعدم قدرته على الوصول إلى المستشفى.
وأضاف الورفي، الذي يعمل بشركة لبيع الملابس، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن كثيرا من محولات الكهرباء تعرضت للقصف العشوائي، ما تسبب في انقطاع التيار، ومياه الشرب، لافتاً إلى أن «تغّيب عمال شركات النظافة عن ممارسة أعمالهم اليومية، تسبب في تراكم النفايات في الطرقات وأمام المنازل. كما أن المشافي الصغيرة تفتقد إلى الإسعافات الأولية، والأمصال المضادة للعدوى».
وحذرت منظمة الصحة العالمية، في بيان أمس، من تردي الأوضاع الإنسانية في طرابلس بسبب تواصل الاقتتال، مؤكدة أن «المستلزمات الطبية بمستشفيات طرابلس تكفي لأسبوعين فقط، مما يشكل وضعاً حرجاً».
وعبرت المنظمة عن مخاوفها «من تفشي أمراض معدية بسبب المياه غير النظيفة كالسل والحصبة، ومن فرار السكان من جبهات القتال الدائر بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس»، وما قد يترتب عن ذلك من خسائر في أرواح الأبرياء، وقالت إن «لديها إمدادات طارئة تكفي المستشفيات والمنشآت الصحية هناك لنحو أسبوعين فقط».
من جهته، قال الدكتور سيد جعفر حسين، ممثل منظمة الصحة في ليبيا خلال مؤتمر صحافي بجنيف عبر الهاتف من طرابلس «بعد أسبوع من القتال لقي 75 شخصا حتفهم، وأصيب 323 شخصاً، منهم سبعة مدنيين قتلوا فيما أصيب عشرة أشخاص»، لافتاً إلى أنه حتى الآن «فر نحو ستة آلاف شخص من القتال. لكن منظمة الصحة لديها خطط طوارئ للتعامل مع نزوح الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف» في المرحلة الخطيرة من الاقتتال.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن «قرابة 500 ألف طفل يعيشون في طرابلس باتوا معرضين للخطر»، فيما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ريال لوبلان للصحافيين في جنيف، أمس، إن أكثر من 8 آلاف شخص فروا من القتال الدائر حول العاصمة، نصفهم خلال اليومين الأخيرين. مضيفا أن «حركة النزوح من المناطق التي تأثرت بالاشتباكات في محيط طرابلس تتزايد... والعديد من العائلات ما زال عالقا داخل المناطق المتأثرة بالنزاع»، مع تزايد المخاوف على سلامتها وتناقص الإمدادات.
وفي نهاية فبراير (شباط) الماضي سجلت وزارة الصحة بحكومة الـ«وفاق الوطني» خمسة آلاف حالة إصابة، على الأقل، بداء اللشمانيا خلال ستة أشهر. وفي هذا الصدد نقل أحمد القراري، مدير إدارة الأمراض المشتركة بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، أن أغلب الإصابات سجلت في المناطق الواقعة بين مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرقي طرابلس) ومدينة تاورغاء الواقعة 40 كيلومترا جنوب شرقي مصراتة، لافتا إلى أن رقم خمسة آلاف قد يكون أقل من الواقع بسبب «وجود عدد من الإصابات لم تسجل، نظرا لعدم رغبة البعض في العلاج».
ومع ارتفاع أعداد النازحين بسبب المعارك، تزايدت المخاوف من عودة وباء الكوليرا، التي سبق أن تخلصت منها ليبيا في سبعينات القرن الماضي، وقال مصدر طبي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض لـ«الشرق الأوسط» «للأسف في ظل تواصل الحرب، فإنه من المتوقع إصابة بعض المواطنين بأمراض فتاكة لأسباب عديدة، منها نقص وسائل التنظيف، وانقطاع المياه، وزيادة المياه الملوثة». لافتا إلى أن «البلاد لم تبرأ بعد من داء اللشمانيا، الذي ينقل بواسطة الذباب، ويترك تقرحات على جلد الإنسان، قابلة للتمدد في أنحاء الجسم، مما يصعب عملية التداوي، وليس هناك الاستعداد الكافي لمواجهة أي أمراض طارئة».
ونوه المصدر الطبي إلى أن كثرة نزوح الليبيين، وإقامتهم في مراكز إيواء بالمدارس وفي العراء، يسهم في نشاط هذه الأوبئة، لافتاً إلى أن هذه الأمراض المعدية، ومنها «اللشمانيا»، تنتشر بسبب الصرف الصحي، وتراكم النفايات، وسوء التغذية وعلى رأسها نقص فيتامين «أ»، فضلاً عن التغيرات المناخية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.