يتمتع التواجد الألماني في عالم الاستثمارات الدولية بالتعددية في اختيار برامج استثمارية ذات طابع يميل إلى الحذر اليوم. وفي وقت تشهد فيه الاستثمارات الألمانية تراجعاً في تدفقها نحو بورصات أميركا الشمالية، تبرز البورصات الصينية على السطح لتستقطب عدداً كبيراً من المستثمرين الألمان؛ أفراداً أو مؤسسات، بسبب الأداء الجيد الذي تتمتع به. ويتوقع خبراء المال في برلين أن يشهد هذا العام إقبالاً لافتاً للمستثمرين الألمان على البورصات الصينية، سواء عبر مبادرات تجارية فردية أو مصارف أوروبية، يتخطى التوقعات.
يقول الدكتور ألان بارنارد الخبير الألماني في البورصات الآسيوية، إن مؤشر الثقة في الصناعة الصينية كان سبباً في جعل البورصات الصينية موضع اهتمام دولياً. وفي شهر مارس (آذار) الماضي، زادت قيمة هذا المؤشر من 49.9 إلى 50.8 نقطة، لتتجاوز بالتالي توقعات المحللين، وهذا أول ارتفاع له منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018.
ويعود السبب الجوهري في ارتفاع مؤشر الثقة الصناعي الصيني إلى انتعاش حركة الصادرات بدعم من زيادة القوة الإنتاجية ونمو طلبات الشراء الخارجية، ما أعطى زخماً لكل البورصات الآسيوية. على سبيل المثال، قفز مؤشر بورصة شنغهاي 2.58 في المائة منذ مطلع العام. في حين ارتفع مؤشر بورصة شنغن 3.51 في المائة.
ويتابع: «لم يعد المستثمرون الألمان يراهنون كما في السابق على بورصات أوروبية، لأن حالياً أرباحها ضعيفة. وحتى بورصات بعض الدول الناشئة لم تعد جذابة للغاية في نظرهم. فالكبار منهم يغتنمون فرصاً معينة في بورصات معينة. ويبدو أن الصين تُعتبر موطئ قدم، ربما قد يكون مؤقتاً، لأعمالهم وأرباحهم اليوم».
وأضاف: «في الربع الأول من هذا العام، حققت بورصة شنغهاي أرباحاً بلغت 28 في المائة مقارنة ببورصة شنغن التي بلغت فيها الأرباح 40 في المائة. أما مؤشر سي إس آي 300 الصيني الذي يحتضن أكبر الشركات الصينية المدرجة في البورصات، فكان أداؤه جيداً وحقق أرباحاً أكثر من 33 في المائة. وفي الوقت الحاضر، تعجز البورصات الأوروبية عن تحقيق أرباح مثل هذه، إلا في حال اختيار مجموعة من الأسهم والسندات شديدة الخطورة التي قد تعطي المستثمرين أرباحاً خيالية لكنها، وفي الوقت ذاته، قد تحرق جميع أموالهم في يوم تداولات واحد».
ويختم قائلاً إن «ماراثون البورصات الصينية الذي فاجأ الجميع جزء من تجدد استعداد المستثمرين الدوليين لخوض مخاطر مالية محدودة بمؤازرة سياسات المصارف المركزية التوسعية التي دفعت البورصات الآسيوية إلى هندسة برامج استثمارية جريئة. علاوة على ذلك، تراهن الصين على إنهاء أو تسوية خلافها مع الولايات المتحدة الأميركية بخصوص الحرب الجمركية المستعرة منذ عدة شهور. وهذا أمر أساسي في تدخل حكومة بكين لإنعاش الأسواق بمجموعة من الحوافز المالية التي ستنعش الاقتصاد المحلي من دون شك».
في سياق متصل، تقول الخبيرة المالية غابرييل سومر، إن عاملاً حيوياً قد أضفى نوعاً من الجاذبية إلى البورصات الصينية، يتمثل في أن أسواق الصين المالية تنفتح تدريجياً على رؤوس أموال الدول الغربية، كما الألمانية، من جراء الإصلاحات التي يجري العمل عليها منذ أعوام عدة.
وفي موازاة ذلك، أصبح للصين ثقل أكبر داخل مؤشرات الأسهم الدولية، كما مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال، وهو مرجع مهم في الصناعة المالية العالمية.
وبرأي سومر، قد يكون انتعاش البورصات الصينية منوطاً جزئياً بالرهان على تعاظم تدفق رؤوس الأموال الدولية إلى الصين بفضل الانفتاح على الأسواق الدولية بصورة غير مسبوقة. ولا يشمل هذا الانتعاش أسواق الأسهم فحسب. فشركة «بلومبرغ» مثلاً قررت إضافة أذون الخزينة الصينية سوية مع أسهم حكومية أخرى إلى مؤشر «بلومبرغ» الدولي المجمع.
المستثمرون الألمان يراهنون على البورصات الصينية
المستثمرون الألمان يراهنون على البورصات الصينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة