في الأدوار الحاسمة لدوري أبطال أوروبا... غوارديولا مدرب فاشل خارج أرضه

خسارة مانشستر سيتي أمام توتنهام هوتسبير تعني عدم فوز غوارديولا في أي مباراة خارج ملعب فريقه في الدور ربع النهائي أو نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا في عشر مباريات، وهو ما يعني أن هناك مشكلة كبيرة في هذا الأمر. قبل ثمانية أعوام من الآن، تعرض المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا للطرد، وأحرز النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي هدفين، أحدهما رائع، في المباراة التي فاز فيها برشلونة على غريمه التقليدي ريال مدريد في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا. وفي ذلك الموسم، التقى برشلونة وريال مدريد أربع مرات في غضون 17 يوماً فقط، وكان هذا هو أول موسم للمدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو في إسبانيا.
وقد كان فوزاً صعباً للغاية، قد ترك أثره على غوارديولا حتى الآن، فبعد ثمانية أعوام من هذه المباراة، لم يحقق المدير الفني الإسباني أي فوز خارج ملعب فريقه في الدور ربع النهائي والدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا. ويجب الإشارة إلى أن الاعتماد على نتائج عدد من المباريات في الأدوار النهائية للبطولات الكبرى قد لا يكون مؤشراً عن الأمور بشكل صحيح، لكن عدم تحقيق غوارديولا لأي فوز خارج ملعبه في هذه الأدوار خلال ثمانية مواسم يجعل المرء يشعر بأن هناك مشكلة حقيقية، وليس مجرد مصادفة أو سوء حظ. وقد كانت خسارة مانشستر سيتي أمام توتنهام هوتسبير بهدف دون رد يوم الثلاثاء الماضي هي المرة العاشرة على التوالي التي يفشل فيها غوارديولا في تحقيق أي فوز في الدور ربع النهائي أو نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا خارج ملعب فريقه.
وكان التعادل أمام ميلان الإيطالي عندما كان غوارديولا يشغل منصب المدير الفني لبرشلونة في عام 2012، أو التعادل مع مانشستر يونايتد عندما كان يقود بايرن ميونيخ عام 2014 أمراً جيداً. ولم يكن أحد يشعر بالقلق عندما تعرض فريق غوارديولا للخسارة بهدف دون رد أمام كل من تشيلسي وريال مدريد في الجولة التالية في هذين الموسمين. لكن كان من الصعب للغاية تفسير النتائج التي حققها غوارديولا في الآونة الأخيرة، حيث خسر بايرن ميونيخ تحت قيادته بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد أمام بورتو في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا عام 2015، رغم فوزه في مباراة الإياب، كما تعادل بهدفين لمثلهما أمام بنفيكا البرتغالي في الدور ربع النهائي لموسم 2016، بعدما فاز في المباراة الأولى على ملعبه بهدف دون رد. كما خسر بايرن ميونيخ بقيادة غوارديولا بثلاثية نظيفة أمام برشلونة في موسم 2015، وخسر مانشستر سيتي أيضاً أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد» الموسم الماضي.
ويعني ذلك أنه لا يجب أن يُنظر إلى هذا الأمر ببساطة. ورغم أنه من الطبيعي أن تكون نتائج الفريق في المراحل النهائية للبطولة أسوأ من نتائجه في المراحل الأولى، لأنه يواجه أندية أفضل وأكثر قوة، لكن يبدو أن هناك نمطاً متكرراً، وربما دائماً، من غوارديولا في المباريات التي يقود فيها فريقه خارج ملعبه، وفيما يتعلق باختيار تشكيلة الفريق وعواقب ذلك على النتائج النهائية. ويجب الإشارة إلى أن أبرز نقاط القوة في غوارديولا تتمثل في دراسة كل شيء يتعلق بالمباريات وعدم ترك أي صغيرة أو كبيرة، لكن الفشل في تحقيق الفوز خارج ملعبه في تلك الأدوار المهمة في دوري أبطال أوروبا يعني أن هناك خطأ ما في هذا الأمر.
وفي عام 2015، طلب غوارديولا من لاعبيه أن يضغطوا بكل قوة على برشلونة في ملعب «كامب نو»، وهي الطريقة التي اضطر للتخلي عن تطبيقها بعد مرور 20 دقيقة فقط من عمر اللقاء. وكانت النتيجة تشير آنذاك إلى التعادل السلبي بين الفريقين، لكن الإرهاق الذي أصاب لاعبيه بسبب هذه الطريقة كان السبب الرئيسي في استقبال الفريق لثلاثة أهداف في وقت متأخر من المباراة. وخلال مواجهة ليفربول على ملعب «آنفيلد» الموسم الماضي، تسبب قرار غوارديولا بالاعتماد على غوندوغان في الخط الخلفي في إرباك فريقه بصورة كبيرة. صحيح أنه لم يكن هناك خطأ تكتيكي واضح من جانب غوارديولا أمام توتنهام هوتسبير في المباراة الأخيرة، وصحيح أن الأمر كان سيختلف تماماً لو لم يهدر النجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو ركلة الجزاء في الدقيقة 12 من عمر المباراة، لكن المشكلة لا تزال متواصلة بعد خسارة غوارديولا خارج ملعبه في الأدوار النهائية لدوري أبطال أوروبا. لكن على أية حال، يبدو أن مانشستر سيتي لا يحقق نتائج إيجابية عندما يشارك غوندوغان! وفي ظل غياب النجم البرتغالي برناردو سيلفا، لم يكن يتعين على غوارديولا أن يبقي كيفين دي بروين على مقاعد البدلاء، لكن غوارديولا فضل اللجوء إلى الخيار الأكثر تحفظاً.
