«مغادرة»... يرفع الستار عن مشاهد من الحياة في المجتمعات الإسلامية قديماً

أكثر من 300 صورة فوتوغرافية وبطاقات بريدية في معرض لندني

الحرم النبوي بالمدينة المنورة
الحرم النبوي بالمدينة المنورة
TT

«مغادرة»... يرفع الستار عن مشاهد من الحياة في المجتمعات الإسلامية قديماً

الحرم النبوي بالمدينة المنورة
الحرم النبوي بالمدينة المنورة

في قاعة صغيرة ببناية «آسيا هاوس» بوسط لندن تقبع مفاجأة ممتعة تفتح الأبواب على عوالم لم نعرفها وثقافات وأناس لم نرهم من قبل ولكننا نشترك معهم في أشياء كثيرة، في التاريخ والثقافة والفنون، كل ذلك عبر معرض يحمل عنوان «مغادرة» ويقدم لنا أكثر من 300 لقطة فوتوغرافية لعوالم ومجتمعات ذهبت.
أول ما يطالعنا في المعرض خريطة تاريخية ضخمة للعالم، وعلى كل بلد وضعت صور فوتوغرافية ترتبط به، من روسيا لأفغانستان للبوسنة للقاهرة وبيروت وصنعاء وتونس وغيرها. الخريطة تجمع بين كل تلك الثقافات والأشخاص واللغات وتدفعنا للنظر في الصور المختلفة المعلقة حولنا وهي قليلة العدد ولكنها فريدة من نوعها.
على حائط منفصل نرى مجموعة أخرى من الصور التاريخية تعود للقرنين التاسع عشر والعشرين، تعبر الصور فيما بينها ثلاثة قرون نشاهد من خلالها أسواقا في مدن مثل القاهرة وإسطنبول ودمشق وحلب وغيرها، صور يهدف من خلالها منظمو المعرض تغيير الانطباعات السائدة عن العالم الإسلامي والتي أصبحت تقترن بالحروب والانقسام والفتن.
المعرض نظمته مؤسسة «بركات» مع آسيا هاوس وقام بتنسيقه طارق علي رضا وريتشارد وايلدنغ، الذي تحدثت معه الشرق الأوسط.
يقول وايلدنغ بأن المعرض يستكشف مواضيع مختلفة مثل عمل الحرفيين والحج والتجارة في الأسواق وقوافل الجمال... في جملة يختصر كل ذلك بأنه «استكشاف لتاريخ العالم الإسلامي في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن الـ19 وصولا للقرن العشرين». من النقاط الهامة التي يثيرها هي أن تلك الصور تعبر عن مجتمعات لها شخصية واضحة متنوعة وثرية: «إذا رأينا صورة لأحد الأشخاص من ذلك الزمن وهو يرتدي زيا تقليديا، نستطيع أن نعرف من أي المناطق هو، بينما الآن أصبح هناك تماثل كبير جدا وهو نتاج التقدم الحديث».
أسأله عن الصور ومصدرها، ويقول بأنها من مقتنيات منسق المعرض المشارك وهو طارق علي رضا ويضيف: «طارق قام بتكوين مجموعته للصور عبر أكثر من 30 عاما، بعضها في شكل بطاقات بريدية وبعضها الآخر من الصور الفوتوغرافية الأصلية». أثناء الإعداد للمعرض قام وايلدنغ وعلي رضا بالاختيار من بين آلاف الصور حتى استقر الاختيار على 300 صورة تقرر أن يتم مسحها ضوئيا لتنسق في صورة شريط سينمائي متتابع، أما الصور الأخرى فبعضها تم تعليقه منفصلا على خريطة العالم القديم التاريخية وتم وضع الصور كل حسب البلد الذي تتبعه، ثم تم تعليق 30 من البطاقات البريدية التي تم تلوينها باليد على الحائط.
أسأله لماذا وقع الاختيار على كلمة «مغادرة» كعنوان للمعرض؟ فهي تدل على ترك المكان بينما كلمة «وصول قد تفيد المعنى هنا» يقول بأن مغادرة ترجع لبداية رحلة السفر.
بالنسبة لي يأتي عنوان المعرض «مغادرة» ليعبر عن عين المسافر التي توقفت عند مشاهد من الحياة اليومية في تلك البلدان ثم سجلتها عبر الكاميرا. هذه الصور هي نتاج الترحال والحب المعرفة والفضول وتدين لوسائل المواصلات الحديثة واختراع الكاميرا التي سهلت التقاطها.
يستعين المعرض بوسيلة بسيطة جدا ليرفع ستائر التاريخ عن ذلك العالم الشديد الثراء، وذلك عبر شريط سينمائي جمع بين مئات الصور التي تتلو بعضها دون تعليق أو مؤثرات من أي نوع. فقط الصور وهؤلاء الأشخاص المنشغلون في أمور حياتهم. مع تتابع الصور تتضح بعض الموضوعات مثل الأسواق الشعبية وورش الحرفيين والمساجد والرحلات المغادرة للحج أو العائدة منه.
هناك لمحات لحياة النساء في تلك الأزمان، لقطات مدهشة بالفعل، نرى من خلالها نساء يتجملن في أوزبكستان أو يعملن في نسيج السجاد في تركيا أو يركبن على متن الهوادج ليتهادين على الجمال المنطلقة في رحلة ما. من اللقطات الفريدة تأتي من مصر لنرى فيها فرقة غنائية من الرجال والنساء، صورة أخرى لامرأة تغني ورجل يمسك بالطار ليرافقها بالإيقاع، من هن؟ لا أحد يعرف ولكنهن كن هناك وبقيت منهن لقطات فوتوغرافية نقلت عالمهن لنا في القرن الواحد والعشرين.
هناك صور للأسواق الشعبية مثل سوق السجاد أو سوق الماشية أو سوق القمح في المغرب ومصر والقدس كما نرى صورا للاحتفالات في الشوارع في طنجة المغربية وفي طهران بمناسبة عيد الفطر. أما البائعون المتجولون فنرى لقطات لبائع كتب في اليمن وباعة عصير الليمون في القدس وبيروت وعصير القصب القاهرة.
الشريط السينمائي طويل ولكنه يغمر المتفرج بالمشاهد المختلفة لا شك أن أهمها الانبهار والحنين، ربما لمعالم معمارية جميلة التصاميم مثل صور لمبانٍ قديمة في مدن الجزيرة العربية مثل جدة والمدينة المنورة والقاهرة.
وسائل النقل في ذلك الوقت لها نصيب أيضا في رحلتنا البصرية، فهنا أكثر من صورة لقطارات سكة حديد الحجاز، وصور لمحطة القطارات في دمشق وصورة للقطار وهو منطلق في طريقه عبر مدينة درعا السورية، هناك أيضا صور من داخل عربة الدرجة الثالثة في القطار.
الحج وتقاليد الاحتفال به هناك، نرى المحمل وقوافل الحج وهي في الصحراء، نرى أيضا موكب الحج وهو يغادر مدينة جدة عبر بوابة مكة، نرى صورا أيضا لبيت في القدس وقد زينت الجدران حول بابه بالرسومات الجميلة احتفالا بعودة صاحب البيت من رحلة الحج.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.