وقد كانت أول خسارة يتلقاها غوارديولا في كرة القدم الإنجليزية أمام توتنهام هوتسبير على ملعب «واين هارت لين» في أكتوبر (تشرين الأول) 2016. ورغم أن مانشستر سيتي قد تغلب بسهولة على توتنهام هوتسبير في آخر ثلاث مواجهات، فإن غوارديولا كان يبدو مشغولاً بالحالة البدنية لفريق توتنهام هوتسبير. وقد دفع غوارديولا باللاعب الجزائري رياض محرز في مركز الجناح الأيمن، وهو ما يحد من الأدوار الهجومية لظهيري الجنب (دائماً ما كان المدير الفني الهولندي لويس فان غال ينتقد غوارديولا بسبب اعتماده على تقدم ظهيري الجنب دائماً على حساب النواحي الدفاعية).
وكما كان الحال أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد» في الدوري الإنجليزي الممتاز في أكتوبر الماضي، اعتمد غوارديولا على طريقة 4 - 4 - 1 - 1، وهي الطريقة التي يعتمد عليها المدير الفني الإسباني عندما يريد أن يحول المباراة إلى صراع بدني في المقام الأول. وقد يفسر هذا السبب التدخل العنيف من جانب فيرناندينيو على هاري كين. لكن على أية حال ينتابني فضول كبير لمعرفة ما إذا كانت تقنية حكم الفيديو المساعد قد توصلت إلى أن الكرة هي التي اصطدمت بكاحل هاري كين أم أن الكاحل هو الذي اصطدم بالكرة!
ويجب التأكيد على أن تحول المباراة إلى هذا الصراع البدني قد حرم مانشستر سيتي من أهم أسلحته، وهو التمرير، كما ساعد لاعبو توتنهام هوتسبير على استغلال نقاط الضعف في دفاعات مانشستر سيتي. وكان من الواضح أن فيرناندينيو كان يلعب بعدم أريحية بسبب التحرك الدائم لديلي إلى أمامه، إذ انخفض معدل تمريراته الصحيحة إلى 75.6 في المائة فقط، مقابل 87.8 في المائة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. وقد اعتمد المدير الفني لتوتنهام هوتسبير، ماوريسيو بوكيتينو، على لاعبين اثنين على أطراف الملعب من أجل منع ظهيري مانشستر سيتي من التقدم. وفي نهاية المطاف، نجحت هذه الخطة، حيث استغل سون هيون مين المساحات الخالية خلف فابيان ديلف، قبل أن يسجل هدف اللقاء الوحيد. وبالتالي، يمكن القول إن بوكيتينو قد تفوق في النواحي الخططية والتكتيكية. ولا تزال هناك مباراة أخرى بين الفريقين بعد أيام، لكن عدم تحقيق الفوز في عشر مباريات بالخارج في الدور ربع النهائي ونصف النهائي لدوري أبطال أوروبا يُعد أمراً مثيراً للقلق بالنسبة لغوارديولا.
ورغم الخسارة المفاجئة في ضيافة توتنهام هوتسبير احتفظ غوارديولا بهدوئه. وخسر سيتي مرة واحدة في آخر 23 مباراة في كل المسابقات في مسيرة دفعته لحصد لقب كأس رابطة الأندية الإنجليزية والوصول إلى نهائي كأس إنجلترا، وتبادل مستمر لصدارة الدوري الممتاز مع ليفربول، في صراع مثير على اللقب.
ولا يزال من الممكن حصد رباعية من الألقاب لكن سيتي سيكون مُطالَباً ببذل كثير من الجهد لمواصلة المشوار الأوروبي، في ظل أنه لم يحول هزيمته في أي مباراة ذهاب أوروبية خارج أرضه إلى تأهل منذ 1971.
وقال غوارديولا إنه لا يشعر بأن فريقه قدم أداء متواضعاً في هذه المباراة رغم الهزيمة، مشيراً إلى أن الفريق «سيطر» على اللقاء. وأضاف: «عندما لا نلعب جيداً، أعترف بهذا، ولكن لا يراودني هذا الشعور بعد هذه المباراة». واعتبر غوارديولا أن الهزيمة في هذه المباراة ليست بنفس سوء الهزيمة التي مُني بها الفريق أمام ليفربول بالبطولة نفسها في الموسم الماضي.
وقال غوارديولا: «الهزيمة في الموسم الماضي كانت أسوأ كثيراً. باستثناء بعض الفترات، سيطرنا على مجريات اللعب في المباراة وقدمنا أداء جيداً للغاية. كنت أتمنى أن نسجل هدفاً، ولكن هذا ما حدث».